قسنطينة مدينة الجسور المعلقة بالجزائر

إذ كنت من المنبهرين بجمال المدينة العائمة فينيسيا بإيطاليا فأنك حتما ستقع في عشق مدينة قسنطينة. قسنطينة مدينة بعبق حضارات تعود لأكثر من 2500 سنة لذا هي نسيج تاريخي ترجع بعض أنقادها لعصور ما قبل التاريخ. أسس المدينة التجار الفينيقيين بعدها أصبحت عاصمة للبربر ثم مدينة رومانية وبعدها دخل الإسلام ثم الحكم العثماني، وبعده الاحتلال الفرنسي، والآن هي مدينة عربية أصيلة. مدينة قسنطينة تعد بانوراما تاريخية، وهي مبنية بالكامل على جرف صخري، ويشقها وادي الرمال لقسمين، لذلك يوجد استحالة للتنقل داخلها مشيًا لذا تم تشييد جسور معلقة لتربط جنبات المدينة.

اشتهرت مدينة قسنطينة بالعديد من الأسماء مثل "مدينة الصخر العتيق" حيث تقف المدينة بالكامل على الصخر. سميت أيضًا "مدينة الجسور المعلقة" أو "المدينة المعلقة"، حيث تربط جوانبها جسورًا، عند النظر إليها ستشعر أنها معلقة في السماء. أنه منظر نادر لن تراه في أي مكانا آخر في العالم. كذلك سماها الشعراء "مدينة الهواء والهوا" ويرجع ذلك لجوها اللطيف طوال العام، ورقة طباع أهلها وانتشار غطاء أخضر من بساتين وأشجار على أرضها، مما ينقي هواها ويبعث شعور ملهم في نفس زوارها. وأسمها الحديث "قسنطينة أو قسطنطينية الجزائر" مستمد من أسمي الإمبراطور الروماني قسطنطين الذي أعاد بناء المدينة بعد أن هدمها البيزنطيين.

مدينة قسنطينة ذات طابع ثقافي وديني لتوافد حضارات وديانات مختلفة على أرضها، لذلك نالت بلا منازع لقب عاصمة الثقافة العربية عام 2015، وتضمن الاحتفال باختيارها فاعليات وتظاهرات ثقافية عدة. المدينة تبعث في أهلها الشعور بالفخر والاعتزاز لمكانتها بين مدن العالم الأخرى لذا يرحب أهلها الذين تخطوا المليون بالزائرين من كل دول العالم ليشاركوا بفخر سحر مدينتهم.

الجسور المعلقة في مدينة قسنطينة

تم بناء 8 جسور في أزمنة متعددة لتسهيل التنقل على الجزيرة والوقوف فوق تلك الجسور يعطيك منظر بانورامي للمدينة لتتمتع برؤية معالمها. جسر سيدي مسيد صرح يداعب السماء شيده الفرنسيون وهو الأعلى بارتفاع 175 مترا. أما جسر سيدي راشد فهو على اسم أحد الأولياء وضريحه تحت الجسر.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

أقدم الجسور بالمدينة هو جسر باب القنطرة وبناه الأتراك وباقي الجسور تعد صغيرة، مثل جسر الشيطان الذي يربط ضفتي وادي الرمال ومنه يمكنك مشاهدة الوادي. والأبهى بين الجسور هو جسر الشلالات والذي تكون مياه وادي الرمال شلالات تحته. لوفرة المياه بوادي الرمال يوجد مشروع مقترح لتنقيتها حتى تتحول لأحواض سمك ضخمة. أما إذ فكرت في المشي على أحد الجسور لتخوض تجربة مشاهدة المناظر التي تحبس الأنفاس فجسر المصعد هو اختيارك فهو جسر حديدي مشيد للمشاة فقط يمكنك المشي عليه والتمتع بمنظر المدينة اللافت.

المعالم التاريخية والتراثية في مدينة قسنطينة

الصورة عبر pixabay

تقف مدينة قسنطينة بالجزائر على معالم تاريخية بانورامية تحدت الزمن مثل قبور المدينة من العصر الحجري والأقواس الرومانية وقصر الباي من القرن ال 19 ذو العمارة الإسلامية الباهرة. أما من بقايا الاحتلال لا يزال يوجد محطة القطار والمسرح الفرنسي وكلاها مبني بعمارة فرنسية مميزة.

أطيب التمنيات

تتميز المدينة أيضًا بعمارة مساجدها ومن الأبرز مسجد الأمير عبد القادر وهو أكبر مساجد شمال أفريقيا بمنارتيه اللتان تخاطبان السحاب بارتفاعهما الذي يبلغ 107 أمتار. عمارة المسجد أندلسية وهو خليط من إبداع معماريين جزائريين ومغاربة ومصريين ويسع 15 ألف مصل. عمارة المدينة المتنوعة حقًا إرث معنوي وجمالي ويعتبر شاهد علي كل من مروا عليها وأسهموا في بنائها.

وجزء لا يتجزأ من تراث مدينة قسنطينة هو أسواق الحرف. عند زيارة المدينة ستلاحظ انتشار أسواق متخصصة على أراضيها فهناك سوق الغزل وفيه منتجات مطرزة بخيوط الذهب، وسوق الحدادين لشهرتها بالنحاسيات وسوق الجزارين وغيرهم من الأسواق المتخصصة. كلاً منها يتناول سلعة أو حرفة واحدة.

تشتهر مدينة قسنطينة بأنها مدينة العلماء والمفكرين حيث ينتمي لها العديد من العلماء والمفكرين والأدباء منهم أحلام مستنغماني الروائية الجزائرية الشهيرة والتي نالت جائزة نجيب محفوظ وهي جائزة أدبية تمنح للرواية الحديثة. لا يصعب تخيل هذا عند رؤية سحر المدينة التي تعانق السحاب أن الحياة على أرضها هو مهد للإبداع والتأمل ولا ننسي شهرة المدينة بالموسيقى الأندلسية.

المزيد من المقالات