هيئة التراث السعودي تطلق حملة لتسليط الضوء على أهمية الحفاظ على الآثار

ADVERTISEMENT

في جهد جريء ومناسب لحماية التراث القديم للمملكة، أطلقت الهيئة العامة للآثار والتراث حملة وطنية طموحة تهدف إلى زيادة الوعي حول الحفاظ على التراث الأثري. هذه الحملة دعوة ثقافية للعمل - متجذرة في الفخر الوطني والاحترام التاريخي - تسعى إلى إعادة صياغة الطريقة التي ينظر بها السعوديون إلى ماضي أمتهم ويحمونه ويتفاعلون معه.

على خلفية التحول الشامل لرؤية المملكة العربية السعودية 2030، فإن الحملة هي أكثر من مجرد مبادرة علاقات عامة: إنها تعبئة استراتيجية تهدف إلى تعزيز المسؤولية المدنية وإحساس أعمق بالهوية الثقافية. مع الثروة الأثرية الهائلة للمملكة التي تتراوح من الفن الصخري ما قبل التاريخ إلى المقابر النبطية والمواقع التراثية الإسلامية، تأتي الحملة في لحظة حاسمة في رحلة إعادة اكتشاف وتجديد الأمة.

ADVERTISEMENT

من الوعي إلى العمل - الأهداف الأساسية للحملة:

تستند الحملة في جوهرها إلى ثلاثة أهداف مترابطة: التعليم، والمشاركة المجتمعية، وإنفاذ قوانين الحفاظ على التراث. وتهدف إلى إزالة الغموض عن أهمية التراث الأثري من خلال جعله في متناول المواطنين العاديين وذا صلة بهم. من خلال الأنشطة الميدانية والمعارض التعليمية والمنصات الرقمية، تعمل لجنة التراث بنشاط على إعادة تشكيل الحوار الوطني حول التراث، من شيء يُنظر إليه على أنه بعيد وعلمي إلى شيء شخصي وهام للغاية.

انطلقت الحملة بفعالية رئيسية في حديقة جدة، واحدة من أكثر الوجهات الحضرية زيارة في المملكة. بين 27 و 30 جزيران / يونيو 2025، انغمس الزوار في تجربة متعددة الحواس في جناح تضمن معارض تفاعلية وتركيبات سردية وألعاب ذات طابع تراثي. الجناح، المزين بصور منمقة لقطع أثرية قديمة وزخارف تاريخية، دعا العائلات والطلاب والسياح لاستكشاف ثروات المملكة العربية السعودية الثقافية بطريقة عملية.

ADVERTISEMENT
الصورة بواسطة Abo Yemen على wikimedia

بيوت الأدارسة في جيزان

المشاركة الشعبية في جميع أنحاء المملكة:

كان إطلاق جدة بارك مجرد البداية. تم تصميم الحملة كمبادرة متنقلة وشاملة، مع تخطيط محطات قادمة في الحدائق العامة ومراكز التسوق والأسواق التقليدية والحرم الجامعي. تضمن هذه المبادرة أن التعليم التراثي لا يقتصر على المتاحف أو الفصول الدراسية، بل ينسج في نسيج الحياة اليومية.

في جميع هذه الأماكن، تشجع الحملة المواطنين على التعرف على الاكتشافات الأثرية واحترامها والإبلاغ عنها. من خلال تطبيق للإبلاغ وخط طوارئ، يتم حث الأفراد على الإبلاغ عن الحفريات غير القانونية والقطع الأثرية غير المسجلة أو المواقع التراثية المهددة بالانقراض. ومن خلال تسهيل المشاركة في الحفاظ على التراث، تحوّل الحملة التقدير السلبي إلى رعاية إيجابية.

ADVERTISEMENT

تسليط الضوء على تراث مهدد:

لا يمكن المبالغة في أهمية هذه الحملة؛ ففي السنوات الأخيرة، واجهت المملكة العربية السعودية تحديات متزايدة تتعلق بالاتجار غير المشروع بالقطع الأثرية، وتعدّي المدن على المواقع الأثرية، وتدهور البيئة. وفقًا للجنة التراث، فإن معظم هذه الأضرار تنجم عن نقص الوعي العام. تعالج الحملة هذه الفجوة من خلال توفير معلومات عن القيمة الثقافية والتاريخية وحتى الاقتصادية للحفاظ على آثار البلاد.

تؤكد رسالة الحملة على أن التراث الأثري ليس مجرد أثر من الماضي، بل هو حجر الزاوية للهوية الوطنية. تروي الآثار والمواقع التي تنتشر في أنحاء المملكة - من مقابر العلا المدرجة في قائمة اليونسكو إلى طرق التجارة القديمة في نجران - قصصًا تربط الأجيال والمجتمعات معًا. هذه القصص لا تستحق الإعجاب فحسب، بل تستحق أيضًا الحماية.

ADVERTISEMENT

توثيق أرشيف وطني متنامٍ:

بالتزامن مع الحملة، أعلنت هيئة التراث السعودي عن إضافة 744 موقعًا أثريًا جديدًا إلى السجل الوطني الرسمي للآثار في المملكة. وبذلك يصل العدد الإجمالي للمواقع المسجلة إلى 10,061 موقعًا، وهو إنجاز يؤكد حجم وثراء المشهد التاريخي للمملكة العربية السعودية.

يتم تحديد الموقع الجغرافي لكل موقع مسجل وتصويره وتحليله من قبل خبراء لضمان توثيقه وحمايته بشكل سليم. كما بذلت لجنة التراث جهودًا لرقمنة هذه السجلات، ما يجعلها متاحة للباحثين والطلاب والمتخصصين في التراث على الصعيدين المحلي والدولي.

الصورة بواسطة Ali Mansoor على unsplash

مدينة شقراء السعودية

التكنولوجيا والتقاليد - نهج حديث للحفظ:

ما يجعل الحملة الحالية مميزةً بشكل خاص هو استخدامها للتكنولوجيا الحديثة في سرد القصص القديمة. تتيح تركيبات الواقع المعزز للمستخدمين تصور الهياكل التاريخية في شكلها الأصلي، بينما ترتبط العلامات المرمّزة برمز الاستجابة السريعة في المواقع الرئيسية للحملة بجولات افتراضية وأفلام وثائقية قصيرة. وقد انتشرت بالفعل، على وسائل التواصل الاجتماعي، حملات تتضمن مقاطع فيديو قصيرة وجذابة، ووصلت إلى الفئات العمرية الأصغر سناً وعززت المناقشات عبر الإنترنت حول التراث السعودي.

ADVERTISEMENT

وفي الوقت نفسه، تكرم الحملة رواية القصص التقليدية والحرف اليدوية، وغالباً ما تشرك الحرفيين والمؤرخين المحليين في ورش العمل وحلقات النقاش. ويضمن هذا المزج بين أساليب الاتصال الحديثة والتقليدية أن تلقى الحملة صدى لدى جميع الفئات العمرية والخلفيات الاجتماعية.

الصورة بواسطة asif the best على freeimages

واجهة أحد المباني التاريخية في جدة

حركة وطنية في طور التكوين:

لعل النتيجة الأقوى للحملة هي قدرتها على غرس الشعور بالفخر والهدف لدى المواطنين العاديين. عندما يدرك الناس أن حماية نقش عمره قرون أو الإبلاغ عن قطعة أثرية بيعت بشكل غير قانوني يساعد في الحفاظ على تاريخهم الوطني، يصبح التراث مسؤولية مشتركة.

في بلد شاسع ومتنوع مثل المملكة العربية السعودية، فإن مثل هذه الحركة الموحدة لا تقل عن كونها تحولية. لا تقتصر الحملة على تقريب التراث من الناس فحسب، بل تقرب الناس بعضهم من البعض الآخر من خلال الشعور المشترك بالواجب والانتماء الثقافي.

ADVERTISEMENT

الخاتمة - كتابة المستقبل بحبر الماضي:

بينما تسير المملكة العربية السعودية بخطى سريعة نحو التحديث والبروز العالمي، فإنها تنظر أيضاً إلى الداخل، وتكرم القصص المنحوتة في الحجر، والمرسومة على جدران الكهوف، والمتوارثة عبر الأجيال. تعد المبادرة علامة فارقة في هذه الرحلة، حيث تمزج بين التعليم والتكنولوجيا وروح المجتمع لضمان عدم ضياع الماضي في الاندفاع نحو المستقبل.

مع حماية كل قطعة أثرية والحفاظ على كل موقع، تكتب المملكة قصة أكثر ثراءً ومرونة، قصة لن تتذكرها الأجيال القادمة فحسب، بل ستستمر في البناء عليها.

أكثر المقالات

toTop