في أعالي الهضاب البوليفية، وعلى ارتفاع يزيد عن 3600 متر فوق سطح البحر، تمتدّ سالار دي أويوني على مساحة تفوق 10,000 كيلومتر مربع، لتشكّل أكبر مسطّح ملحي في العالم. هذه الأعجوبة الطبيعية ليست مجرد صحراء بيضاء لامعة، بل هي تجربة بصرية وروحية تضع المسافر أمام لوحة من الصفاء والانبهار. سواء أكنت من هواة التصوير، الباحثين عن الهدوء، أو محبي المغامرة، فإن سالا دي أويوني تمنحك مشاهد لا تضاهيها منطقة أخرى على وجه الأرض.
عرض النقاط الرئيسية
تقع بلدة أويوني الصغيرة في جنوب غرب بوليفيا، وهي المدخل الرئيسي لصحراء الملح الشهيرة. ورغم حجمها المتواضع، تشهد أويوني حركة نشطة من المسافرين القادمين من مختلف أنحاء العالم، إما برًا عبر الحافلات من لاباز أو بوتوسي، أو جوًا عبر الرحلات الداخلية.
قراءة مقترحة
وتُعد البلدة نقطة انطلاق الرحلات الاستكشافية إلى سالار دي أويوني، حيث تتوفر خيارات متعددة تشمل الجولات اليومية أو الرحلات الممتدة على يومين أو ثلاثة، تشمل زيارة المناطق المجاورة مثل صحراء سوري، البحيرات الملونة، وينابيع المياه الحارة.
ما يجعل سالار دي أويوني استثنائية هو الاتساع اللامحدود للملح الذي يكسو الأرض على شكل مربعات سداسية طبيعية، تبدو وكأنها مشغولة بعناية من قبل فنان خيالي. وعند تساقط الأمطار، يتحول المكان إلى مرآة ضخمة تعكس السماء والغيوم، ما يخلق إحساسًا بالمشي فوق السماء نفسها. هذه الظاهرة الطبيعية تجذب المصورين من كل مكان لالتقاط صور تعكس السحر الكوني لهذا المشهد الفريد.
وتُعد الأشهر من يناير إلى مارس الأفضل لمشاهدة هذا "التأثير المرآوي"، بينما يُفضل السفر بين مايو وأكتوبر لمن يريد اكتشاف ملامح التضاريس بوضوح والاستمتاع بأجواء أكثر جفافًا.
تقع هذه الجزيرة الصخرية في قلب المسطّح الملحي، وتضمّ مجموعة من نباتات الصبار العملاقة التي تعود لآلاف السنين. من أعلى نقطة فيها، يمكنك الاستمتاع بإطلالة بانورامية تخطف الأنفاس على السهول البيضاء الممتدة حتى الأفق.
يستغل الزوار الخلفية البيضاء الخالية من المعالم لإنشاء صور بصرية مضللة تُظهر الأشخاص بحجم مصغر أو عملاق بفضل وهم المنظور. إنها فرصة ذهبية لمحبي الصور الطريفة والمبتكرة.
في حافة الصحراء، توجد فنادق مبنية بالكامل من كتل الملح، من الجدران حتى الأسرة والطاولات. تجربة المبيت هنا تجمع بين الطرافة والتميز، وتمنح إحساسًا فريدًا بالقرب من قلب الطبيعة.
تُعتبر سالا دي أويوني واحدة من أفضل الأماكن في العالم لرصد النجوم بسبب صفاء السماء وانعدام التلوث الضوئي. مشهد درب التبانة وهو يتقاطع مع سطح الملح المتلألئ يجعل من الليل تجربة شاعرية لا مثيل لها.
لا تنتهي الرحلة عند حدود سالار دي أويوني، إذ يمكن للزوار التوسّع جنوبًا نحو المحمية الوطنية "إدواردو أفاروا"، التي تضمّ مشاهد طبيعية مذهلة مثل:
رغم قسوة البيئة، تعيش مجتمعات محلية بالقرب من سالار دي أويوني، يعمل بعضها في استخراج الملح أو في الإرشاد السياحي. ويمكن للمسافر أن يتعرّف على نمط الحياة البسيط في هذه القرى، حيث يتمسك السكان بعاداتهم وتقاليدهم التي تعود لقرون.
كما يمكن زيارة مقبرة القطارات قرب بلدة أويوني، وهي موقع فريد يحتوي على هياكل صدئة لقطارات بخارية تعود للقرن التاسع عشر، تُركت في الصحراء وأصبحت اليوم موقعًا سياحيًا وتصويريًا شهيرًا.
إن سالار دي أويوني ليست مجرد وجهة طبيعية، بل هي مساحة تتجاوز المنطق، حيث تلتقي الأرض بالسماء في تناغم نادر، ويجد الزائر نفسه محاطًا بعالم من السكون والجمال البصري. إنها رحلة إلى عمق الجغرافيا والوجدان، وتجربة تغذي الحواس وتوقظ الإحساس بالدهشة.
في قلب أمريكا الجنوبية، تنتظر سالار دي أويوني زائرًا يفتح قلبه للمجهول ويترك لنفسه فرصة الاستكشاف. من صحراء الملح الشاسعة إلى السماء التي تنعكس على سطح الأرض، من صمت الطبيعة إلى صوت الريح في الهضاب، كل لحظة في أويوني بوليفيا هي دعوة للتأمل والمغامرة. وإن كنت تخطط لرحلة مختلفة حقًا، فالسفر إلى بوليفيا سيكون محطةً تفيض بالروعة.
