مكتبة في كاليفورنيا تعير حيوانات ميتة إلى المنازل

عندما تم تعيين كارول دي ويلتون سكوت Carroll DeWilton Scott كأول مديرٍ للتعليم في متحف التاريخ الطبيعي في سان دييغو في عام 1920، كان أحد مشاريعه الأولى هو برنامج "حجرة الطبيعة" (نايتشر كابينيت Nature Cabinet). حيث قام موظفو المتحف باستخدام شاحنة فورد جديدة من أجل نقل معدّات مخصّصة لدراسة الطبيعة تحتوي على عينات جيولوجية وأصداف وطيور وحشرات منصوبة على مساند، وذلك من مقتنيات المتحف إلى المدارس المحلية.

حسب الطريقة التي تصوّر سكوت بها الأمر، فإنّ إحدى أفضل الطرق التي كان سكان سان دييغو سيتمكّنون بواسطتها من أن يفهموا مقاطعتهم كانت بأن يستوعبوا شيئاً بسيطاً على الأقلّ عن النباتات والحيوانات التي عاشت هناك قبلهم. لقد كان على صواب في ذلك الحين، وهو لايزال على صواب حتى الآن. وبعد مرور أكثر من 100 عام، يقوم متحف التاريخ الطبيعي في سان دييغو بتقديم الطبيعة للناس بطرقٍ ووسائلَ لم يكُن باستطاعة حتى سكوت صاحب التفكير المستقبلي أن يتخيّلها أبداً.

إنّ مجموعة المقتنيات التي يمكن الوصول إليها في الوقت الحالي تُعرَف باسم برنامج "قرض الطبيعة إليك" (نايتشر تو يو لون Nature to You Loan)، وهي تضمّ أكثر من 1300

عنصر يمكن لأعضاء البرنامج استعارتها وأخذها إلى فصولهم الدراسية أو إلى استوديوهاتهم الفنية أو حتى إلى الحفلات العارضة في مكاتب العمل.

بمساعدة قاعدة بيانات قابلة للبحث عبر الإنترنت، يقدّم برنامج "قرض الطبيعة إليك" كلّ شيء تقريباً بدءاً من الجلود المخملية للثعلب الرمادي وصولاً إلى العيّنات المرعبة لعقرب الإمبراطور، ويوفّرها للطلاب والنحّاتين وأولياء الأمور وحرّاس المنتزهات.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

لقد توسّعت العروض بحيث تجاوزت إلى حدٍّ كبيرٍ جداً ما يمكن أن تحمله شاحنة فورد واحدة، ولكنّ مضمون ما تقدّمه لا يزال مميزاً بقدر ما كان عليه في بادئ الأمر.

تقول هايلي بريست Haylie Priest المتخصّصة في تعليم المتاحف، والتي يعود تاريخ تجربتها الأولى مع "قرض الطبيعة إليك" إلى المدرسة الابتدائية، عندما استعار معلمها في الصف الرابع بعض العيّنات لمشاركتها مع تلاميذ الفصل: "أعتقد حقاً أنّ الفائدة من وجود هذه العيّنات التي يمكن التفاعل معها ولمسها، هي أنّ الأطفال والكبار يمكنهم بواسطتها اختبارُ تجاربَ شخصيةٍ فريدةٍ ومميّزةٍ".

"عندما تذهب خارجاً ويصدف أن يكون هناك صقرٌ أحمر الذيل يحلّق فوقك، فإنّ باستطاعتك فعلياً رؤيته لمدة 10 ثوانٍ فقط. أمّا إذا تمّ إحضار عيّنة منه إليك، فعندها ستتمكّن من رؤية كلّ التفاصيل. ستستطيع أن ترى مدى احمرار ذلك الذيل بالضبط. وستستطيع أن ترى كم هي طويلةٌ وحادةٌ تلك المخالب. إن ذلك يخلق حقّاً احتراماً أكبر لما يقابل هذه العيّنات من نظائرَ حقيقيةٍ برّيةٍ.

صورة من flickr

يمكن لأعضاء برنامج "قرض الطبيعة إليك" استعارة عددٍ يصل إلى سبع عيّنات لمدة تصل إلى أسبوعين مقابل رسم سنوي قدره 75 دولاراً. يتضمّن البرنامج أيضاً مجموعاتٍ مخصّصةً للتدريسذاتَ مواضيعَ معيّنةٍ. وهناك عضويةٌ لمرةٍ واحدةٍ بقيمة 25 دولاراً تسمح لك باستعارة أربع عيّنات لمدة أسبوعٍ واحدٍ. بالإضافة إلى قاعدة البيانات عبر الإنترنت، يمكن للأعضاء التصفّح شخصياً في مكتبة الإعارة الموجودة في متحف بالبوا بارك Balboa Park، والتي تفتح من الأثنين حتى الخميس من الساعة 2 إلى 5 مساءً.

أطيب التمنيات

تمّ جمع العديد من العيّنات بين عامي 1920 و1960. وفي الوقت الحالي، لا يقوم المتحف بقتل الحيوانات من أجل عرضها، ولكنه يقوم بأخذ حيوانات ماتت في حوادث أو لأسباب طبيعية، وينصبها على مساند معيّنة.

سواءٌ أكانت مستحاثات أو ثدييات أو أسماك أو طيور أو حشرات محفوظة، فإنّ عيّنات "قرض الطبيعة إليك" تكتسب حياةً كاملةً من جديد، وذلك كزملاء أثناء أداء الواجبات المدرسية المنزلية أو كأدوات تُستعمَل للتدريب أو حتى كديكورات. تحظى الهياكل العظمية بشعبية خاصة في عيد الهالوين، وتتذكر بريست مجموعةً من العاملين في المكاتب استعاروا حيواناتٍ بحيث تتطابق مع أسماء الفرق المتعلّقة بالعمل، كي تكون بمثابة تمائم لهم خلال حفل عطلتهم السنوية.

في منتزه "مسارات الإرسالية" (ميشن تريلس Mission Trails) المحلي، يتمّ استخدام عيّنات المتحف خلال جلسات التدريب السنوية على توجيه المسارات. تستخدم حارسة المنتزه المخضرمة هايدي جوتكنيشت Heidi Gutknecht أيضاً عروض "قرض الطبيعة إليك" في برنامجها المهني الشهري المخصَّص للأطفال. وهنا يكون الأرنب الكبير ذو الذيل الأسود المثير للدهشة دائماً أمراً ممتعاً للجمهور، وكذلك هو الحال مع الثعلب الرمادي الصغير. هذا الأخير يتّصف بأنه مخادعٌ للغاية، حتى أنّ جوتكنيشت لم ترَ من هذه الحيوانات سوى الآثار والفضلات التي تتركها وراءها.

صورة من doodlewash

تقول جوتكنيشت: "يقولون دائماً إنّ الصورة تساوي ألف كلمة، لكنّ الأمر يكون أبلغ حتى من ذلك عندما تتعامل مع عيّنةٍ فعليةٍ".

"إنها تساعد الناس على الإحساس بمزيدٍ من التقدير للموارد الموجودة هنا. إذْ يمكنك بطريقةٍ ما أن تتعرّف على الحياة البرية التي تتشارك معنا بالوجود في نفس المنطقة. ومن المأمول به أن يجعل ذلك الناسَ أكثر اهتماماً بهذه الحياة، وأن يولِّد لديهم رغبةً أكبر في الحفاظ عليها وحمايتها".

بالنسبة لطلاب مدرسة سان دييغو الثانوية الذين يدرسون في الصفوف الفنية ﻟ في. سي. غروفز ، كانت عيّنات "قرض الطبيعة إليك" مصدراً للتعليم والإلهام. لقد بدأت غروفز استعارة الحيوانات منذ بضع سنوات، وذلك على أمل أن يتمكَّن مالك الحزين الأزرق الكبير أو غزال المحور الصغير من جعل طلابها يبتكرون شيئاً ما بطريقةٍ لا يستطيع فعلها وعاءٌ من الفاكهة.

لقد اعتقدت غروفز -مثلها مثل الطليعي كارول دي ويلتون سكوت- أنّ جلب الطبيعة إلى غرفة الصف الدراسي من شأنه أن يفتح عالماً كاملاً من الإمكانيات. ولقد كانت على صواب هي أيضاً.

قامت إحدى الفتيات برسم ولد الظبي، فأنجزت إحدى أدقّ وأجمل أعمال الفحم الناعم. وقامت فتاة أخرى برسم الصقر، فأظهرت ملامح قوته الكبيرة وجرأته تماماً، مع استخدامها لتباينٍ قوّي فعلاً. لقد استطاعت الفتيات أن يلتقطن بشكلٍ مطلق ما يميّز مزاج تلك الحيوانات.

"أخبرت طلابي أنهم يكرّمون الحيوان حقاً من خلال رسمه. فهم يطيلون حياته من خلال جعله مرئياً للآخرين ومن خلال توجيه اهتمامهم إلى هذا الحيوان بواسطة أعمالهم الفنية. وهذا الأمر كان محفّزاً بشكلٍ كبيرٍ للأطفال."

المزيد من المقالات