الصورة عبر envato
الصورة عبر envato

أثناء النمو يمر الأطفال والمراهقون بتحديات مختلفة ومن خلال المرور بتلك التحديات يتمتعون بخبرات ومهارات جديدة. تعتبر مرحلة المراهقة من المراحل المليئة بالتحديات الصعبة ليس على الطفل فقط بل أيضا للوالدين والمعلمين. يقسم البعض المراهقة لثلاث مراحل وهي المراهقة المبكرة من سن 11 وحتى 14 سنة والمراهقة المتوسطة من عمر 15 وحتى 17 سنة والمراهقة المتأخرة وهي من سن 18 وحتى 25 سنة.

قديما كانت أعراض المراهقة تظهر على الأطفال من سن 13 سنة إلا أن في العصر الحديث في الأغلب تبدأ المراهقة بين عمر 9 وحتى 11 سنة للبنات و11 ل 13 سنة للبنين. تلك الطفرة تعود لتغيرات اجتماعية وأيضا تعرض الأطفال من سن مبكر جدا لوسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من الخبرات التي تدفعهم للنمو نفسيا بشكل أسرع من السابق.

ADVERTISEMENT

أيضا تغير الأنماط الغذائية وتناول الطعام المعدل والوجبات السريعة له تأثير على نشاط الهرمونات في جسم الأطفال مما ينتج عنه ظهور تغيرات هرمونية بشكل مبكر عما كان معتادا من قبل. يقوم مقالنا بالتركيز على التحديات النفسية على وجه الأخص لدى مراهقي المرحلة المبكرة والمتوسطة. ناقش طفلك بهدوء إذا ظهرت أي من التحديات التالية وتجنب توبيخه، حاول عدة مرات وإن فشل الأمر أطلب مساعدة متخصص.

1- اضطرابات الطعام

الصورة عبر envato
الصورة عبر envato

يمكنك بسهولة ملاحظة تغير نمط تناول الطعام لدى طفلك المراهق بالمقارنة مع مرحلة الطفولة، فأنه إما يبالغ في تناول الطعام ويبدأ وزنه في الزيادة أو يتجنب تناول الطعام ويبدأ في خسارة الوزن بشكل ملحوظ. تظهر أنماط مختلفة من اضطرابات الطعام لدى الأطفال في سن المراهقة مثل الأكل العاطفي وفقدان الشهية العصبي والشره المرضي وغيرها من اضطرابات الطعام.

ADVERTISEMENT

لكن لماذا تظهر تلك الاضطرابات والسلوكيات على أبنائنا؟ وهل يمكننا كغير متخصصين ملاحظتها؟ وهل تصيب البنات والبنين على حد سواء؟ وهل هناك طريقة لمساعدة المراهق في تلك الحالة؟ لا بد من أن كل تلك التسؤولات تمر بذهنك.

يمر الطفل في مرحلة المراهقة بتغيرات هرمونية تسبب له الارتباك وتجعله قلقا ومضطربا وتغير كافة مشاعره لذا؛ من الطبيعي أن تتأثر كل سلوكياته. ستلاحظ أنه أحيانا يأكل لمجرد الشعور بالملل أو القلق أو الإحباط. 1 من كل 7 مراهقين يعاني من اضطرابات الطعام، الأمر يستدعى التوعية والاهتمام.

من أكثر التحديات التي تواجه المراهق أيضا هو مظهره وصورته في أعين الأخريين. هو دائما في تنافس ليكون الأجمل أو الأكثر وسامة. يعيش دائما تحت ضغط وسائل التواصل والأعلام والأهل والأصدقاء ليبدوا في أفضل صورة. معظم المراهقين يعانون من عدم رضا عن النفس وعن شكلهم ومظهرهم. أصبحت معايير الجمال أكثر قسوة، هو يريد أن يبدوا مثاليا وإن لم ير نفسه مثاليا فهو يشعر بالغضب ويستخدم الطعام للتنفيس عن ذلك الغضب.

ADVERTISEMENT

حتى وإن كنت غير متخصص يمكنك بسهولة ملاحظة سلوك طفلك نحو تناول الطعام وطلب مساعدة متخصص في حالة ما ظهرت تغيرات مبالغة وغير معتدلة سواء عن طريق تناول الطعام بشراهة أو الامتناع عن الطعام. وتعتبر الفتيات أكثر عرضة لاضطرابات الطعام أثناء مرحلة المراهقة بسبب الضغط المجتمعي على مظهرهن.

2- الاكتئاب

الصورة عبر unsplash
الصورة عبر unsplash

يعتبر الاكتئاب من التحديات النفسية التي يواجهها الكثير من المراهقين وأحيانا يكون الاكتئاب ذا أعراض بسيطة مثل تقلب المزاج والرغبة في الوحدة أحيانا والكلام بشكل أقل من المعتاد. إلا إنه في أحيان أخرى يكون ذو أعراض حادة، يميل فيها المراهق للعزلة التامة والامتناع عن تناول الطعام معظم الوقت والصمت وتجنب كل الأنشطة الاجتماعية. بعض المراهقين يحاربون أفكار إيذاء النفس بشكل يومي تقريبا ولديهم أفكار انتحارية.

ADVERTISEMENT

المراهق يعاني فيضان من المشاعر مع التغيرات الهرمونية في مرحلة المراهقة، يشعر كأنه في بحر عاصف هائج وهو غير متقن للسباحة. يجد أنه في مواقف لا يعرف كيف يجب أن يتصرف فيها ويواجه مشاعر حادة وعميقة تهز كيانه. عندما يحزن أو يفرح أو يغضب يكون الشعور جارفا، هو لا يقصد المبالغة ولكن التغيرات الهرمونية التي يمر بها تجعل كل الأمور تبدو أكبر وأصعب وأعمق مما يمكنه تحملها. وقلما يلجأ للمساعدة لأنه يحاول أثبات أنه لم يعد طفلا.

يزيد التواجد على وسائل التواصل الاجتماعي من حدة الاكتئاب والعزلة التي يشعر بها المراهق فهو دائم مقارنة نفسه بالأخريين من حيث الشكل أو الشعبية أو حتى إتقان المهارات. يميل المراهق لفقدان الثقة بالنفس ويحارب مشاعر صغر النفس والفشل. من المهم جدا حث المراهق على ممارسة الرياضة والهويات والخروج وقضاء الوقت بعيدا عن الشاشات.

ADVERTISEMENT

الدعم النفسي والقبول والتأكيد على الحب وتقديم الاهتمام من الوالدين أمرا ضروريا جدا في تلك المرحلة. اللجوء لمتخصص إذا ما لوحظ انعزال المراهق بشكل يومي أو معاناته أو الميل لإيذاء النفس أمرا لا غنى عنه. القليل من تقلب المزاج أمرا مقبولا ولكن يمكنك بسهولة ملاحظة النمط السلوكي المعبر عن الاكتئاب والذي يحتاج لمساعدة متخصص.

3- القلق

الصورة عبر unsplash
الصورة عبر unsplash

يعتبر القلق الدائم من تحديات المراهقة. ذكرنا بعض الأسباب في النقاط السابقة من المقارنة مع الأخريين وارتفاع المعايير وغيرها. يظن البعض أن القلق لا يعتبر أمرا يستحق الاهتمام إلا أن الشعور بالقلق الدائم أمر له مخاطر جسدية ونفسية لذا؛ لا يجب تجاهله. لكن ترى ما هي أهم أسباب القلق لدى المراهق؟

تعتبر التوقعات المبالغة من الأهل والمعلمين أحد الأسباب التي تدفع المراهق للشعور بالقلق. هو دائما قلق ألا يكون جيد بالدرجة الكافية أو ناجحا كما يجب أو مشرف كما تتمنى. يجب أن يعطى المراهق مساحة ليضع توقعاته الخاصة ومساعدته إذا ما طلب المساعدة.

ADVERTISEMENT

شاهدت صديقا يوبخ ابنه ويقول له إنه يعرف أنه لن يصبح ناجحا مثل ابن صديقه مهما أجتهد، مضى الطفل وهو غارق في الشعور بالخجل والخزي. سألت صديقي لماذا قمت بإحراجه وجرحه بهذا الشكل خاصتا في وجودي؟ أجابته أصابتني بالصدمة أكثر من تصرفه، قال صديقي "أنا فقط أشجعه على أن يجتهد ليخلف ظني، أنا أعرف أن أبني مجتهدا ولن يخذلني". ظن صديقي ومثله الكثير من الآباء أن إهانة وتحدى طفله سيدفع الطفل للاجتهاد ليثبت أنه ناجح. إنها وصفة لتدمير نفسية الطفل وهز ثقته في نفسه وهو ضغط هائل لا يتحمله في سنة هذا.

تشجيع الطفل أمر ضروري وأساسي في سن المراهقة، عندما تساوره الشكوك حول إمكاناته يجب أن تكون أنت موجود لتطمئنه أنه يستطيع النجاح وتحقيق كل ما يتمنى. أحيانا يظهر القلق عند الطفل المراهق في صورة أعمال تخريبية أو سلوكيات عنف، كذلك يظهر القلق في اضطرابات النوم والأرق والتعب والألم الجسدي مثل الشكوى من آلام البطن والصداع باستمرار. حاول مناقشة الطفل في مشاعره وطلب مساعدة متخصص في حالة الأعراض الحادة.

4- الإدمان

الصورة عبر envato
الصورة عبر envato

السلوكيات الإدمانية تبدأ بشكل كبير منذ سن المراهقة حتى وإن ظهر بعضها مبكرا. إدمان الهواتف والألعاب الألكترونية، إدمان التسوق وإدمان المواد المخدرة أو التدخين والمواد الإباحية وغيرها من السلوكيات الإدمانية التي تتسبب في تدهور الصحة الجسدية والنفسية لدى المراهق.

والإدمان هو رغبة شديدة في ممارسة شيء معين وعدم القدرة على التوقف حتى مع وجود أثار سلبية أو نتائج مدمرة. والسلوكيات الإدمانية لدى الكثير من المراهقين تبدأ من خلال الرغبة في التقليد والاستكشاف وتجربة الأشياء وإشباع الفضول والرغبة في التمرد وإظهار الشخصية. يظن المراهق في البداية أن لديه القدرة على التوقف. كما أن تأثير الأصدقاء في تلك الحالات يكون كبيرا جدا وخطر، بصفة خاصة في المراهقين الذين يعانون من الرفض أو الإهمال أو ضعف الشخصية أو انعدام الثقة بالنفس أو التفكك الأسري. حتى أن بعض المراهقين بدءوا في تلك السلوكيات الإدمانية فقط لمجاراة الأصدقاء ولكنهم وجدوا أنفسهم غير قادرين على السيطرة على الأمر.

ويوجد الكثير من العلامات التي يمكن من خلالها ملاحظة ممارسة الطفل لسلوك إدماني، منها على سبيل المثال الكذب وصرف المال بشكل مبالغ واختلاق قصص وتوقف الطفل عن ممارسة أنشطة يحبها في مقابل قضاء وقت كبير جدا في نشاط واحد فقط أو مع أشخاص معينين. حتى أن إهمال النظافة الشخصية مقابل ساعات من قضاء الوقت على الأجهزة يعتبر إحدى العلامات. كذلك اضطرابات النوم والتدهور الملحوظ في الأداء الدراسي واعتلال المزاج بشكل كبير مع الانعزال والانفعال والغضب.

ننصح بالتوجه فوراء لمتخصص عند الشك في أي سلوكيات إدمانية بصفة خاصة في المرحلة الأولى من المراهقة حيث يكون تعديل وعلاج تلك السلوكيات أمرا أسهل. تربية الشعور بالمسؤولية في الطفل من الصغر وشغل وقته بالأنشطة النافعة والتأكد من علاقاته وجودتها ومتابعة أدائه الدراسي عن قرب يعتبر من العوامل التي تساعد على حماية المراهق من السلوكيات الإدمانية.

المزيد من المقالات