المسكوف، الطبق الوطني العراقي: التاريخ والوصفة

ADVERTISEMENT

يُعتبر المسكوف الطبق الوطني للعراق، وهو عبارة عن سمك كرناس النهر المشوي على نار هادئة، مع صلصة طماطم بنكهة مميزة، ويُطهى على لهب مفتوح. تحضيره طقس اجتماعي، ونكهته تعكس طبيعة الأرض والأنهر التي ارتوى منها العراق لآلاف السنين. يشتهر هذا الطبق في بغداد وعلى ضفاف نهر دجلة، حيث يكثر وجود سمك الكرناس. إنه رمز بارز لدرجة أنه يُقدم للضيوف الأجانب كرمز من رموز الاعتزاز الوطني. إن ما يجعل المسكوف مميزًا ليس فقط نكهته، بل طريقة تحضيره. يُقطع السمك إلى نصفين، ثم يُتبّل ويُشوى على النار، مما يسمح للدخان بنقل نكهة مميزة إليه. طريقة الطبخ بطيئة ودقيقة، وقد تستغرق أكثر من ساعة، مما يمنح السمك قوامًا طريًا ونكهة غنية. يُقدم ساخنًا، عادةً مع أرز بالمعكرونة، وخضراوات مخللة، وأعشاب طازجة، وخبز مسطح ساخن. إن طبيعة تحضيره وتناوله بشكل جماعي تجعل من المسكوف أكثر من مجرد طعام، إنه تجربة مشتركة، واحتفال بالوحدة.

ADVERTISEMENT
صورة بواسطة Hill93 على wikipedia

أصول قديمة: من بلاد ما بين النهرين إلى العراق الحديث

تبدأ قصة المسكوف منذ آلاف السنين في بلاد ما بين النهرين، المنطقة الواقعة بين نهري دجلة والفرات. وفرت هذه الأنهار كميات كبيرة من الأسماك، وخاصة سمك الكرناس. تشير المصادر التاريخية والآثارية إلى أن السمك المشوي كان من الأطعمة الأساسية في بلاد ما بين النهرين، ويتم تحضيره غالبًا مع الأعشاب والتوابل التي تشبه مكونات صلصة المسكوف اليوم. وعلى مر القرون، تطور طبق السمك المشوي ليجمع بين تأثيرات ثقافات متعددة مرّت في المنطقة، كالسومريين والآشوريين والبابليين والفرس والعرب والأتراك العثمانيين. ورغم هذه التأثيرات التاريخية، ظل جوهر طبق السمك المشوي كما هو: سمك طازج، ونار، وروح اجتماعية. في المناطق الريفية، كان يتم إعداده عادةً في الهواء الطلق، حيث يجتمع أفراد العائلة حول النار، ويتبادلون الأحاديث بينما ينضج السمك ببطء حتى يصبح طريًا ولذيذًا. وحتى اليوم، يحتفظ طبق السمك المشوي بسحره القديم. في مدن مثل بغداد والبصرة والموصل، توجد مطاعم متخصصة في هذا الطبق، تعرض الأسماك الحية في أحواض ليتسنى للزبائن اختيارها. ثم يتم تنظيف السمك وتقطيعه وشوائه أمام أعين الزبائن،. ويضيف نوع الخشب المستخدم في الشواء، الذي غالبًا ما يكون من أشجار البرقوق أو الحمضيات أو النخيل، نكهة حلوة خفيفة للدخان، مما يعزز مذاق الطبق ويربطه بجذور المنطقة الزراعية.

ADVERTISEMENT

ويُعدّ طبق السمك المشوي رمزًا مهمًا للضيافة العراقية. يُقدم في الأعراس والأعياد والمناسبات العائلية. إعداده مناسبة اجتماعية، غالبًا ما يصاحبها الموسيقى والضحكات والحكايات.  يُعدّ طبق السمك المشوي شهادة على تراث العراق القديم، يحفظ نكهاته وتقاليده.

صورة بواسطة Al Jazeera English على wikipedia

فن إعداد السمك المشوي: المكونات والطريقة

إعداد السمك المشوي فنّ يحتاج إلى صبر ودقة. تتم الطريقة التقليدية بشواء السمك على النار، بينما تسمح الطرق الحديثة باستخدام الفرن أو الشواية. والسر في الحفاظ على نكهة الدخان المتوازنة مع نكهات التتبيلة اللذيذة. المكونات:

· سمكة كارب كبيرة (أو أي نوع سمك أبيض خفيف الطعم مثل البلطي أو السلور)

· ملح وبودرة الكاري (للتتبيل)

· بصلة واحدة، مفرومة ناعماً

· طماطمتان (طماطم واحدة مفرومة، والأخرى مقطعة شرائح)

ADVERTISEMENT

· 3 فصوص ثوم، مفرومة

· ملعقتان كبيرتان من معجون الطماطم

· ملعقة كبيرة من الخل

· عصير ليمونة واحدة

· ملعقة كبيرة من زيت الطبخ

· بقدونس طازج، مفروم

· فلفل أحمر حار أو رقائق الفلفل (اختياري، لإضافة نكهة حارة)

· ماء (لضبط قوام الصلصة)

طريقة التحضير:

1. تنظيف السمكة وتقطيعها: اغسل السمكة جيداً ثم جففها. قطّعها من الظهر وافتحها من الوسط لتصبح مسطحة. أزل العظم المركزي وأي عظام كبيرة.

2. تتبيل السمكة: ادهن سطح السمكة بالملح وبودرة الكاري واتركها ترتاح لمدة 15-20 دقيقة.

3. تحضير الصلصة: في مقلاة، اشوِ البصل والثوم المفروم في الزيت حتى يصبح لونه ذهبياً. أضف الطماطم المفرومة ومعجون الطماطم والخل وعصير الليمون والبقدونس والملح وبودرة الكاري والفلفل الأحمر الحار وبعض الماء. اترك الصلصة على نار هادئة حتى تتماسك وتصبح ذات رائحة طيبة.

ADVERTISEMENT

4. التتبيل والشواء: غطّ السمكة بالصلصة جيداً. رصّ شرائح الطماطم والبصل فوقها. اشوِ السمكة على الفحم لمدة 10-15 دقيقةمدة الطهي 20-30 دقيقة، مع قلب السمك في منتصف الوقت. أو يمكن خبزه في الفرن على حرارة 375 درجة فهرنهايت (190 درجة مئوية) لمدة 30 دقيقة، ثم تحميصه قليلاً للحصول على قشرة مقرمشة.

النتيجة سمك لذيذ ذو طعم دخاني، وقشرة حارة بنكهة مميزة تذوب في الفم. يُقدم عادةً مع الأرز بالمعكرونة الصغيرة، والخضراوات الطازجة، والخضراوات المخللة، مكونًا وجبة متكاملة وشهية. ومن بين بعض الأساليب الأخرى تحضير السمك محشوًا بالأعشاب أو إضافة دبس الرمان لإضفاء نكهة حلوة وحامضة. يُتناول هذا الطبق عادةً بالأيدي، مما يعكس طبيعته الريفية والاجتماعية.

صورة بواسطة Al Jazeera English على wikipedia

طبق المسقف اليوم: رمز الوحدة في العراق

ADVERTISEMENT

في بلد يتميز بالتنوع والتاريخ يبقى طبق المسقف رمزًا للوحدة. سواء في شوارع بغداد الصاخبة أو القرى الهادئة على ضفاف نهر دجلة، يبقى هذا الطبق تراثًا ثقافيًا مشتركًا. يُقدم في حفلات الزفاف، والاجتماعات العائلية، والمناسبات الوطنية، وانتشر طبق المسقف أيضًا خارج حدود العراق. في مدن مثل دمشق وعمّان وبيروت، وحتى في بعض أجزاء أوروبا وأمريكا الشمالية، قدم المغتربون العراقيون هذا الطبق للناس. تقدم المطاعم في الخارج طبق المسقف، مما يحافظ على هذه العادة ويقوي روابط الجالية العراقية مع وطنهم. فبالنسبة للكثيرين من العراقيين في المهجر، يعد تحضير المسقف وسيلة للعودة إلى جذورهم ومشاركة ثقافتهم مع الآخرين. بدأ الطهاة المعاصرون بالتجربة مع طبق المسقف، بإضافة نكهات جديدة مثل صلصة التمر الهندي أو زبدة الثوم، أو تقديمه مع الكسكس والخضراوات المشوية. ومع ذلك، يبقى جوهر الطبق كما هو: سمك طازج، ونار، ونكهة مميزة. في عالم سريع التغير، يدعونا طبق المسقف إلى التروي. لنلتقي حول النار، ولنتذوق كل لقمة، ولنتذكر القصص التي جمعتنا. إنه طبق يحكي قصة الأنهار وحسن ضيافة الشعب العراقي. سواء كنت في مطعم في بغداد أو تطبخ في حديقة منزلك، يقدم لك طبق المسقف لمحة عن روح العراق.

أكثر المقالات

toTop