الملكة كليوباترا وسقوط الأسرة البطلمية
الملكة كليوباترا السابعة، لن تجد في العالم بأسره فردا لم يسمع باسمها قط ولو لمرة واحدة، فهي الملكة الوحيدة التي سنحت لها الفرصة أن تحكم العالم كله وأن تجعل سادة العالم الأقوياء يجيئوا إليها راكعين خضوعاً في حضرتها . لكن قبل الحديث عن أمجادها وكيف كانت آخر الحكام العظام في الأسرة البطلمية التي دام حكمها لأكثر من قرنين على ارض النيل مصر العزيزة لابد لنا أن نعرف كيف كانت نشأتها، وحياتها والبلاد التي كبرت في أرجائها.
ملكة عظيمة منذ المهد حفرت اسمها في التاريخ بحروف من ذهب
الملكة كليوباترا السابعة، لن تجد في العالم بأسره فردا لم يسمع باسمها قط ولو لمرة واحدة، فهي الملكة الوحيدة التي سنحت لها الفرصة أن تحكم العالم كله وأن تجعل سادة العالم الأقوياء يجيئوا إليها راكعين خضوعاً في حضرتها .
لكن قبل الحديث عن أمجادها وكيف كانت آخر الحكام العظام في الأسرة البطلمية التي دام حكمها لأكثر من قرنين على ارض النيل مصر العزيزة لابد لنا أن نعرف كيف كانت نشأتها، وحياتها والبلاد التي كبرت في أرجائها.
كليوباترا السابعة منذ الولادة حتى عرش مصر والعالم
كليوباترا هي ابنة الملك بطليموس الثاني عشر نيوس ديونيسوس أو بطليموس أوليتس أو يعرف أيضا باسم بطليموس الزمار نسبة لحبه للعزف على الناي الصغير "الفلوت" في احتفالات الإله ديونيسوس إله البحر والخمر، تزوج بطليموس الزمار من أخته "تريفينا" ابنة الملك بطليموس التاسع التي اتخذت بعد الزواج اسم "كليوباترا السادسة".
عانى كثيرا بطليموس الزمار حتى حصل على اعتراف من روما بأحقيته في عرش مصر الثمن الذي دفع لقائه بما يقرب ٦٠٠٠ تالنت ذهبي الذي كان حينها مبلغا مهولا وهو نصف خزينة مصر حينها، فما كان منه إلا أن يغطي ذلك المبلغ من الضرائب التي يفرضها على الشعب المصري.
الملك بطليموس الثاني عشر تزوج من ابنة الملك "بطليموس التاسع" "كليوباترا السادسة" واعلن رسميا ملكا على عرش مصر بعدما وافق بشرط قنصل روما "قيصر" وأنجب منها طفلين أحدهما كانت "كليوباترا السابعة" والآخر هو من المفترض له أن يكون وريث العرش "بطليموس الثالث عشر.
كليوباترا السابعة ولدت وتربت في الإسكندرية العاصمة التي أتم تشييدها جدها الأكبر الملك بطليموس الثاني مؤسس الدولة البطلمية وواحد من أعظم قادتها سياسيا وعسكريا وتعلمت اللغتين المصرية واليونانية وأتقنت كليهما السبب الذي جعلها تعشق مصر وكل ما فيها وأشكال حضارتها ورموزها واعتادت أن تظهر بالازياء المصرية والحلي المصرية الكلمة حتى أن كثير من الناس في يومنا هذا كانوا يظنوا أنها ملكة مصرية الأصل وليست إغريقية يونانية من الأسرة البطلمية التي حكمت مصر بعد ما يقرب ثلاثة عقود من إسقاط الاسكندر الأكبر لآخر ملوك مصر القديمة الملك "نختنبو الثاني" آخر ملوك الأسرة الثلاثين حسب تقسيم مانيتون للتاريخ المصري.
كليوباترا على عرش مصر
لم يكن وصول كليوباترا لعرش مصر سهلا أبدا بل كان مقترنا دائما بالمخاطر والصراعات التي كانت بدأت بالفعل منذ عهد جدها الأكبر بطليموس الثامن الذي خاض هو الآخر الكثير من المعارك مع أخيه الأكبر بطليموس السادس. تلك المشكلات المتأصلة والتي ترجع جميع أسبابها إلى الطمع في السيطرة على عرض مصر كانت هي أيضا نفسها المعارك التي خاضتها كليوباترا السابعة مع اخيها بطليموس الثالث عشر الذي كان سببا في منعها من دخول القصر الملكي بل والاسكندرية كلها إبان زيارة "يوليوس قيصر" ليجعلها تظهر أمام هذا الأخير بمظهر أنها لا تأبه به ولا بزيارته التي كان قد جاء فيها من الأساس ليحكم بينهما من له الحق في حكم مصر بناء على رأي روما.
لكن ذكاء كليوباترا الذي كان واضحاً من الطفولة جعلها تلجأ لحيلة هي الأذكى والأدهى على الإطلاق ولاتزال تبهر سامعيها حتى اليوم، قررت كليوباترا أن تدخل الاسكندرية والقصر الملكي أيضا أمام الحراس وعساكر أخيها لكن بدون أن يروها فصارت خفية وبالفعل دخلت للقصر بكل بساطة بعدما أخفت نفسها بداخل سجادة كبيرة ملفوفة حولها وقيل للحراس أنها هدية لحضور "يوليوس قيصر" لمصر وبمجرد دخولها للقصر الملكي وساحة العرض الذي كان فيها أخيها برفقة "قيصر" خرجت كليوباترا السابعة من السجادة وكأنها فراشة تولد من جديد بعد الخروج من شرنقتها، وفي نفس تلك اللحظة انبهر بها "قيصر" وبمدى دهائها وذكائها اللذان جعلا منها قادرة على قلب مشكلة وقعت في شركها إلى فرصة اغتنمها لصالحها.
كليوباترا تحكم العالم
بعدما وقع قيصر في حب كليوباترا وراى بأم عينه ذكائها أصبح لا مفر من جعلها ملكة على مصر وعرف بطليموس الثالث عشر المصير الذي ينتظره فقرر الهرب من مصر وفقد حياته غرقا أثناء هروبه.
لكن حب "قيصر" كان طاغياً على أي شيء آخر في حياته لذا تزوجها وأخذها معه إلى روما ولم تكن في تلك الأثناء ملكة على مصر فقط فبزواجها من "ٌقيصر" أصبحت تحكم كل ما يحكمه "قيصر" بما في ذلك روما نفسها وفي تلك الأثناء كانت روما مسيطرة على جل العالم القديم فصارت كليوباترا السابعة تحكم العالم بطبيعة الحال.
لكن ذلك لم يعجب مجلس السناتو الذي كان هو من منح "قيصر" منصبه كقنصل لروما ليحكمها بولاياتها التابعة لها فقرروا التخلص من "قيصر" وبالفعل قاموا باستدعائه للمجلس وطعنه بعشرين طعنة من أعضاء السناتو كلهم لكن ما قتله كانت طعنة مساعده المقرب "بروتس" وفي تلك اللحظة قال "قيصر" جملته الأشهر في التاريخ :" حتى انت يابروتس! إذا فليسقط قيصر."
بداية النهاية بحب ماركوس أنطونيوس لكليوباترا
بعد موت "قيصر" تم الاتفاق على تقسيم حكم الامبراطورية الرومانية بين "ماركوس أنطونيوس" أحد أعظم وأوفى قادة جيش "قيصر" وبين ابن "قيصر" بالتبني "أوكتافيوس" الذي كان يحمل مسؤولية موت "قيصر" لزوجة أبيه كليوباترا نفسها، ولذلك كانت أول مهمة أوكلت لأنطونيوس بإيعاز من السناتو أن يأتي برأس كليوباترا التي كانت فرت من روما بعد مقتل "قيصر" إلى الشام.
بالفعل ذهب "أنطونيوس" للشام بقصد قتل كليوباترا لكن على غير المتوقع وقع في حبها من اللحظة الأولى كما حدث مع "ٌقيصر" من قبله وكانت هذه هي بداية النهاية لأنطونيوس ولكليوباترا وحتى للحكم البطلمي في مصر أيضا.
بمجرد أن علم "أوكتافيوس" بأن "أنطونيوس" لن يقتل كليوباترا بل وقع في حبها قرر أن يحارب كليهما ويثأر لأبيه "قيصر" وأن يؤسس بها الإمبراطورية التي يحلم بها فبدأ التجهيز لمعركة "أكتيوم البحرية" وبالرغم من أن أسطول الامبراطورية كان في يد "أنطونيوس" الذي كانت كفته في الميزان هي الرابحة حتى فتكت "الملاريا" بمعظم الجنود المشغلين لسفن الأسطول فصارت هناك سفن كاملة لا يوجد من يحارب على ظهرها وسفن أخرى اضطرت أن تتحرك بأقل من نصف العدد الذي لابد لها أن تحمله لتعمل.
تلك الأزمة التي جعلت كفة "أوكتافيوس" هي الرابحة جعلت أيضا أنطونيوس يحرق الكثير من السفن خوفا من أن تقع تحت سيطرة "أوكتافيوس" فقرر "أنطونيوس" الهرب ومعه كليوباترا لكن كل منهما ذهب في جهة وكانت هذه هي الفرصة التي أغتنمها أوكتافيوس بأن أطلق شائعات لتصل لأنطونيوس تقول بأنه قبض على كليوباترا فلم يجد "ماركوس أنطونيوس" حلا سوى الانتحار.
وبمجرد وصول خبر انتحار "أنطونيوس" لكليوباترا قررت هي الأخرى الانتحار ولكن بالطريقة المصرية بأن تضع الكوبرا "وادجيت" على عنقها فلدغتها وماتت على الفور.
وكانت هذه هي اللحظة التي انتهى فيها حكم البطالمة على مصر فدخل "أوكتافيوس" مصر وأعلن أنها أصبحت ولاية رومانية وأعلن نفسه أول إمبراطور عليها وسمى نفسه "أغسطس". وبذلك انتهى فصل طويل من حكم مصر لنفسها لتدخل فصل آخر وهو مصر كولاية في إمبراطورية أخرى.