وإعادة استخدام المباني، قد ينخفض الطلب العالمي على الإسمنت خلال العقود المقبلة، وهو ما يعزز التحول نحو البناء المستدام وتقليل البصمة الكربونية.
في عام 2022، بلغ الإنتاج العالمي من الإسمنت 4.1 مليار طن، ويُنتج عبر عملية كثيفة للطاقة تطلق كميات هائلة من الكربون، خاصة في مرحلة حرق الكلنكر. إلى جانب انبعاثات الغازات الدفيئة، تؤدي صناعة الإسمنت إلى استنزاف الموارد الطبيعية، واستهلاك كبير للمياه، وانبعاثات ملوثات. هذه الآثار البيئية دفعت باتجاه البحث عن بدائل وتقنيات تصنيع أكثر نظافة.
تُعد الصين أكبر منتج ومستهلك للإسمنت، حيث ساهم نموها العمراني والاستهلاك الهائل في قيادة السوق لعقود. لكن مع الوصول إلى ذروة مشاريع البنية التحتية وتباطؤ النمو السكاني، يُتوقع انخفاض في الطلب، مما قد يخفض استهلاك الطاقة ويُساهم في خفض انبعاثات الصين البيئية، وتحقيق تقدم نحو الأهداف المناخية.
نظراً لأن الصين تمثل نحو 55٪ من الطلب العالمي، فإن أي تراجع لديها سينعكس عالمياً، ما يقلّص مستويات الكربون الناتجة عن التصنيع، ويُسهم في التخفيف من تغير المناخ. وقد يترافق ذلك مع فوائد إضافية تتعلق بتقليل التلوث الهوائي واستهلاك الموارد الطبيعية.
تشهد صناعة البناء اتجاهاً متنامياً نحو بدائل صديقة للبيئة. من أبرز هذه البدائل الخشب الرقائقي المتقاطع (CLT)، الذي يوفّر مرونة هيكلية وعزل كربوني جيد. تم اعتماده بشكل متزايد في دول مثل كندا ودول الشمال، كخيار مستدام للخرسانة. كما يُعد إعادة الاستخدام التكيفي للمباني استراتيجية فعالة تحد من الحاجة إلى مواد جديدة، وتقلل الانبعاثات والنفايات.
تسعى صناعة الإسمنت إلى تبني تقنيات أكثر نظافة، مثل تقليل الاعتماد على الكلنكر عن طريق إدخال بدائل مثل الرماد المتطاير والخبث، واستخدام الوقود البديل، واحتجاز وتخزين الكربون. كما يُجرى تطوير "الإسمنت الحيوي"، الذي يعتمد على البكتيريا لتقليل الانبعاثات، رغم أنه لا يزال في مراحل أولية.
في ظل تراجع الطلب، خاصة في الصين، قد نشهد تحولاً عالمياً حقيقياً في قطاع البناء، تقوده مواد بديلة مثل CLT، وإعادة استخدام المباني، ما يمهد الطريق نحو مستقبل أكثر استدامة. ورغم جهود قطاع الإسمنت، فإن التحول الجذري في مواد وتقنيات البناء يظل الخيار الأكثر نجاعة لتحقيق أهداف الاستدامة البيئية.