موقعه الاستراتيجي في التجارة العالمية.
ساهم بحر العرب في تشكيل طرق التجارة البحرية منذ عصور مبكرة، خاصة خلال فترة طريق الحرير. ربط المسار القديم بين حضارة بلاد ما بين النهرين ووادي السند، وفتح الباب لتبادل السلع والثقافات بين آسيا وأفريقيا وأوروبا. في العصور الوسطى، ساعدت الرياح الموسمية الملاحة، فأصبح البحر نقطة وصل رئيسية للتجار العرب والرومان. لاحقاً، تنافست الإمبراطوريات الأوروبية، وخاصة البرتغال، للسيطرة عليه خلال عصر الاستكشاف عبر إنشاء حصون بحرية.
تزداد اليوم أهمية بحر العرب الاقتصادية والجيوسياسية، إذ تمر عبره نحو 50 % من إمدادات النفط العالمية من الخليج العربي إلى بقية العالم، عبر ممرات حيوية مثل مضيق هرمز وباب المندب. يشهد البحر نشاطاً كبيراً في صيد الأسماك، ما يعكس قيمته الاقتصادية للدول الساحلية كالهند وباكستان وعُمان. أدت هذه الأهمية إلى تحوّل البحر إلى مسرح لمصالح أمنية عالمية، ودفعت عدداً من القوى الدولية إلى تعزيز وجودها البحري فيه لمكافحة القرصنة وحماية الملاحة والتجارة.
تعكس التنافسات على بحر العرب ديناميكيات جيوسياسية معقدة. للولايات المتحدة وجود بارز من خلال الأسطول الخامس، وتسعى الصين لترسيخ نفوذها عبر ميناء جوادر الباكستاني ضمن مبادرة الحزام والطريق. تعمل الهند على تعزيز مكانتها عبر تطوير بنيتها البحرية والتعاون مع شركاء دوليين. إلى جانبها، تحتفظ دول مثل فرنسا والمملكة المتحدة بحضور في المنطقة ضمن مهمات أمنية مشتركة.
يتجلى التعاون الدولي حول بحر العرب من خلال منظمات كرابطة حافة المحيط الهندي (IORA) ومجلس التعاون الخليجي (GCC)، اللتين تدعمان التنمية المستدامة والأمن الإقليمي. تنظم أيضاً مناورات بحرية مشتركة لتعزيز الأمن البحري وردع القرصنة، وترسيخ استقرار الممرات الملاحية.
يبقى بحر العرب جسراً للتبادل الثقافي والاقتصادي والتحالفي، من حضارات التاريخ القديم حتى النزاعات الحديثة، ويحتفظ بدور مركزي في الأمن والتجارة والدبلوماسية على مستوى العالم.