التنمر هو سلوك عدواني يحدث بين الأطفال والمراهقين في المجتمعات المختلفة وهو سلوك ينم في الأساس على اختلال في توازن القوى بين طفلين أو أكثر. نحاول دائما حماية أطفالنا من الأمراض والأخطار المختلفة ولكن تكمن المشكلة في التنمر أن الطفل نادرا ما يفصح عن تعرضه للتنمر. يحدث الننمر غالبا في غياب البالغين، على سبيل المثال يتعرض الطفل أو المراهق للتنمر في الفصل عند غياب المدرسين أو في باحة المدرسة أو الصالة الرياضية أو أتوبيس المدرسة أو في النوادي الرياضية بعيدا عن أعين المدرسيين والمشرفين. تكرر سلوكيات التنمر من الأطفال والمراهقين نحو بعضهم يعرضهم لأخطار وعواقب قد تكون دائمة وتؤثر على بناء شخصياتهم تأثيرا سلبيا قد يدوم طوال العمر. والحقيقة أن مثل هذا الأثر السلبي لا يقع فقط على الطفل أو المراهق الذي يتعرض للتنمر لكن أيضا للطفل أو المراهق المتنمر. الآن يأتي السؤال الأهم كيف يمكنني أن أعرف أن طفلي ضحية للتنمر؟ ويليه السؤال الذي لا يقل كثيرا في الأهمية كيف يجب أن أتصرف في حالة تعرض طفلي للتنمر؟ وللإجابة على كلا السؤالين يجب أن يسبقهم الفهم الصحيح لما هو التنمر من الأساس؟ تابعوا سطور هذا المقال التي ستجاوبكم باستفاضة عن تلك الأسئلة.

ما هو السلوك الذي يعتبر تنمرا؟

صورة من unsplash
صورة من unsplash

لأتمكن من حماية طفلي من التنمر يجب أن أفهم بوضوح ما هو السلوك الذي يعتبر تنمرا؟ التنمر هو سلوك عدواني متكرر يمكن أن يظهر من خلال الاعتداء البدني على الطفل أو المراهق من المتنمر مثل الدفع أو الضرب بكل أشكاله وفي العادة يكون الطفل المتنمر أكبر سنا أو أضخم حجما. يمكن أن يكون التنمر أيضا غير بدني مثل إذلال أو تهديد الطفل أو المراهق بأسرار أو معلومات يعرفها المتنمر عن الضحية أو ظروفه أو سلوكه أو حتى حالته الصحية. التنمر سلوك متكرر يحدث أحيانا يوميا أو حتى أكثر من مرة في نفس اليوم، لذا؛ لا نطلق كلمة تنمر على أي سلوك عدواني إلا إذا كان متكررا ويتضمن اختلالا في ميزان القوة بين الطرفين. يمكن أن يكون المتنمر شخص بالغ أيضا ولكن يركز مقالنا على التنمر بين الأقران بشكل أكبر.

ADVERTISEMENT

أشكال التنمر المختلفة

صورة من unsplash
صورة من unsplash

كما ذكرنا التنمر له عدة أشكال ولكن دعونا نترجمها لسلوكيات واضحة حسب كل شكل منها وسنذكر بعضها فقط:

1- التنمر اللفظي

استخدام ألفاظ أو أسماء غير لائقة للطفل أو المراهق

التعليقات الجنسية الخادشة للحياء، مثل التعليق على الأعضاء الحساسة للطفل أو المراهق

التهكم على الطفل أو المراهق أو شكله أمام الأخريين.

التهديد المستمر بإلحاق الأذى بالطفل أو المراهق حتى وإن لم يحدث اعتداء بالفعل

2- التنمر الاجتماعي

الإحراج المتعمد في الأماكن العامة

التحريض على تجاهل وتجنب الطفل أو المراهق من الأقران الأخريين

الأضرار بسمعة الطفل أو المراهق من خلال نشر الإشاعات أو فضح أسراره

3- التنمر البدني "الجسدي"

الضرب أو الركل أو الدفع أو التسبب في تعثر الطفل أو المراهق أو تقييد حركته

إلحاق أي أذى بدني بالطفل أو المراهق أو تعذيبه

ADVERTISEMENT

الحركات أو الإيماءات غير لائقة

كسر أو إفساد ممتلكات الطفل أو المراهق

4- التنمر الجنسي

التحرش بالطفل أو لمس الطفل بطريقة غير لائقة أو مقبولة

إجبار الطفل أو المراهق على مشاهدة صور أو فيديوهات خادشة للحياء

تصوير جسد الطفل أو المراهق بصفة خاصة الأجزاء الحساسة من الجسم

5- التنمر الإلكتروني

أصبح التنمر الإلكتروني شائعا بصورة كبيرة ويشمل العديد من السلوكيات السابقة ولكن يتم عبر وسائل التواصل المختلفة مثل وسائل التواصل الاجتماعي أو الإيميل أو رسائل الهاتف ويشمل سلوكيات مثل:

التهديد

إرسال رسائل أو صور أو فيديوهات خادشة

الابتزاز بالأسرار أو الصور الخاصة

علامات تعرض طفلك للتنمر

صورة من unsplash
صورة من unsplash

يوجد العديد من الظواهر التي قد تشير لتعرض طفلكم للتنمر ولكن لا تعنى بالضرورة أنه ضحية بالفعل وبالتالي، عند ملاحظتها يجب التحقق والتأكد من الطفل أو المراهق نفسه ومراقبة المجتمعات التي يتواجد فيها الطفل بصفة مستمرة للتأكد. أي سلوكيات مستجدة وغريبة على الطفل أو المراهق تعتبر علامات تحذيرية لوجود مشكلة لدى الطفل. يجب أن نحترس بشكل أكبر أيضا إذا كان الطفل يعاني من نوع من الإعاقة حيث إنه يصبح فريسة أسهل للتنمر إليكم بعض العلامات:

ADVERTISEMENT

-تعرض متعلقات الطفل للتلف أو الضياع بشكل متكرر "بصفة خاصة إن كانت تلك السلوكيات جديدة على الطفل"

-ملاحظة جروح أو كدمات أو خدوش على الطفل أكثر من مرة

-قلة عدد الأصدقاء أو فقدان الأصدقاء بشكل مفاجئ

-خوف أو تجنب الطفل أو المراهق من الذهاب للمدرسة أو ركوب حافلة المدرسة أو اختلاق أعذار لتجنب المشاركة في الأنشطة المدرسية أو الرياضية "بصفة خاصة إن كان الطفل أو المراهق في العادة مقبلا على تلك الأنشطة"

-سلوك الطفل طريقا أطول للذهاب أو العودة من المدرسة وتجنب الطرق المعتادة

- تدنى المستوى الدراسي للطفل أو المراهق عن المستوى السابق له أو إهماله أداء الواجبات المدرسية

-مظاهر الحزن أو الاكتئاب أو العصبية وتقلب المزاج أو البكاء دون مبرر ملحوظ "بصفة خاصة عند العودة من المدرسة"

ADVERTISEMENT

-ظهور سلوكيات عنيفة على الطفل في المنزل "بصفة خاصة نحو الأخوات الأصغر سنا"

- الشكوى المستمرة من الصداع أو آلام المعدة

-اضطراب النوم، حيث يجد الطفل أو المراهق صعوبة شديدة في النوم أو السهر بشكل مبالغ على غير العادة

-الصمت على على عكس سلوكه السابق

- القلق والتوتر وظهور علامات تدني الثقة بالنفس لدى الطفل أو المراهق

كيفية التصرف عند الشك في تعرض الطفل للتنمر

صورة من unsplash
صورة من unsplash

الآن وقد رأيت بعض تلك العلامات أو الظواهر على طفلك، لا تتعجل في الاستنتاج أن الطفل ضحية للتنمر ينطبق الكثير من تلك العلامات على ضحايا التنمر والإساءات البدنية والجنسية أيضا وإن كان طفلك مراهقا فمن الوارد أيضا ظهور بعض تلك الظواهر حتى دون تنمر نتيجة للتغيرات الفسيولوجية والنفسية التي يتعرض لها الأطفال في تلك المرحلة العمرية. إذا كيف أعرف؟ إليكم الخطوات التي ربما تساعدكم:

ADVERTISEMENT

-إذا كان الطفل بعمر الابتدائي أو أصغر:

لا تسأله بشكل مباشر "حبيبي لقد سمعت عن التنمر بالمدارس، هل يحدث مثل تلك الأمور في مدرستك؟ أنا قلق عليك وأتمنى ألا يضايقك أحد الأطفال بالمدرسة". يمكنك دائما أن تطلب مساعدتي أو تحكي لي عما يضايقك.

أسأله عن سلوك زملائه بالصف نحوه، هل يعاملونه بلطف؟ وهل يوجد طفل لئيم معه بالصف يضايق الأخريين؟ هل يوجد أطفال لا يحبهم بالصف ولماذا؟ هل يلعب مع أقرانه في الفصل؟ أظهر اهتمام بأصدقائه أسأل عن أسمائهم والأشياء التي يحبونها ولعباتهم المفضلة. قم بزيارة المدرسة ومقابلة المدرسين ومقدمي الرعاية للأطفال وأسأل عن أحوال الطفل وسلوكه وعبر عن قلقك من ناحية العلامات التي لاحظتها على طفلك.

مع الأطفال الأصغر سنا: يمكن استعمال ألفاظ أبسط ويمكن مساعدة الطفل على التعبير من خلال الرسم. أطلب من طفلك رسم أشخاصه المفضلين في المدرسة وهؤلاء الذين لا يحب التعامل معهم بعد الانتهاء من الرسم أطلب منه أن يشرح الرسم والأشخاص وأسأله لماذا يحب هؤلاء ولا يحب الأخريين.

ADVERTISEMENT

-إذا كان الطفل بعمر المراهقة:

لا يتقبل الطفل المراهق تدخل الوالدين بسهولة ويشعرون بالخزي والعار من كشف ضعفهم وتعرضهم للتنمر أمام والديهم والبالغين بصفة عامة.

تحدث مع طفلك المراهق بهدوء وأكد له أنك موجود ويمكنه التحدث معك في أي أمر. ساعد الطفل على التعبير في بيئة أمنه وأبتعد عن الضغط أو اللوم ولا تنتقده. "أعرف أن المرحلة الثانوية صعبة جدا وأحيانا يتصرف أقرانك بلؤم وعدوانية، أثق أنه يمكنك التصرف ولكني هنا أن احتجت مساعدتي". قم بزيارة المدرسة وتحدث مع مدرسي طفلك لأنهم يلاحظون العلاقات بين الطلبة وغالبا ما يكون المراهق المتنمر في تلك المرحلة العمرية واضحا وأكثر جراءة. ناقش مخاوفك وأساب قلقك مع مسؤولي المدرسة وتابع طفلك. حاول دائما التعرف بشكل جيد على المقربين من طفلك.

أخيرا لا تتردد أبدا في عرض طفلك على متخصص بالصحة النفسية إذا ما شعرت بأن مشكلته أكبر مما يمكنك أن تساعده بها. من المهم جدا أن تهتم أيضا بتحديد ساعات ملاءمة لطفلك لاستخدام الهواتف المحمولة والأجهزة وللأطفال سن الابتدائي يجب دائما متابعة حسابات الوسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم والتأكد من عدم استغلالهم من قبل غرباء. ولا تنس أن الوقاية دائما أفضل من العلاج لذا؛ ثقف طفلك التنمر مبكرا وأكد عليه أنك موجود دائما من أجله.

المزيد من المقالات