الصورة عبر pxhere
الصورة عبر pxhere

تعتمد مطابخ الشرق الأوسط على نسيج معقد من التأثيرات الثقافية، حيث يساهم كل منها في الهوية الفريدة للتقاليد الطهوية الإقليمية. ويتميز المطبخان اللبناني والسوري بأنهما نسيج نابض بالحياة ضمن طيف أوسع من فن الطهي في الشرق الأوسط. يتشابه المطبخان كثيرًا بسبب تقاربهما الجغرافي، وتراثهما الثقافي المشترك في بلاد الشام، إلّا أنّ هناك اختلافات في المكوّنات والنكهات وطرق التحضير، التي تجعل كل مطبخ منهما فريدًا من نوعه. يشتهر المطبخ اللبناني مثلًا بنكهاته الجريئة ومكوناته الطازجة وتأثيراته المتنوعة في الطهي، ويشتهر المطبخ السوري بتوابله ونكهاته الأكثر عمقًا وغنىً. في هذه المقالة نقدم تفصيلاً لذلك، وبعض الرؤى لأولئك الذين يسعون إلى استكشاف النكهات الغنية لهذين المطبخين اللذين يحتلّان مكانة مميزة في قلوب وأذواق عشاق الطعام في جميع أنحاء العالم.

ADVERTISEMENT

الأسس المشتركة:

يعكس المطبخان اللبناني والسوري نسيجًا غنيًا من التأثيرات الثقافية التي تمتد لقرون من التاريخ، بما في ذلك التأثيرات الفينيقية والرومانية والعربية والعثمانية. يتجلى هذا التراث المتنوع بمجموعة واسعة من المكونات والنكهات وتقنيات الطهي الموجودة في الأطباق. بالإضافة إلى ذلك، تساهم الأراضي الخصبة والمناخ الملائم في لبنان وسورية في وفرة المنتجات الطازجة والأعشاب والمأكولات البحرية التي تتميز بشكل بارز في المطبخين. يشترك كلا المطبخين بالمكونات الأساسية التي تميزهما عن باقي المطابخ، وهي الاستخدام الكبير لزيت الزيتون والليمون الحامض والثوم والبقدونس والسماق والطحينة ولبن الزبادي والخضروات الطازجة. كما أن هناك أطباقًا أساسية متطابقة مثل المقبلات كالحمّص والتبولة والكبة والبابا غنوج، وهي شائعة في كلا المطبخين. من جهة أخرى، فإن طرق الطهي: الشواء والخَبز والطهي البطيء هي تقنيات أساسية في كلا التقاليد الطهوية.

ADVERTISEMENT

التمييز في ملفات النكهة:

الصورة عبر Wikimedia Commons
الصورة عبر Wikimedia Commons

المطبخ اللبناني: تتميز التقاليد الطهوية اللبنانية بالاهتمام الدقيق بالتفاصيل والتركيز على الحفاظ على النكهات الطبيعية للمكونات. يميل المطبخ اللبناني إلى أن يكون أخف وأكثر تركيزاً على الأعشاب والليمون والنكهات الطازجة، مع الاستخدام المكثف لدبس الرمان لإضفاء نكهة لاذعة في السلطات (مثل الفتوش) واليخنات. وهو بذلك أكثر ملاءمة للنباتيين، مع مجموعة متنوعة من أطباق المقبلات النباتية. الأطباق أقل حرارة بشكل عام ولكنها تحتوي على نكهات حمضية وعشبية نابضة بالحياة.

المطبخ السوري: يتميز بنكهات أكثر عمقًا وتركيبة ترابية وتعقيدًا بسبب الاستخدام الأكبر للتوابل مثل البهارات والقرفة وجوزة الطيب. غالبًا ما تكون أطباق اللحوم، وخاصة لحم الضأن، أكثر بروزًا، مع الصلصات الغنية واليخنات (مثل الكبة باللبنة والشيش برك). ويتضمن المطبخ السوري تأثيرات حلبية، وخاصة في المناطق الشمالية، مع التركيز على الفواكه المجففة والمكسرات في الأطباق اللذيذة (مثل كبة الكرز).

ADVERTISEMENT

أنواع الخبز والمعجنات:

الصورة عبر unsplash
الصورة عبر unsplash

المطبخ اللبناني: متخصص في خبز البيتا الرقيق والناعم، والذي يستخدم غالبًا لغرْف الصلصات أو لف الشاورما والفلافل. وهو معروف بالفطائر اللذيذة مثل المناقيش (خبز مسطح بالزعتر أو الجبن أو اللحم المفروم.

المطبخ السوري: يتميز بخبز أكثر سمكًا وبساطة، خاصة في المناطق الريفية. تشتهر حلب بالمعمول (بسكويت السميد المحشو بالتمر أو المكسرات) وأصناف البقلاوة الغنية.

الأطباق المميزة:

الصورة عبر Wikimedia Commons
الصورة عبر Wikimedia Commons

أبرز الأطباق اللبنانية: الكبة النيئة: لحم ضأن أو لحم بقري نيء مخلوط بالبرغل والتوابل، ويعتبر من الأطعمة الشهية. الشنكليش: جبن مخمر قديم يقدم مع الطماطم والبصل وزيت الزيتون. الكفتة: أسياخ لحم مشوية متبلة، مصنوعة عادة من البقدونس والبصل. المازة: مجموعة مختارة من الأطباق الصغيرة التي تقدم كمقبلات أو وجبات خفيفة، وهي جانب أساسي من الطعام اللبناني. الفتوش: سلطة منعشة مصنوعة من خبز بيتا مقلي وصلصة رمان لاذعة.

ADVERTISEMENT

أبرز الأطباق السورية: الفتة: طبقات من الخبز المحمص ولبن الزبادي واللحم أو الحمص، وغالبًا ما تُغطى بالصنوبر والزبدة المصفّاة. الكباب الحلبي: كباب على الطريقة الحلبية مع مزيج فريد من التوابل وغالبا ما يتم طهيه مع الكرز أو الرمان. المتبل: نسخة أغنى وأكثر دخانا من بابا غنوج مع المزيد من الطحينة. الشاورما: وهي شرائح رقيقة من اللحم المتبل تقدم في خبز مسطح. اليبرق: أوراق العنب المحشوة بالأرز واللحم، وغالبا ما تقدم دافئة ومتبلة بشكل أكبر من النسخة اللبنانية.

الاختلافات الإقليمية:

الصورة عبر unsplash
الصورة عبر unsplash

لبنان: تركز المدن الساحلية مثل بيروت على أطباق المأكولات البحرية، مثل الصيادية (الأسماك المتبلة بالأرز)، وتتميز المناطق الجبلية بالأطباق القائمة على منتجات الألبان.

سورية: تشتهر حلب باستخدام الكرز والمشمش والفواكه الأخرى في الأطباق اللذيذة، في حين تشتهر دمشق بالحلويات مثل الغريبة (بسكويت الزبدة) والبرازق (بسكويت السمسم). في المنطقة الوسطى (حمص وحماة)، يوجد تركيز على اليخنات الدسمة وأطباق الرز.

ADVERTISEMENT

تأثير الاتجاهات الحديثة:

الصورة عبر unsplash
الصورة عبر unsplash

اكتسب المطبخ اللبناني شعبية عالمية كبيرة، وتكيّف مع الأذواق العالمية، مع التركيز على الأكل الصحي والخيارات النباتية، في حين أن المطبخ السوري يحتفظ بطابع تقليدي أكثر، وخاصة في مجتمعات الشتات، مع الحفاظ على الوصفات والتقنيات القديمة.

الخاتمة:

يقدم المطبخان اللبناني والسوري رحلة مغرية عبر نكهات وتقاليد الشرق الأوسط، حيث يعرضان مزيجًا فريدًا من المكونات الطازجة والتوابل النابضة بالحياة وتقنيات الطهي. ويتشابه هذا المطبخان كثيرًا، إلّا أن لكل منهما شخصيته الفريدة ونكهته المميزة؛ فبينما يتميز المطبخ اللبناني بنكهاته الخفيفة والطازجة والأعشاب، يقدم المطبخ السوري نكهات أعمق وأكثر ثراءً وتوابلًا. يعكس كلا المطبخين تنوع وثراء فن الطهي الشامي، ما يجعلهما محبوبين في جميع أنحاء العالم. تضمن جذورهما المشتركة الكثير من التداخل، حتى الأطباق المذكورة في هذه المقالة هي في الحقيقة مشتركة بين المطبخين، لكن الفروق الدقيقة الإقليمية تجعل استكشاف كليهما تجربة لذيذة وفريدة من نوعها.

ADVERTISEMENT

المزيد من المقالات