أتقنْ فن الاتصال: لا تدعْ مواضيع المحادثة تنفد منك أبداً وقُمْ بتعميق علاقاتك

إذا تدرَّبتُ بقدر ما أتحدَّث، سأكون أسرع من يوسين بولت، وأقوى من شوارزنيجر، وأكثر ذكاءً من أينشتاين. إذن، ألا ينبغي علينا جميعاً أن نكون محترفين تماماً في المحادثة؟ ألا ينبغي علينا جميعاً أن نتحلَّى بالخبرة والراحة في تجنّب الصمت المحرج أو إجراء المحادثات مع الغرباء أو التحدّث في الأماكن العامة بشكلٍ غير مُبالَغٍ فيه. مع ذلك، يعاني الكثير منا في تلك المجالات. ويمكن لكلِّ هذا أن ينطبق عليّ، فأنا لستُ مثالياً بأيّ حالٍ من الأحوال. ولا أحَّدَ هو كذلك. على مرِّ السنين، تعلَّمتُ الدروس الثلاثة التالية وقمتُ باتّباع ما تنصّ عليه في محادثاتي اليومية مع الآخرين. ستمنحك هذه النصائح الثمينة دائماً شيئاً لتتحدَّث عنه وتسهِّل عليك التواصل مع الأشخاص بطريقةٍ أعمق من السابق بكثير. إذن، لا مزيد من الصمت المحرج، ولا من اللقاءات غير المريحة مع الغرباء، ولا من نفاد المواضيع التي تتحدَّث عنها.

1. اطرحِ الأسئلة وأظهرِ الاهتمام

كلُّ شخصٍ هو عالَمٌ فريدٌ من نوعه خاصٌّ به. وكلُّ شخصٍ لديه الكثير من التجارب ودروس الحياة والقصص التي يمكن مشاركتها، بغضِّ النظر عمَّن يكون.

لقد التقيتُ وتفاعلتُ مع أشخاصٍ عديدين غيَّروا الطريقة التي أنظر بها إلى بعض الأفكار، وعلّموني الكثير من الأشياء التي لم أكن أعرفها من قبل، وأثَّروا عليَّ بشكلٍ إيجابي.

ومع ذلك، فإنّ الكثير منّا تفوته الاستفادة من أشخاصٍ رائعين إمّا بسبب الحكم على الكتاب من غلافه أو فقط بسبب الرغبة في التحدّث عن الذات.

لن تعرف أبداً من هم هؤلاء الأشخاص حقّاً ولا ما يمكن أن يقدّمه شخصٌ ما بدون أن تسألهم وتبذل جهداً للتعرّف عليهم. ما يجب أن تجتازه هو فقط سؤالٌ واحدٌ. الأمر بسيطٌ جداً إلى هذه الدرجة.

حاولِ الابتعاد عن الأسئلة التي يكون جوابها نعم أو لا، واخترِ الأسئلة المفتوحة التي تمنح الشخص الذي تتحدَّث معه الحرية الكاملة للتعبير عن نفسه بشكلٍ علني.

أسئلةٌ بسيطةٌ مثل الأسئلة التالية يمكن أن تجعلك تجتاز شوطاً طويلاً من المسافة بينكما:

"ماذا كنت تفعل اليوم؟"

"ماذا تفعل عادةً من أجل الاستمتاع؟"

"من أين أنت؟"

الأسئلة ليست مجرَّد بدايةٍ للمحادثة، ولكنها تعمل أيضاً كمَصافٍ لبعض الأمور. إذْ يمكنك معرفة الكثير عن شخصٍ ما من خلال الإجابات التي يقدّمها.

إذا كان هذا الشخص مرتبطاً بأمرٍ ما وكان يستحق التحدّث إليه، فأظهرْ له اهتمامك وحاولِ التعمّق في عالَمه.

ومع ذلك، قد لا يستحقّ البعض وقتك أو قد لا يحبك الآخرون. لا بأس، تقبَّلِ الأمر، فلا يمكنك الانسجام مع جميع الناس أو التواصل معهم. لا تحاول فرض ذلك بالقوّة.

لا تخشى طرح الأسئلة، حتى لو كانت شخصيةً. فهذا الأمر أسهل ممّا تعتقد، ويؤدّي إلى قطع شوطٍ طويلٍ فيما تسعى إليه.

كُن شجاعاً بما يكفي لبدء محادثةٍ مهمّةٍ.

- مارغريت ويتلي

2. استمعْ جيّداً وكُنْ حاضراً

بمجرّد أن تجعل الناس يتحدَّثون، يكون كلُّ ما عليك فعله هو الاستماع. فالناس يحبّون التحدّث عن أنفسهم. مَنْ في الحقيقة لا يفعل ذلك؟

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

اجعلِ الأمر يتعلَّق بهم وكُنْ حاضراً عندما يفتح ذلك الشخص قلبه. أنت لا تعرف أبداً مَنْ الذي من الممكن أن تقابله ولا ما الذي ستتعلَّمه. أعطِ التقدير اللازم لتخصيص وقته/ وقتها للحديث، وكُنْ منفتحاً في طريقة تفكيرك.

إذا كنت تريد إظهار مشاركتك في المحادثة، فأضفْ بعض الكلمات التي تملأ الفراغات مثل "أها" أو "حسناً" أو "تماماً"، وقُمْ ببعض الإيماءات من حينٍ لآخر، وكرّرِ الكلمات المهمّة، واستمرْ في طرح الأسئلة التوجيهية.

ومع ذلك، فإنّ القوّة العظمى التي يفتقر إليها الكثير منّا هي الجلوس في صمتٍ. فقط اصمتْ واستمعْ.

لسنواتٍ عديدةٍ، كنتُ أعتقد دائماً أنّ وظيفتي هي الترفيه وقول شيءٍ ما عندما يكون الصمتُ سائداً، وكنتُ أشعر بنوعٍ من المسؤولية لملء الفجوات. ولكنْ كان الأمر ينتهي بي بقول كلماتٍ عديمة الفائدة بدون محتوى وبالقفز بين مواضيعَ ضحلةٍ مختلفةٍ.

إنّ فنَّ المحادثة لا يقتصر فقط على عدم نفاد الأشياء التي يمكن قولها وتجنّب الصمت غير المريح وطرح الأسئلة، ولكنه يتضمَّن أيضاً معرفة متى تتحدَّث وكيف تقول الأشياء في الوقت والمكان المناسبَين.

وفي المرّة القادمة التي تتعامل فيها مع صديقٍ أو غريبٍ أو زميلٍ، اسمحْ له بالتحدّث ولا تحاولْ ملء كلِّ صمتٍ. إنه شيءٌ يشعرك بالراحة والتحرّر إلى حدٍّ بعيدٍ أن تكون موجوداً في الزمن الحاضر وألّا تقلق بشأن ما ستقوله بعد ذلك.

وكما اقترحتُ في نصيحةٍ إضافيةٍ في مقالةٍ سابقةٍ لي، إذا أحطت نفسك بالأشخاص المناسبين واستمعت بعنايةٍ لهم، فسوف تدخل في محادثاتٍ غنيةٍ جداً وتتعلّم الكثير من الأشياء الجديدة أثناء تواصلك معهم على هذا المستوى العميق.

إنّ جميع المحادثات الجيّدة تبدأ بالاستماع الجيّد. لذا عليك تجريبه.

كان من المستحيل مواصلة المحادثة، فقد كان الجميع يتحدّثون كثيراً.

- يوغي بيرا

3. دَعْ ظلال الكلمات توجِّه المحادثة

صورة من unsplash

أنت تعرف الآن كيفية بدء محادثةٍ معيّنةٍ، وكيف تجعل الأشخاص يتحدّثون ويتواصلون معك.

أطيب التمنيات

ومع ذلك، عليك أن تعرف أنّ المحادثات هي حواراتٌ، وليست مونولوجاتٍ أي مناجاةً فرديةً. كما أنك تريد أن تجعل التفاعل على شكل كلامٍ مُتبادَلٍ بطريقةٍ طبيعيةٍ، لا أن يبدو وكأنه مقابلةٌ صحفيةٌ.

ظلال الكلمات هي العنصر السرّي اللازم حتى لا تنفد الأشياء التي يمكن قولها أبداً. ومعظمنا يستخدمها يومياً دون أن نلاحظ ذلك، وهذا ما يسمح لنا بالدخول في محادثاتٍ أعمق وبالتنقّل بين المواضيع التي لا نهايةَ لها.

فيما يلي مثالٌ يوضِّح ظلال الكلمات بشكلٍ جليّ:

روبرت: "حفلة الليلة الماضية كانت مجنونةً!"

جيمس: "أعرف. لا أستطيع أن أصدّق أنّ الشرطة اعتقلت مارتن”.

روبرت: "رجلٌ مسكينٌ. لا أستطيع أن أتخيَّل مدى الإحراج الذي شعر به”.

ففي وقتٍ قصيرٍ، تحوَّل الحديث من الحفلة إلى الشرطة، ومن الشرطة إلى الإحراج. من هناك، يمكن لجيمس أن ينتقل بسهولةٍ إلى قصةٍ مُحرِجةٍ عن نفسه، وينتهي من كسر الجمود.

إذا كنت لا تصدّقني، فما عليك سوى الاستماع إلى أوسكار وايلد: "يجب أن تمسَّ المحادثة كلَّ شيءٍ، ولكنْ يجب أن تركِّز هي نفسها على لا شيء".

إنّ السماح لظلال الكلمات بتوجيه المحادثة يتيح لك أن تكون في اللحظة الحالية ولا تفكّر في الشيء التالي الذي ستقوله مقدّماً.

ومع ذلك، إذا كان الشخص الذي تتحدّث معه يجعل من الصعب العثور على هذه الظلال من خلال تقديم إجاباتٍ بكلمةٍ واحدةٍ من غير جهدٍ ودون أن يشارك في المحادثة، فلا تبذلْ مزيداً من المحاولة.

عليك أن تدرك أنه لا يمكنك إرضاء الجميع والتواصل معهم. فلا تضيّعْ وقتك وابحثْ عن شخصٍ آخرَ يستحق التحدّث إليه.

ولكنْ الأهمُّ من ذلك هو عدم إلقاء اللوم على مهارات الاتّصال الضعيفة لديك.

المحادثة لا تتعلَّق بإثبات نقطةٍ ما؛ المحادثة الحقيقية تدور حول الذهاب في رحلةٍ مع الأشخاص الذين تتحدّث معهم.

- ريكي ماي

نصائح إضافية

صورة من unsplash

إذا كنت تريد أن تشعر بالراحة والثقة عند التحدّث مع الأصدقاء والغرباء، أو التواصل مع المحترفين، أو مغازلة الآخرين، فعليك بما يلي:

1. استخدمِ الأسئلة لبدء المحادثات وللتعرّف على الأشخاص ولاصطفائهم.

2. انخرطْ بشكلٍ كاملٍ فيما يقوله الناس، ولا تحاولْ ملء فترات الصمت بمزاحٍ سطحي.

3. دَعْ ظلال الكلمات توجّه المحادثة كيلا تنفد الأشياء التي يمكن قولها وكي تصل إلى مزيدٍ من العمق في تلك المحادثة.

نحن البشر نتحدَّث ونتفاعل بعضنا مع بعض طوال اليوم وكلّ يوم. وتُعتبَر المحادثات ذات أهميةٍ قصوى لتعزيز التواصل البشري وللنمو الشخصي. فلماذا لا نتعلَّم كيفية إتقان هذه المهارة وبالتالي كيفية إثراء حياتنا؟

المزيد من المقالات