علم الانجذاب: هل يتسبّب الخطرُ بوقوع الناس في الحب؟
ماذا لو كان بإمكانك أن تجعل شخصا ما يقع في حبك، ولكن عليك المخاطرة بحياتك للقيام بذلك؟
لدى كلا الدكتور جلين سينجلمان وزوجته هيذر سوان حب للرياضة المتطرّفة، ويخبرنا العِلْمُ أن الرابطةَ بينهما تغدو أقوى في كل مرة يتجنّبان فيها الموت.
بعيدا عن الإكسير السحري أو التعويذة، فإن السرّ يكمن في تحفيز المواد الكيميائية الموجودة في دماغكَ والتي يتم إطلاقها بشكل كبير عندما تواجه موقفًا خطيرًا، أو أثناء ممارسة التمارين الرياضية. يشبه الشعورُ بالوقوع في الحبّ ذاك الإحساس المرافق لارتفاع الأدرينالين.
يواجه الطبيب "جلين سينجلمان" المقيم في المرتفعات الجنوبية وزوجته مواقف خطيرة طوال الوقت.
إنهما يُزاولان وظائفَ ناجحة في الطب وإدارة الأعمال من قاعدتهما في دوغلاس بارك، ولكن لديهما أيضًا شغفٌ بالقفز بالمظلات، وقفز الـ BASE (القفز بالمظلّة من مكان ثابت نحو القاعدة-الأرض)، وغوص الSCUBA (الغوص مع التزوّد بوسيلة تنفّس مستقلّة عن السفينة على السطح) وتسلق الجبال.
وخلال كل فِعْلٍ يتحدّى الموت، يتم ضخ الإندورفين -وهو هورمون السعادة- في جسدَيهما أثناء تجاوزهما حدود رياضتهما.
قال الطبيب: "بدأ افتتاني بالخوف عندما ذهبت لأول مرة للتجديف في الجبال الزرقاء BLUE واعتقدت أنني سأموت". يُكمل قائلاً: "لقد وجدتُ أن تجربةَ مواجهة مخاوفي والتغلب عليها في ذلك اليوم تُنشطني وتعطيني الطاقة، وأصبحت مفتونًا بالخوف". ثم يقول: "عندئذ تساءلت عن المخاوف الأخرى التي كانت لديّ والتي كانت تُحدّ من الإمكانيات في حياتي."
بعد تطوير حبِّه للرياضة المتطرّفة، التقى جلين بمديرة الأعمال هيذر سوان، التي أدركت أن العلاقة مع جلين ستعني حتماً المشاركة في هذه الرياضة أيضاً. وليس من المستغرب أنهما ارتبطا، فقد واجها معًا مواقفَ مُرهِقةً ومخيفة، الأمر الذي حفّز الانجذاب بينهما وعزز هذه العاطفة.
من منظور علم الأحياء التطوري، فإن الذكر الذي يتمكن من إثبات قدرته على تحمل التوتّر والخطر يبدو شريكا أكثر ملاءمةً وقدرةً على الحماية.
يحمل الثنائي الآن ثلاثة أرقام قياسية عالمية، بما في ذلك أعلى قفزة BASE في العالَم ببدلة مُجنَّحة من ارتفاع 6604 مترًا من جبل ميرو في جبال الهيمالايا الهندية.
قالت هيذر: "كنت بحاجة إلى استكشاف الأشياء التي فعلها جلين بدلاً من تجاهلها كونها تصرفات مجنونة، وهو أمر غريب حقًا".
ولكن ليس من الضروري أن تقفز في السماء لكي تشعر بآثار إطلاق الأدرينالين - يمكن أن يكون الأمرُ بسيطًا مثل جلسة تدريب شخصية في الحديقة- لكنّ معرفةَ ما يفعله الأدرينالين بحالتنا العاطفية تجعله بآثارَ جانبيةٍ مثيرةٍ للاهتمام، إذ أنك فجأة قد تقع في حبّ شريك اللياقة البدنية الخاص بك.
تقول جينا تريجارثين وهي عالمة نفسية سريرية إنه من السهل خداع أدمغتنا وإحداث شعور زائف بالانجذاب، فتقول: "على الرغم من أنك قد تعتقد أنك تعرف متى تنجذب إلى شخص ما وتشعر بالإثارة، فمن المحتمل أنك تخطئ في نَسْب هذه الإشارات إلى شيء يأتي من أمور أخرى في بيئتك".
وتُردِف قائلةً: "تؤدي ممارسة التمارين الرياضية القوية إلى نوع من التوتّر، وتسرّع من ضربات القلب، وهذه أعراض مشابهة للأعراض التي تنتابك عندما ينبض قلبك لأنك وجدت شخصًا تنجذب إليه."
وتقول أيضًا: "إنها ظاهرة تمّت دراستها من قبل علماء النفس بعدة طرق"، وكانت الدراسة الأكثر إمتاعًا على الإطلاق هي دراسة الجسر التي أجراها داتون وآرون في عام 1970، حيث تقوم إحدى المُيسِّرات الجذابات بتشجيع مجموعة من الرجال على عبور جسر معلَّق خطير، بينما يُطلب من مجموعة أخرى عبور جسر أكثر انخفاضًا وأكثر أمانًا. ثم تقوم الفتاة الجميلة بعد ذلك بإعطاء جميع المشاركين رقمَ هاتفها "لجمع الردود".
اتصل بها نصف المشاركين في الجسر المعلَّق ليطلبوا منها الخروج في موعد، مقارنة بـ 12% فقط من المشاركين في الجسر الأكثر أمانًا.
قالت جينا: "تكمن النصيحةُ النفسية في أن تتخذ القراراتِ بالأمور الرومانسية عندما يكون عقلك متزنًا، وليس أثناء وجود إشارات أخرى في بيئتك قد تربكك".
وقبل أن تأخذ حبيبك المحتمل في جولة بالأفعوانية ( من الألعاب الملتوية بالملاهي) على أمل أن يقع في حبك، كنْ مدركًا أن ذلك قد يأتي بنتائج عكسية.
فكما يمكن للأدرينالين أن يعزّز مشاعرَ الانجذاب في العلاقة، فإنه يمكن أن يكون له أيضًا تأثير عكسي إذا لم تكن في وضع جيّد للبدء بالعلاقة.
تقول جينا: "إذا وجد شخصٌ ما شخصًا غيرَ جذاب، فمن المرجح أن يجدَه غيرَ جذاب بشكلٍ أكبر بعد حدث مثير مثل هذا، لذلك قد تأخذ شخصًا ما إلى فيلم رعب وسيجدك مريعًا حقًا بعد ذلك."
وتضيف جينا: "إن المدربين الشخصيين وغيرهم من معلمي الرياضة سيكونون على دراية بهذا الأمر، لذلك نجد أن معظم العامِلين في هذا القطاع يلتزمون سياسةَ عدم مواعدة العملاء والزبائن.
ما الرسالة والمغزى من كلّ هذا؟
من أجل أن تبدأ علاقتَك الحالية، جرِّبْ نشاطًا مُثيرًا بشكل مناسب.