أشهر خمس كهنة من العرب القدماء

كان العرب قبل الإسلام كدأب معظم القبائل الوثنية في العالم تميل إلى الإيمان بالخرافات والتكهنات، ويعيرون انتباههم إلى كلام العرّافين والكهنة، ظنًّا منهم بوجود علم خفيٍّ اطّلعوا عليه دون غيرهم، منذ قديم الأزل حتى عصرنا هذا. فمنهم من يؤمن بتنبؤاتهم ومنهم من يستمع لهذه التنبؤات لدواعي الفكاهة. على الرغم من ذلك، كان العرب الوثنيون القدماء يؤمنون بتنبؤات الكهنة، إليكم أشهر خمس كهنة في تاريخ العرب الذين تركوا بصمتهم في أذهان سادة العرب وكبرائهم في زمنهم.

عراف اليمامة

عراف اليمامة هو لقب لرياح بن كحيلة، كما أنه كان يقال له رياح بن راشد وكنيته أبو كحلاء مولى لبني يشكر. اختلفت الأقاويل في اسم عراف اليمامة في كتب التراث، هل هو رباح أم رياح أم رباج، وهل هو ابن كحلة أم ابن عجلة؟ نجد هذا الاختلاف بسبب أخطاء النساخين قديما، وأخطاء الطباعة لاحقا، والصواب عندي أنه رباح أو رياح، فلا تسمي العرب رباجا، والأصح أنه ابن كحلة. كان له قرين من الجن يبلغه بالأخبار ودواء بعض الأمراض. ككاهن كان يتعاطى الخبر عن الكائنات من المستقبل، ويدعي معرفة الأسرار وعلم الغيب. ذكر عراف اليمامة في الشعر فقيل:

فقلت لعراف اليمامة داوني

فإنك إن داويتني لطبيب

حليس الخطاط الأسدي

كان حليس يعتمد على الخطوط كعراف. فكان يرسم خطوطا، ثم يخطر إليها، ليستنبط شيئا منها، ويتنبأ بهم للناس، ثم ينظر العراف ويقول: ابنا عيان، أسرعا البيان، ثم يخبر بما يرى. كان يعتمد العراف في هذه الطريقة على الذكاء والتجارب. وقد كان يستخدمها أكثر الناس قبل الإسلام لكي يتوصلوا إلى معرفة الأشياء المفقودة. والعراف بما عنده من الملكات والمواهب المذكورة، يقضي ويتنبأ للناس فيما يراه.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

شق وسطيح

هم وارثا كهانة طريفة، حيث أن عندما شعرت طريفة بقرب أجلها، أمرت جواريها بأن يبحثن عن رضيعان في يوم احتضارها. وكان قد ولد مولودان مشوهان، "شق" وكان نصف مكتمل، حيث كان له عضو واحد فقط مما يكون للمكتمل منه اثنان، و"سطيح"، كان بلا عظام في جسده عدا الجمجمة، فكان يقال أنه يطوى كما يطوى الثوب. جاء الجواري بالوليدان إلى الكاهنة فنفخت في فمهما، وقالت للجواري ألا يرضعنهما فقد كفاهما هذا. وبهذا، تمت مراسم انتقال الكهانة من طريفة إلى شق وسطيح. ومع الوقت، صارا أشهر كهنة اليمن وجزيرة العرب حتى وصلت شهرتهما إلى كسرى ملك فارس.

أطيب التمنيات

شهرتهما ليست من فراغ، ففي أحد الأيام حلم الملك بأن حمماً بركانية تخرج من صخور سوداء فتحرق كل شيء، وعندما أفاق كان قد نسي تفاصيل الحلم. فاستدعى شق وسطيح كل منهما على حدة وسألهما عن الحلم الذي نساه من فزعته. أنبأ كل منهما الملك بالحلم الذي رآه فعليا، وعندما طلب الملك التفسير كان ردهما واحداً: "ستغزو الحبشة اليمن."

كانت إجابة مفزعة للملك، فطلب منهما تفاصيل أكثر عن هذه النبوءة، فكانت النبوءة أن الأحباش سيغزون اليمن في عهد ملك آخر غير صاحب الحلم، وأنهم سيمكثون فيها عقوداً ثم يطردهم أحد أبناء رجل اسمه ذي يزن. وتمر الأيام، ويتسبب اضطهاد الملك الحميري يوسف ذو نواس للمسيحيين في استفزاز مملكة الحبشة فيتم غزو بلاده وتسقط دولته، ثم بعد عقود يخرج سيف بن ذي يزن ثائرا ويتحالف مع الفرس لطردهم فعليا.

الكاهن الذي أنقذ والد النبي من الذبح

أراد عبد المطلب إعادة حفر بئر زمزم، حيث أنها كانت قد ردمت. تصدت له قريش لأن حفره للبئر سيرفع من مقامه بين الناس. امتعض عبد المطلب من ضعفه ونذر أن يذبح أحد أبنائه قربانا للآلهة إذا رزق عشرة أبناء يكونون له عصبة. وعندما تحققت أمنيته، ضرب بينهم القرعة فجاء اسم عبد الله، فتقدم به للإله هبل لينحره عنده.

ثار إخوة عبد الله وغضب أخواله، وحاول سادة قريش أن يثنوا عبد المطلب عن قراره، فقاموا بالاتفاق على الاحتكام إلى كاهن في يثرب. سألهم الكاهن "كم فدية الرجل منكم؟" فقالوا "عشرة من الإبل" فقدم المخرج من المأزق: "ارجعوا إلى بلادكم، وقرّبوا عشراً من الإبل واضربوا عليها وعلى صاحبكم القداح فإن خرجت القرعة على صاحبكم فزيدوا عشراً، حتى يرضى ربُّكم، وإن خرجت على الإبل فانحروها فقد رضي ربُّكم ونجا صاحبكم وكانت عنه فداء". وهذا ما كان فأنقذ عبد الله من النحر.

المزيد من المقالات