الجامع الكبير بالجزائر.. حلقة وصل بين الماضي والحاضر

الجامع الكبير بين التاريخ والحاضر

يعتبر الجامع الكبير بالعاصمة الجزائر ثالث أكبر مسجد في العالم حيث يتسع لأكثر من مئة وعشرين ألف مصلِ ويتميز بقاعة كبيرة للصلاة مساحتها تقارب 10 آلاف متر مربع وتحيط الأعمدة بالمحراب المصنوع من الرخام الأبيض في الجهة الشرقية ويبلغ ارتفاعها 70 متراً تقريباً، أما بالنسبة لمئذنته فهي الأعلى في العالم حيث يبلغ طولها 265 متر مع منصة مراقبة في القمة تتيح للزوار الاستمتاع بالمناظر الرائعة الخلابة لخليج الجزائر، ويحتوي أيضا على مدرسة إسلامية (لتحفيظ القرآن) ومكتبة تضم مجموعة ضخمة من الكتب تصل إلى مليون كتاب تقريباً ، وفيه أيضا قاعات لإلقاء المحاضرات ومتحف.

وهو أقدم مسجد في الجزائر حيث بني قبل سبعة قرون تقريبا في عهد دولة المرابطين والتي حكمت الجزائر في القرن الخامس الهجري، وقد بني يد مؤسس دولة المرابطين "يوسف بن تاشفين" في شهر رجب عام 490هـ وبنيت مئذنة الجامع بعده بمدة طويلة تقترب من 227 عام على يد السلطان تلمسان "أبو تاشفين بن أبو حمو موسى الأول" ويقال أنه بني على أنقاض كاتدرائية رومانية قديمة

أما عن تسمية الجامع فهو يطلع عليه أيضا "المسجد العتيق" بسبب كونه أقدم مسجد في الجزائر بعد مسجد "سيدي عقبة" بسكرة، والجامع الكبير في تلمسان والجامع الكبير في ندرومة. والجامع الكبير في العاصمة الجزائر واحد من أشهر الآُار القليلة المتبقية من العمارة الخاصة بدولة المرابطين.

تم اكتشاف نقوش كتابية مكتوبة بالخط الكوفي في الجامع عن طريق الصدفة على كل من المحراب والمنبر ويعد هذا الاكتشاف مهما جداً لكونه تم بعد ما يقرب 90 عام من الغزو الفرنسي للجزائر، فالمنبر معروف منذ القدم وهذا النقش الكوفي مكرر عليه ثلاث مرات.

هيئة وتصميم الجامع الكبير

تعد هندسة دولة المرابطين مختلفة عن الهندسة المعمارية لأي عصر من العصور الإسلامية ومن أهم مميزاتها أنها كانت تعتمد في الهيئة على التكون الضخم والمزخرف بالعناصر المعمارية الفخمة فمثلا يتميز المسجد الجامع الكبير بالجزائر بكونه يحتوي على قاعة للصلاة مستطيلة الشكل وغير مرتفعة بشكل كبير بل متوسطة الارتفاع أقرب إلى قليلة لكنها كبيرة الحجم للغاية لتتسع لما يزيد عن مئة ألف مصلي ،كما أن المسجد مغطى بوحدات سقف منحدرة الشكل ومتداخلة مع وحدات من القرميد الأحمر.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

وفي المسجد بالتحديد في الأروقة من الداخل توجد مجموعات من العقود المتداخلة ومتعامدة على المحراب والمتوازية معه وترتكز أكتاف العقود على أعمدة ذات هيئة مستطيلة، أما فيما يتعلق بالمنبر فإن هيئته تتكون من سبعة درجات مرتبطة بعارضين -ريشتين- جانبيتين فيهما زخارف هندسية على الألواح الخشبية المكونة لهم تتنوع بين المثلثات والمربعات.

أما فيها يتعلق بقبة المسجد فيبلغ قطرها خمسون متراً وتتوسط قاعة الصلاة.

الجامع الكبير في مقاومة الاحتلال الفرنسي

اثناء الاحتلال الفرنسى للجزائر حاول الاستعمار تدمير المسجد، لكن تمت مواجهته بمقاومة شرسة من قبل سكان العاصمة بل كان أيضا من الفرنسيين أنفسهم من يحاول الحفاظ على هيئة وتاريخ الجامع فكان أحد المهندسين الفرنسيين اهتم اهتماما بالغا بالمسجد الكبير فقام باعادة بناء الواح المنبر التي كانت قد تآكلت والقيام بتركيبها على هيكل حديدي لتبقى تلك النقوش شاهدة على أقدم مسجد في الجزائر.

من أهم مميزات المسجد أنه يعد ثالث أكبر مسجد في العالم من حيث سعة استقبال المصلين اليومية بعد المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة، وأنه أقيم على ساحل البحر المتوسط، وقد أعيد افتتاحه بعد خمس سنوات من الترميم والإصلاح وفُتح أما السياح الدوليين وزوار الدولة من الجزائرين وغيرهم، وافتتح الباب للمصلين في رمضان لأداء الصلوات والتراويح ورممته شركة أعمال معمار صينية.

ويضم المسجد زخارف عربية وشمال أفريقية تكريماً للثقافة الجزائرية، والجامع ليتضمن ما يميزه عن غيره من الجوامع الأخرى وهو مهبط للطائرات ومكتبة تحتوي على مليون كتاب تقريبا.

كما أ،ه يضم متحف للفن والتاريخ الاسلامي وقاعة مؤتمرات وبيت للقرآن ومركزاً للأبحاث عن تاريخ الجزائر، وقد تكلفت أعمال التجديدات والترميمات فيه ما يقرب من 898 مليون دولار.

المزيد من المقالات