أكبر مساجد المغرب مساحةً، مسجد الملك الحسن الثاني في الدار البيضاء

إن عاصمة المغرب الاقتصادية الدار البيضاء مشهورة بالكثير ولكن أبرز ما تشتهر به هو مسجد الملك الحسن الثاني. فهو أكبر مسجد في المغرب، و ثاني أكبر مسجد في قارة إفريقيا وناهيك عن كونه أول مسجد مطل على المحيط الأطلسي ومئذنته ذات الارتفاع الشاهق. ساهم في بنائه 2500 عامل و10 آلاف حرفي تقليدي بالإضافة إلى أنه قد أشرف على مراحل بنائه الملك الحسن الثاني بنفسه، وصمم إحدى قبابه التي تم استعمالها لأول مرة في المساجد المغربية لذلك، ستندم إن لم تأخذ من وقتك لتتعرف على هذا المسجد الأثري أكثر.

تصميم مسجد الملك الحسن الثاني

صمم مسجد الحسن الثاني المهندس المعماري الفرنسي ميشيل بينسو، وهو ممن استقدمهم الملك إلى المغرب، للعمل على عدة تصاميم من ضمنها هذا المسجد. قام بينسو بتصميمه على بنية تاريخية ومعتمدا على العمارة المعاصرة، وهذا بعد سنوات قضاها في دراسة العمارة الإسلامية المغربية حيث عاش في الدار البيضاء لمدة أكثر من 20 عاما. كان مصدر الإلهام له جامع الكتبية في مراكش، والجزء القديم من مسجد حسان في الرباط، بالإضافة إلى الجامع الكبير في إشبيلية.

صمم المسجد على مساحة إجمالية تبلغ 90 مترا مربعا، كان المسجد خليطا من التصميمات الأندلسية العتيقة، فأدمج أسلوبا مغربيا مع خصائص حديثة في التصميم، مسايرة للتطورات التي تشهدها المباني التاريخية عالميا. شيد هذا المسجد على جانبين، الجانب الأول من جهة اليابسة مكون من مدخل مزين بأبواب مزركشة وأقواس منقوشة تدل على دلالات تاريخية، والثاني وسط المياة.

كانت من التحديات التي واجهت البناء هو دفن وردم 15 هكتارا من مساحة البحر عن طريق استخدام مواد شديدة المقاومة والصلابة، تهتم بمتانة البناء وثباته فوق الأمواج، مثل طلاء الترافرتين والتيتانيوم للأبواب، و"تدلاّكت" (نوع من الأصباغ المضادة للماء ومشهور في العمارة المغربية) وهي مادة ضد الرطوبة. كما استدعى البناء ما يقارب 300 ألف متر مكعب من الخرسانة و40 ألف طن من الفولاذ.

تصميم مئذنة مسجد الملك الحسن الثاني

إن تصميم المئذنة ذات طابع معمار مغربي أندلسي، تتجه نحو القبلة توجها ركنيا، على عكس باقي المساجد في العالم الإسلامي التي بنيت أضلاعها في اتجاه القبلة. ترتفع المئذنة 200 مترا، وهذا يجعلها من أعلى المعالم الدينية في العالم، كما أنها مزودة بمنارة، وجامور من 3 كرات ذهبية بارتفاع 15.5 مترا، بالإضافة إلى أنه يشع منه شعاع ليزر يبلغ مداه 30 كيلومترا، وتعد منارة للسفن القادمة إلى ميناء الدار البيضاء.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

كان الملك خلال زيارته للموقع قد طلب من الشركة المسؤولة رفع المئذنة 25 مترا إضافيا بعد أن لاحظ أن حجمها ليس متناسبا مع حجم المبنى، مما تطلب تطوير مواد البناء لتكون قادرة على تحمل هذا الوزن الإضافي على اثر هذا التعديل. بالنسبة لواجهات المئذنة، فهي مزينة بأشكال مزخرفة من الحجر الجيري الروداني، وبعجينة زجاجية خضراء فسيفسائية، مصنوعة من التيتانيوم، على إطارات من الفولاذ المقاوم للصدأ. تبلغ مساحة قاعدتها 625 مترا مربعا، ويوجد من الداخل مصعد يتسع لـ 12 فردا، يمكنهم ذلك المصعد من الوصول إلى قمة المئذنة في أقل من دقيقة، وهذا عمل رائع!

الطراز المعماري للمسجد

مسجد الملك الحسن الثاني بالمغرب (المصدر)

جسد المسجد خصائص العمارة العربية الإسلامية، من حيث الشكل والزخرفة والحجم والموقع، وكانت هندسته المعمارية مستوحاة من الغنى الثقافي لفن البناء المغربي على مر القرون. هو قام بإحياء التراث الأندلسي، مع الحفاظ على الشكل المعماري المغربي. من أهم النقاط التي تعكس هذا النمط هو التركيز على قاعة الصلاة (المصلى أو صحن المسجد) بما يتناسب مع مساحة المسجد، لأنها مصدر الضوء والهواء لباقي أجزائه.

أطيب التمنيات

تقع قاعة الصلاة على مساحة هكتارين، وتتسع لـ 25 ألف مصل، إضافة إلى 80 ألفا آخرين في الساحة الخارجية. يعلو القاعة سقف متحرك ارتفاعه 60 مترا، يفتح ويغلق آليا في 5 دقائق لرؤية فناء مشمس على غرار البنايات القديمة التي تتميز بالهندسة العربية الأندلسية. كما يوجد أيضا ثريات المورانو، والأبواب الزجاجية بالجدار الشمالي، ومجموعة من الشماسات المرمرية الفخمة، بالإضافة إلى 3 فتحات مصنوعة في إطار خشبي مقوس.

علاوة على ذلك، صحن المسجد مجهز بأرضية مدفأة مغطاة بالرخام والغرانيت والحجر الجيري، مما يجعله محاكيا لديكور السجاد المغربي، وتزينه قباب "ستينيا" وقباب على شكل وردة، أطلق عليها "حسانية" أشرف الملك بنفسه على تصميمها، فكانت أول قباب تستعمل في مساجد المغرب، وهي عبارة عن خشب محفور ومثبت على إطارات تزن 971 طنا من الفولاذ مضاد للصدأ ومعلق بهيكل خرساني. كما يتميز المسجد بارتفاع أعمدته 13 مترا، وتنوعها شكلا وحرفيا، حيث نجد توظيف جمالي لخط وزخرفة الخشب والجبس والنحاس والرخام والفسيفساء والأصباغ باختلاف ألوانها،

المزيد من المقالات