قوة الدش السرية: إطلاق العنان لأفكارك الأكثر إبداعًا

أنت عالق في مشكلة ولا يبدو أنك قادر على إيجاد حلّ لها، لذلك قررت الاستحمامَ لمنح نفسك فترة من الراحة. أثناء قيامك بالاستحمام في الحمام، تخطر ببالك فكرةٌ مفاجئة قد تنجح!

يبدو هذا الأمرُ مألوفاً؟

لا تنشأ كلُّ الأفكار الرائعة بعد أن تقوم مجموعةٌ من العلماء بتحطيم أدمغتها لساعات متواصلة، إذ أن بعض هذه الأفكار تظهر في أحواض الاستحمام. لقد توصل أرخميدس إلى قانون الضغط الهيدروستاتيكي (المعروف أيضًا باسم مبدأ أرخميدس) أثناء الاستحمام.

ولكن ما الذي يُفسِّر قوّةَ غِطاسات الدش هذه؟ لماذا يثير فعلُ الاستحمام العادي عصيرَ الإبداع في أدمغتنا؟

كيف يأتي الدماغ بالأفكار

لا توجد قواعدُ مُحدَّدةٌ للإبداع، لكن الفنانين والمفكرين غالبًا ما يُحدّدون عملية مماثلة. لنفترض أن لديك مقالًا جامعيًا للعمل عليه. يمكنك البدء بالتعرف على المادة والبحث في البيانات المتوفرة. ومن خلال القيام بذلك، فإنك تدخل مرحلةَ الإعداد، حيث تقوم بتجميع المعلومات ذات الصلة معًا. الخطوة التالية هي المرحلة التي يحتضن فيها عقلُك الفكرةَ، وينقعها، ويمضغها، ويفكّر فيها. يقومُ دماغُك بإجراءِ اتصالات بين المعلومات التي جمعتها.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

كل هذا يحدث بينما لا تفكر فيه بوعي، ربّما أثناء قيامك بالأعمال المنزلية. في اللحظة التي تتصل فيها جميعُ النقاط الصحيحة ببعضها البعض، يأتي الإلهام. تنقلك لحظةُ اكتشافِك إلى مرحلة الإنتاج، حيث يمكنك تدوينُ أفكارك وتحقيقها.

قد يختلف جوهرُ العملية الإبداعية باختلاف أنواع الإبداع، بدءًا من كتابةِ روايةٍ وانتهاءً بالتحقيق في اكتشاف علمي مروراً بطيفٍ واسعٍ من الإبداعات، لكن المبادئ الأساسية تظل كما هي عبر الطيف.

الدماغ المرتاح هو دماغ مُنتِج

الصورة عبر unsplash

عندما يتجول عقلك في أفكاره، يصبح الدماغُ حرًا في العمل بطريقة غير خاضعة للرقابة. تعمل القشرة الارتباطية للدماغ بنشاط على إقامة روابط بين الأفكار المختلفة. هنا، تتصادم الأفكارُ معًا حتى تتّحدَ مجموعةٌ مختارة لتُشكِّلَ المزيج المثالي. تتجلى الفكرةُ نتيجةً لهذا الاتّحاد من الأفكار العشوائية التي تطفو بينما يتجول عقلك بحرية.

أطيب التمنيات

في إحدى الدراسات، تمّ إعطاءُ المشاركين اختبارَ الإبداع، المعروف باسم اختبار الاستخدامات غير العادية (UUT)، وطُلب منهم التفكير في طرق جديدة لاستخدام أشياء عادية مثل مشابك الورق أو الطوب أو الأحذية. بين الجولتين الأولى والثانية من الـ UUT، كان المشاركون منخرطين في مهمةٍ غيرِ مُتطلِّبة من شأنها أن تسمح لعقولهم بالتجول أو في مهمة شاقة تتطلب منهم التركيز، أو كانوا ببساطة يستريحون. كان على بعض المشاركين بدُء الجولة الثانية من الـ UUT دون أي راحة.

ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين انخرطوا في أحلام اليقظة أثناء قيامهم بالمهمة المتساهلة كان أداؤهم أفضل بكثير من المجموعات الأخرى.

الدش: حاضنة الأفكار

الصورة عبر unsplash

يعمل الاستحمامُ بمثابة إلهاء، ممّا يسمح لك بالتوقف عن التركيز على مشكلة معينة. يتمّ تمكينُ عقلك الباطن للعمل بجدّ من أجل التوصّل إلى أساليب وأفكار مختلفة، والقفز في الحمام يريح عقلك، ممّا يسمح للدماغ بالدخول في مرحلة الحضانة.

إذا كان العقل المتجول هو السر وراء الأفكار الرائعة، فلماذا لا نأتي بأفكار عظيمة أثناء جلوسنا في محاضرة مُملّة في الكلية؟

يُعَدّ الحمّامُ مكانًا مثاليًا للحصول على بعض "الوقت الخاص بي". في بعض الأحيان، يبدو الاستحمام وكأنه دخولٌ إلى بُعْدٍ بديل، أو على الأقل إلهاءٌ مريحٌ قصيرُ الأمد عن المشاكل المطروحة، فعندما تسيل قطراتُ الماء على جسمك، فإنك تنفصل مؤقتًا عن العالم الخارجي. إن الاستحمامَ هو بطاقةُ هروبٍ لعقلك من التوتّر اليومي.

"المادة الكيميائية الممتعة" من الحمّام

الصورة عبر unsplash

عندما نستحمّ، يمتلئ دماغنا بناقل عصبي يسمى الدوبامين. إنه عنصرُ منظومة المكافأة في دماغنا الذي يجعلنا نشعر بالرضا، ولهذا السبب يُعرف أيضًا باسم "مادة المتعة الكيميائية". إن إطلاق هذه المادة الكيميائية الممتعة يُعزّز القدرةَ الإبداعية للدماغ.

بالإضافة إلى ذلك، ينتج دماغنا موجات ألفا عندما يكون مسترخياً أو خاملاً، ولا يركز على أيّ مهمة معينة. يبلغ تردّد موجات ألفا حوالي 8 إلى 13 هرتز ويمكن ملاحظتها في مخطط كهربائيّة الدماغ (EEG) عندما يكون الشخص في حالة راحة. وجدت دراسةٌ بحثيّة أن موجات ألفا تعزز قدرتنا على الإبداع.

تَحدث موجات ألفا أيضًا عندما تنخرط في أنشطةٍ مثل أحلام اليقظة، أو التأمّل الذاتي، أو التأمل، أو ببساطة عندما تُغمض عينيك وتُفكِّر في شيء يبعث على السلام.

الصورة عبر unsplash

يُعَدّ الاستحمامُ مجرّدَ أحدِ الأساليب العديدة التي تسمح للعقل بالتجول بحرية. بدلًا من الاستحمام، يمكنك أيضًا تجربة القراءة أو الرسم أو الطبخ أو المشي لمسافات طويلة أو التأمل أو أي نشاط آخر يسمح لعقلك بالجلوس في المقعد الخلفي لفترة من الوقت. من المحتمل جدًا أن تحصل أخيرًا على لحظةِ اكتشافٍ خاصّ بك أثناء القيام بأيٍّ من هذه الأنشطة "الطائشة".

ومع ذلك، هناك أوقات يمكن أن يؤديَ فيها مجرّدُ أخذ قسطٍ من الراحة بعيداً عن مسألةٍ ما إلى تحقيق الكثير من الخير. بعد إعطاءِ عقلك بعض الراحة، يمكنك العودة إلى مشروعك بمنظورٍ مُتجدِّد!

المزيد من المقالات