وحماة ووادي الغاب، فأصبح خطاً رئيسياً للري والطاقة والسياحة في بلاد الشام.
سُمي "العاصي" لأنه يجري من الجنوب إلى الشمال، عكس معظم أنهار المنطقة. يفيض شتاءً وينخفض صيفاً، ويبلغ متوسط تدفقه السنوي نحو 1200 مليون متر مكعب. يُستعمل في مشاريع الري الكبرى في حمص، حماة، والغاب، ويُنتَزع منه الماء للاستخدام المنزلي والصناعي في أنطاكية والجوار.
بيئياً، يغذي النهر أراضي رطبة مهمة مثل دلتا سمنداغ، وهي محطة رئيسية لطيور الهجرة. لكن التلوث الناتج عن الأنشطة الحضرية والزراعية، إضافة إلى الحرب السورية، أضر بجودة المياه، وزاد القلق من تراجع التنوع الحيوي. كما أدى تجفيف مستنقعات الغاب منتصف القرن العشرين إلى تغييرات بيئية كبيرة.
يُعد نهر العاصي معلماً سياحياً مائياً وثقافياً في سوريا ولبنان وتركيا، تبرز فيه نواعير حماة، مدينة أفاميا الرومانية، وآثار أنطاكية. اقتصادياً، يُستخرج منه الماء للري وتُنتج منه الطاقة الكهرومائية، وتُشغل سدوده مثل قطينة والرستن ومحردة لضبط الجريان وتأمين المياه.
شهد النهر أحداثاً تاريخية بارزة، منها معركة قادش في العصر البرونزي، وتحول أنطاكية إلى عاصمة هلنستية ورومانية. كما احتوى نظام نواعير إسلامي فريد أدرجته اليونيسكو في قائمتها المؤقتة. يواجه النهر اليوم خلافات مائية بين الدول الثلاث، رغم اتفاق 1994 بين لبنان وسوريا، ومشروع سد الصداقة بين سوريا وتركيا.
مستقبلاً، تحتاج حماية نهر العاصي إلى إصلاح البنية التحتية، معالجة التلوث، إعادة النظام البيئي، وتوزيع المياه بعدالة بين الدول. يبقى هذا النهر "المتمرد" دعامة لتحقيق الأمن الغذائي وحماية التنوع الحيوي إذا تعاونت الدول عبر الحدود.
دانييل فوستر
· 15/10/2025