كيف يعزز التمرين الرياضي جهاز المناعة ضد السرطان

ADVERTISEMENT

يُعدّ جهاز المناعة البشري شبكة دفاعية متطورة مصممة لتحديد التهديدات على الجسد البشري والقضاء عليها - من الفيروسات إلى الخلايا التي تتغير وتتكاثر بشكل قد تُصبح به خبيثة أو سرطانية. لكنه لا يعمل لوحده بمعزل عن العوامل الأخرى فالتغذية، والنوم، والتوتر، وخاصة النشاط البدني، عوامل أساسية للحفاظ على قوة هذا الجهاز واستجابته. إذ تُعدّ التمارين الرياضية مُحفّزًا بيولوجيًا للأداء المناعي. فعندما تُحرّك جسمك، تُعزّز الدورة الدموية، مما يُحفّز دورية داخلية للخلايا المناعية. فتزداد خلايا الدم البيضاء، بما في ذلك الخلايا القاتلة الطبيعية، والخلايا التائية، والبلعميات، في العدد والنشاط، بحثًا عن أي تشوهات حدثت مثل الخلايا ما قبل السرطانية أو التالفة. وتشير الأبحاث إلى أن الحركة الهوائية المنتظمة:

ADVERTISEMENT

· تزيد من تحرك الخلايا المناعية وذهابها إلى المناطق المعرضة للخطر.

· تعزز الذاكرة المناعية وتسريع الاستجابة للتهديدات المحتملة.

· تقلل من الالتهاب المزمن، المعروف عنه بأنه يدعم نمو الأورام.

وفي حين أن التمارين القصيرة عالية الكثافة تُفيد المناعة أيضًا، فإن النشاط المعتدل المنتظم هو ما يبني مرونة طويلة الأمد. ومع مرور الوقت، يصبح نمط الحياة النشط بدنيًا بمثابة تحديثات برمجية لجهاز المناعة، مما يُبقيه نشيطًا وفعالًا.

صورة بواسطة Zakaria Boumliha على pexels

ممارسة الرياضة أثناء علاج السرطان: تقوية الترسانة الخلوية

بالنسبة للأفراد الذين يخضعون لعلاج السرطان، تُعتبر ممارسة الرياضة حليفًا علاجيًا. فهي لا تُحسّن المزاج أو الطاقة فحسب، بل تُعزز بيولوجيًا الاستجابة المناعية وهو أمر بالغ الأهمية خاصةً عندما يكون الجسم تحت ضغط العلاج الكيميائي أو الإشعاعي أو الجراحة. وتشمل الآثار الإيجابية لممارسة الرياضة أثناء العلاج ما يلي:

ADVERTISEMENT

· تحسين الدورة الدموية، مما يُوصل الخلايا المناعية والأكسجين إلى الأنسجة التي تحتاج إلى إصلاح.

· تُحفّز الحركة الجهاز اللمفاوي، الذي يعمل كوحدة للتخلص من فضلات الجسم، حيث يُزيل السموم والبقايا الخلوية.

· تُخفّف التمارين الرياضية من التعب المرتبط بالعلاج، والذي يُشكّل عائقًا رئيسيًا أمام الشفاء، مما يسمح للخلايا المناعية بالعمل بفعالية أكبر.

قد تُثبّط علاجات السرطان أحيانًا النشاط المناعي، مما يزيد من احتمالية الإصابة بالعدوى أو الانتكاس. لكن المرضى الذين يُمارسون حركات مُنظّمة - مثل المشي، أو تمارين المقاومة الخفيفة، أو اليوغا فقد أظهروا ما يلي:

· ارتفاع عدد الخلايا القاتلة الطبيعية النشطة.

· تحسّن سرعة التعافي.

· انخفاض مستويات السيتوكينات المُحفّزة للالتهابات التي تُعزّز نمو الورم.

تُواصل التمارين الرياضية بعد العلاج دعم يقظة الجهاز المناعي، مُقلّلةً من خطر تكرار الإصابة من خلال التوازن الأيضي، واستقرار الهرمونات، والإصلاح المُستمر لتلف الخلايا.

ADVERTISEMENT

التآزر في نمط الحياة: كيف تجعل الحركة الجسم مقاومًا للسرطان

إن التمارين الرياضية تُشبه تشغيل أنظمة بيولوجية مُتعددة، حيث تلعب جميعها دورًا في الوقاية من السرطان. وعندما تصبح الحركة عادة، فإنها تُغير النظام البيئي الداخلي للجسم إلى بيئة تضطر فيها الخلايا السرطانية إلى الكفاح كي تستطيع أن تنمو كيف يعمل ذلك:

· تنظيم الوزن: تُنتج الأنسجة الدهنية الزائدة هرمونات التهابية تُعزز نمو الورم. فتُساعد التمارين الرياضية في الحفاظ على تكوين صحي للجسم، مما يُقلل من البيئات المُلائمة للسرطان.

صورة بواسطة Victor Freitas على pexels

· التوازن الهرموني: إذ يُقلل النشاط البدني من مستويات الأنسولين والإستروجين، المرتبطة ببعض أنواع السرطان، وخاصة سرطان الثدي والرحم والبروستات.

· تدريب الخلايا المناعية: تُساعد الحركة على "تثقيف" الخلايا المناعية لتمييز الخلايا السليمة عن الخلايا المُتحولة أو الغريبة بشكل أفضل.

ADVERTISEMENT

ومن الاكتشافات المثيرة للاهتمام في السنوات الأخيرة دور الميوكينات - وهي بروتينات تُفرزها العضلات النشطة. فبعض الميوكينات تُبطئ نمو الورم، والبعض الآخر يدعم المسارات المُضادة للالتهابات، وبعضها يُثبط تكوين الأوعية الدموية، أي تكوين الأوعية الدموية التي تُغذي الأورام. تإذ تظهر هذه الجزيئات التي تُفرزها العضلات أن التمارين الرياضية ليست مجرد رد فعل، بل هي دفاعية استباقية. وحتى الميكروبيوم - النظام البيئي المتنوع للبكتيريا في الأمعاء - يستفيد. فالتمارين الرياضية تعزز تنوع الميكروبيوم، مما يعزز بدوره تواصل الخلايا المناعية ويقلل من الإشارات الالتهابية. وعندما تكون هذه الشبكة غير المرئية سليمة، تصبح حاجزًا قويًا آخر ضد السرطان.

تكييف الحركة لتحقيق أقصى تأثير مناعي

لا تتطلب فكرة ممارسة الرياضة للدفاع عن الجسم من السرطان جهدًا خارقًا. في الواقع فإن الإفراط في التدريب يمكن أن يُضعف المناعة خاصةً إذا لم يحصل الجسم على قسط كافٍ من الراحة أو الطاقة. فالهدف هو حركة ذكية ومنتظمة. الأساليب الموصى بها لتعزيز المناعة:

ADVERTISEMENT

· النشاط الهوائي المعتدل: 30-60 دقيقة يوميًا، 3-5 مرات أسبوعيًا - مثل المشي أو السباحة أو ركوب الدراجات - كل هذا يساعد على الحفاظ على فعالية دوران الخلايا المناعية.

· تدريب المقاومة: مرتين أسبوعيًا للحفاظ على كتلة العضلات وتحفيز الميوكينات المفيدة.

· حركة العقل والجسم: تساعد ممارسات مثل التاي تشي واليوغا على تقليل الكورتيزول (هرمون التوتر) مع دعم تدفق الجريان الليمفاوي و دعم الصحة النفسية.

إن الاحتياجات الفردية مهمة. فينبغي على الناجين من السرطان، والأشخاص الذين يعانون من صعوبات في الحركة، أو الذين يتلقون العلاج، تكييف روتين حركتهم بتوجيه من أخصائيي الرعاية الصحية. وبالنسبة للبعض، فحتى تمارين التمدد الخفيفة أو اليوغا على الكرسي يمكن أن تُحقق فوائد مناعية. قد تتطور في المستقبل رعاية مرضى السرطان لتشمل "أنظمة تمارين موصوفة طبيًا" إلى جانب الأدوية والعلاجات. وتستكشف التجارب السريرية بالفعل كيف يمكن للنشاط البدني المُخصص أن يُعزز نتائج العلاج، ويُقلل من الآثار الجانبية، ويُعزز فرص البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل.

ADVERTISEMENT
صورة بواسطة Li Sun على pexels

الخلاصة: الحركة كدواء في الحرب ضد السرطان

عضلاتك ليست للحركة فقط، بل هي جزء من نظام دفاعي أكبر. مع كل خطوة، أو رفعة، أو تمدد، تُرسل إشارات تُقوي المناعة، وتُحسن وظائف الخلايا، وتُشكل بيئة جسدية مُعاكسة لنمو السرطان. وسواء كنت تهدف إلى الوقاية من المرض، أو التعامل مع علاج السرطان، أو ببساطة تسعى إلى الحيوية، فإن التمارين الرياضية تُقدم شكلاً فعالاً من أشكال التمكين البيولوجي. إنها استباقية، وسهلة المنال، وتُحدث تحولاً جذريًا. الدليل واضح: الحركة مهمة.

أكثر المقالات

toTop