تقع مدينة شفشاون في شمال غرب المغرب بين جبال الريف، وتتميز بشوارعها الضيقة وجدرانها الزرقاء الفريدة، فأصبحت وجهة سياحية شهيرة تُعرف باسم "المدينة الزرقاء". المباني المتراصة والمنحدرات الشاهقة تخلص مشهدًا فريدًا يأسرك عند التجوال فيها، حيث تنتشر الأسواق التقليدية وأسقف المنازل البيضاء والمآذن.
يبلغ ارتفاع المدينة 600 متر، وتحيط بها جبال مثل جبل القلاع وتسوكة. المنطقة غنية بالتنوع البيولوجي، خاصة في منتزه "تلاسمطان" الوطني الذي يضم حيوانات نادرة كقرود المكاك وثعالب الماء، وسط غابات الأرز والصنوبر المنتشرة على مساحة 300 ألف فدان.
قراءة مقترحة
تأسست شفشاون عام 1471 بعد هجمات برتغالية قادها الملك ألفونسو الخامس، فبُنيت القلعة وبدأت المدينة تتوسع مع تدفق سكان شمال المغرب والموريسكيين واليهود الفارين من الاضطهاد في الأندلس. لاحقًا أصبحت شفشاون ملاذًا مغلقًا أمام الأوروبيين، فصار الوصول إليها صعبًا.
قبل فتح المدينة للأجانب، حاول ثلاثة أوروبيين التسلل إلى شفشاون سرًا: الفرنسي "شارل فوكولد"، الإنجليزي "والتر هاريس"، والمبشّر "ويليام سمر" الذي مات مسمومًا. في 1920 استولى الإسبان على المدينة، وبعد الحرب العالمية الثانية بدأ اللون الأزرق ينتشر، غالبًا كممارسة دينية من الجالية اليهودية، وهو ما أعطى شفشاون طابعها الشهير اليوم.
تتعدّد تفسيرات اللون الأزرق، فهناك من يربطه بطرد البعوض أو تلطيف الحرارة، إلا أن الحفاظ على لون المدينة يتم اليوم بغرض السُياحة، إذ تُطلى الجدران مرتين سنويًا. وأصبح التجوال بين أزقتها متعة بصرية لا مثيل لها.
تتوفر طرق مباشرة إلى شفشاون من طنجة وفاس والدار البيضاء، وتتيح جبالها فرصًا لهواة التنزه وتسلق جبل القلب، الذي يوفر مناظر بانورامية خلّابة. ومن أبرز الرحلات الخارجية شلالات أقشور، حيث يستمتع السياح بالمشي قرب الجداول والشلالات والغابات، وصولًا إلى "قنطرة ربّي"، وهو تكوين صخري طبيعي وسط الجبال.
سحر شفشاون وجوّها الهادئ وأطيافها الزرقاء يجعلانها وجهة لا تُنسى، يظل زائرها يتوق للعودة، مع متعة تناول الكباب المحلي وشاي النعناع في أزقتها التاريخية الساحرة.
