تونس العاصمة، المدينة التي تنبض بالحياة والتاريخ، تحتضن بين جدرانها القديمة واحدة من أجمل التجارب التي يمكن أن يعيشها الزائر: سوق المدينة العتيقة. إنه ليس مجرد سوق، بل عالم متكامل ينقلك إلى عصور مضت، حيث تفوح رائحة التوابل، وتلمع المصنوعات اليدوية تحت ضوء الشمس، وتتعالى أصوات الباعة بلهجتهم التونسية الدافئة. لمحبي الرحلات والسفر، لا تكتمل زيارة تونس دون التوغل في دهاليز هذا السوق، الذي يعد من أبرز معالم الأسواق في تونس العاصمة وأكثرها حيوية وأصالة.
عرض النقاط الرئيسية
يقع سوق المدينة العتيقة داخل أسوار المدينة القديمة في قلب العاصمة، على مقربة من جامع الزيتونة، أقدم مساجد البلاد. تأسست هذه الأسواق منذ القرون الوسطى، وكان لكل شارع أو "نهج" تخصصه، مثل سوق العطارين للعطور والتوابل، وسوق القماش، وسوق الذهب، وسوق البلاغجية لصناعة الأحذية التقليدية.
قراءة مقترحة
التجول داخل السوق هو بمثابة رحلة عبر الزمن، حيث المباني ذات الطابع المعماري الأندلسي والمملوكي تتجاور مع المحلات الصغيرة المتراصة، والتي لا تزال تحتفظ بروحها الأصلية رغم مرور القرون.
من أبرز ما يميز التسوق التقليدي في تونس هو تنوع المنتجات والحرف اليدوية المعروضة. فكل زائر يمكنه أن يجد ما يناسب ذوقه وميزانيته، من السلع البسيطة وحتى القطع النادرة:
يعد هذا السوق من أقدم الأسواق المتخصصة في صناعة وبيع "البلغة"، وهي الأحذية الجلدية التقليدية التي يلبسها الرجال والنساء في تونس. تتميز البلغة بتصميمها البسيط والعملي، وتصنع يدويًا بالكامل، ما يجعلها قطعة فنية حقيقية.
يقع بالقرب من جامع الزيتونة، ويعد من أكثر الأسواق عراقةً وسحرًا. يعج هذا السوق بروائح العنبر والمسك والورد والياسمين، وتجد فيه مستحضرات العناية بالبشرة، الزيوت العطرية، وخليط الأعشاب التي تستعمل لأغراض علاجية أو تجميلية.
متخصص في بيع الذهب والمجوهرات، ويشتهر بتصاميمه التقليدية التي تجذب العرائس والسياح على حد سواء. يروي السوق قصة تاريخية، حيث كان في السابق مركزًا لبيع العبيد في العهد العثماني، قبل أن يتحول إلى سوق للمجوهرات بعد إلغاء العبودية.
زيارة سوق المدينة العتيقة ليست مجرد نشاط تسوقي، بل فرصة فريدة للتفاعل مع السكان المحليين. الباعة هنا لا يبيعون فقط، بل يروون قصصهم، ويفتخرون بمنتجاتهم، ويدعونك لتجربة ضيافة تونسية أصيلة.
لا يمكن نسيان تلك اللحظة التي يقدم فيها صاحب محل صغير كوبًا من الشاي بالنعناع كدعوة لمشاهدة بضاعته. إنها لحظات إنسانية تضيف عمقًا لتجربة السفر.
إذا كنت تنوي زيارة سوق المدينة العتيقة خلال رحلتك إلى تونس، فإليك بعض النصائح للاستمتاع بتجربة مثالية:
عند الحديث عن السياحة في تونس، غالبًا ما تتصدر المدينة العتيقة في العاصمة قائمة الأماكن التي يجب زيارتها. فهي ليست فقط وجهة للتسوق، بل هي بوابة لفهم عمق الثقافة التونسية، والتاريخ العريق الذي تشهد عليه جدرانها وسقوفها المزخرفة.
بعد الانتهاء من الجولة في السوق، يمكن التوجه إلى المعالم القريبة مثل جامع الزيتونة، دار حسين، أو حتى قصر دار بن عبد الله الذي تحول إلى متحف للفنون الشعبية. كل زاوية من المدينة العتيقة تخبئ قصة، وكل مبنى يحمل بصمة من حضارات مرت من هنا: الأندلسيون، العثمانيون، وحتى الاستعمار الفرنسي.
رغم حداثة العاصمة خارج الأسوار، فإن المدينة العتيقة لا تزال صامدة، محافظة على طابعها التقليدي وسط محيط حضري متغير. وقد شهدت السنوات الأخيرة جهودًا كبيرة من قبل منظمات حماية التراث لترميم السوق وتحديث مرافقه دون المساس بروحه الأصلية.
كذلك بدأ بعض الشباب التونسيين في افتتاح مشاريع جديدة داخل السوق، مثل مقاهي صغيرة ومعارض حرفية تدمج بين التقليدي والحديث، ما جعل من السوق وجهة محببة ليس فقط للسياح، بل أيضًا للتونسيين الباحثين عن الهدوء والأصالة.
لأنها ببساطة أكثر من مجرد وجهة تسوق. إنها رحلة عبر الزمن، لقاء مباشر مع التقاليد الحية، ومكان يوقظ فيك حس الاكتشاف والمتعة في كل خطوة.
سوق المدينة العتيقة هو القلب النابض لـ الأسواق في تونس العاصمة، يجمع بين التاريخ والتجارة، وبين الحداثة والتراث. فكل حجر فيه يشهد على قرون من التفاعل الثقافي والتجاري، وكل ركن يروي حكاية من حكايات تونس.
هل تفكر في زيارة تونس؟ اجعل من سوق المدينة العتيقة أولى محطاتك، لتعيش تجربة أصيلة من التسوق التقليدي في تونس، وتتذوق روح البلاد قبل أي شيء آخر.