لفتت رقصة "الهاكا" أنظار العالم قبل سنوات عبر مقطع فيديو يُظهر قبيلة تؤدي رقصة قتالية خاصة، تعود لشعب الماوري، السكان الأصليين لنيوزيلندا. تتضمن الرقصة حركات عنيفة، وضرب الأرض بالأقدام، وتغيير ملامح الوجه، وتُستخدم للتعبير عن القوة والشجاعة، وكانت تُؤدى قبل المعارك لإخافة الخصوم.
شعب الماوري قدم من بولينيزيا ويُقدّر عددهم اليوم بنحو 600 ألف نسمة. رغم أنهم يشكلون نحو 15 % من سكان نيوزيلندا، يحتفظون بهويتهم الثقافية ومنها عاداتهم وطقوسهم. من أبرز ملامحهم الجسدية وشم "تاموكو"، وهو خطوط حلزونية محفورة على الوجه بإزميل، تترك ندوبًا دائمة تدل على الشجاعة والمكانة. استلهم مشاهير عالميون من هذا الفن مثل الملاكم "مايك تايسون" والممثل "ذا روك".
قراءة مقترحة
يُعتقد أن اسم "ماوري" مأخوذ من إحدى آلهتهم حسب أسطورتهم عن الخلق والموت، وتُلاحظ تقارب بين تقاليدهم وتقاليد الهنود الحمر، بل وحتى مع بعض العادات العربية. يُعرفون بعزة النفس، ويُسلّمون عبر ملامسة الأنوف، كما أن النساء لا يتزوجن سوى من رجال الماوري. من عاداتهم دفن الموتى مرتين؛ مرة عند الوفاة، ثم يُعاد دفنهم بعد طقوس خاصة بعد عام.
رقصة الهاكا لا تُقتصر على المواقف القتالية، بل تُؤدى في الأفراح والجنازات واستقبال الضيوف، وتُعد رمزًا للترابط المجتمعي. تُعد رقصة منتخب الرجبي النيوزيلندي قبل المباريات أبرز وسيلة لتعريف العالم بهذه الرقصة منذ عام 1905. أداها السكان أمام مسجد النور تضامنًا مع المسلمين بعد الهجوم الإرهابي، وعكس ذلك الوحدة والاحترام في المجتمع النيوزيلندي.
وأثناء أداء "الهاكا"، يُطلق المؤدون صيحات تعبيرية. يقول القائد: "أنا أموت، أنا أموت"، ويرد الفريق: "أنا أعيش، أنا أعيش"، ثم يصيح الجميع: "هذا الرجل المشعر... الشمس تضيء! انهض!"، وهي كلمات تعكس فلسفة الحياة والموت لدى شعب الماوري، مغلفة بإيقاع جسدي وموسيقي مذهل.
