هل الحيوانات واعية؟ بحث جديد يغير العقول

يتمتع تشارلز داروين بسمعة عالية بين العلماء بسبب نظريته في التطور. لكن أفكاره القائلة بأن الحيوانات واعية بنفس طريقة البشر تم تجنبها منذ فترة طويلة. حتّى الآن. كتب داروين: "لا يوجد فرق جوهري بين الإنسان والحيوانات في قدرتهم على الشعور بالمتعة والألم والسعادة والبؤس". لكن اقتراحه بأن الحيوانات تفكر وتشعر مثل البشر كان يُنظر إليه على أنه بدعة علمية بين العديد من خبراء السلوك الحيواني، إن لم يكن معظمهم. إن إسناد الوعي للحيوانات بناءً على استجاباتها كان يُنظر إليه على أنه خطيئة كبرى. وذهبت الحجة إلى أن إسقاط السمات والمشاعر والسلوكيات البشرية على الحيوانات ليس له أساس علمي، ولا توجد طريقة لاختبار ما يدور في عقول الحيوانات. ولكن إذا ظهرت أدلة جديدة على قدرة الحيوانات على الشعور ومعالجة ما يجري حولها، فهل يعني ذلك أنها في الواقع واعية؟ نحن نعلم الآن أن النحل يمكنه العدّ والتعرف على الوجوه البشرية وتعلم كيفية استخدام الأدوات. فإذا كان النحل بهذا الذكاء، فربما يستطيع التفكير والشعور بشيء ما، وهو اللبنات الأساسية للوعي. وأظهرت بعض التجارب مثلًا أن النحل يمكن أن يعدل سلوكه بعد وقوع حادث مؤلم، ويبدو أنه قادر على اللعب، ودحرجة كرات خشبية صغيرة، وهو ما يبدو أنه يستمتع به كنشاط. أقنعت نتائج هذه التجارب بعض العلماء الأكثر نفوذاً واحترامًا في مجال أبحاث الحيوانات بأنّ من المرجح أن يكون النحل واعيًا.

وليس فقط النحل:

يقول الكثيرون إن الوقت قد حان للتفكير مرة أخرى، مع ظهور أدلة جديدة يقولون إنها تمثل تغييرًا جذريًا في التفكير في علم الوعي الحيواني. هناك الآن باحثون من مجالات مختلفة بدأوا يجرؤون على طرح أسئلة حول الوعي الحيواني والتفكير بوضوح في مدى صلة أبحاثهم بهذه الأسئلة. صحيح أنّ ما اكتشِف حتى الآن قد لا يرقى إلى دليل قاطع على وعي الحيوان، ولكن إذا أخذناه معًا، فإنه يكفي للإشارة إلى أن هناك "احتمالًا واقعيًا" بأن الحيوانات قادرة على الوعي. وهذا لا ينطبق فقط على ما يعرف بالحيوانات العليا مثل القرود والدلافين التي وصلت إلى مرحلة أكثر تقدما من الحيوانات الأخرى. بل ينطبق ذلك أيضًا على الكائنات الأبسط، مثل الثعابين والأخطبوطات وسرطان البحر والنحل وربما حتى ذباب الفاكهة.

وليس فقط النحل:

يقول الكثيرون إن الوقت قد حان للتفكير مرة أخرى، مع ظهور أدلة جديدة يقولون إنها تمثل تغييرًا جذريًا في التفكير في علم الوعي الحيواني. هناك الآن باحثون من مجالات مختلفة بدأوا يجرؤون على طرح أسئلة حول الوعي الحيواني والتفكير بوضوح في مدى صلة أبحاثهم بهذه الأسئلة. صحيح أنّ ما اكتشِف حتى الآن قد لا يرقى إلى دليل قاطع على وعي الحيوان، ولكن إذا أخذناه معًا، فإنه يكفي للإشارة إلى أن هناك "احتمالًا واقعيًا" بأن الحيوانات قادرة على الوعي. وهذا لا ينطبق فقط على ما يعرف بالحيوانات العليا مثل القرود والدلافين التي وصلت إلى مرحلة أكثر تقدما من الحيوانات الأخرى. بل ينطبق ذلك أيضًا على الكائنات الأبسط، مثل الثعابين والأخطبوطات وسرطان البحر والنحل وربما حتى ذباب الفاكهة.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

ولكن ما المقصود بالوعي؟

صورة من wikimedia

لكن إذا كنت تتساءل عما نعنيه بالوعي، فأنت لست وحدك. إنه شيء لا يمكن حتى للعلماء الاتفاق عليه. جاءت الجهود المبكرة في القرن السابع عشر على يد الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت الذي قال: "أنا أفكر إذن أنا موجود"، وأضاف أن "اللغة هي العلامة المؤكدة الوحيدة للفكر المختبئة في الجسد". لكن تلك التصريحات عكّرت الأمور لفترة طويلة جدًا، حتّى إنّ بعض الباحثين انزعج من التسليم بهذا النهج، وذهبت بهم الأمور إلى اعتباره "ثالوثًا غير مقدس" (اللغة والذكاء والوعي). هذا الثالوث هو جوهر حركة تسمى السلوكية، والتي ظهرت في أوائل القرن العشرين. وتقول إن الأفكار والمشاعر لا يمكن قياسها بالطرق العلمية ولذلك يجب تجاهلها عند تحليل السلوك. وقد تدرب العديد من خبراء سلوك الحيوان على هذا الرأي، لكنه بدأ يفسح المجال لنهج أقل تركيزًا على الإنسان؛ لأننا نرى الأشياء من خلال عدسة بشرية، فإننا نميل إلى ربط الوعي باللغة والذكاء. ولكن لمجرد أنهما يتسايران معًا عند الإنسان، فهذا لا يعني أنهما يسيران معًا بشكل عام.

أطيب التمنيات

ينتقد البعض بشدة بعض استخدامات كلمة الوعي، لأنها كلمة يستخدمها الكثير من الناس بثقة، لكنهم جميعًا يقصدون شيئًا مختلفًا. ويفضّلون استعمال كلمة أقل تعقيدًا هي "الشعور"، وهذا التفسير الجديد الأوسع لما يعنيه أن تكون واعيًا يحدث فرقًا، لأننا إذا نظرنا إلى سلوكيات متميزة، على سبيل المثال، ما هي الأنواع التي يمكنها التعرف على نفسها في المرآة، وكم عدد الأنواع التي يمكنها التخطيط للمستقبل أو القادرة على تذكر الأشياء التي حدثت في الماضي، فإننا قادرون على اختبار هذه الأسئلة بالتجربة والملاحظة واستخلاص المزيد، وإذا أردنا تعريف الوعي على أنه مجموع السلوكيات القابلة للقياس، أمكن القول إن الحيوانات التي نجحت في هذه المهام المحددة لديها شيء نختار أن نطلق عليه الوعي.

وماذا بعد؟

صورة من pixabay

ويقول البعض إن هناك حاجة إلى دراسة عدد أكبر بكثير من الحيوانات لمعرفة إمكانية وعيها عما هو عليه الحال حاليًا. ففي الوقت الحالي، تُجرى معظم الأبحاث على البشر والقردة، ونحن نجعل المهمة أصعب بكثير مما ينبغي لأننا لا نتعلم عن الوعي في شكله الأساسي، لأن الأبحاث التي تُجرى على البشر والقردة هي دراسة لمستوى أعلى من الوعي - يظهر في القدرة على التواصل والشعور بالعواطف المعقدة - في حين أن الأخطبوط أو الثعبان قد يكون لديه أيضًا مستوى أساسي من الوعي نتجاهله. وهناك أيضًا الكثير مما لا نعرفه، بما في ذلك عن القشريات عشاري الأرجل مثل السرطان والكركند وجراد البحر والروبيان. نحن لا نعرف الكثير عن تجربتها الحياتية، أو حتى الأشياء الأساسية مثل كيف تموت. وهذا مهم لأننا بحاجة إلى وضع قواعد لحمايتهم سواء في المختبر أو في البرية.

صورة من wikimedia

في الوقت ذاته تقريبًا الذي كان فيه رينيه ديكارت يقول "أنا أفكر إذن أنا موجود"، وجدت الكنيسة الكاثوليكية أن عالم الفلك الإيطالي غاليليو غاليليه "يشتبه بشدة في الهرطقة" لاقتراحه أن الأرض ليست مركز الكون. لقد كان التحول في التفكير هو الذي فتح أعيننا على صورة أكثر صدقًا وثراءً للكون ومكاننا فيه. إنّ نقل أنفسنا من مركز الكون مرة أخرى قد يفعل الشيء نفسه بالنسبة لفهمنا لأنفسنا وكذلك للكائنات الحية الأخرى التي نتشارك معها الكوكب.

المزيد من المقالات