مراكش: سحر العمارة وعبق التاريخ والثقافة. عليكَ زيارتُها

ترجع تسمية مراكش إلى اموراكوش، "أرض الله "، وتُعرف أيضاً باسم "المدينة الحمراء" أو "جوهرة الجنوب" أو " عاصمة النخيل "، وهي ثالث أكبر مدينة في المملكة المغربية من حيث عدد السكان. تقع مراكش على بعد 580 كيلومتر جنوب شرف طنجة، وعلى بعد 327 كيلومتر من العاصمة الرباط. تُسلّط هذه المقالة الضوء على جاذبية مراكش كمركز نابض بالحياة من حيث التاريخ والهندسة المعمارية والمأكولات الشهية والمعالم السياحية.

1. تاريخ مراكش الغامض:

يعود تأسيس مدينة مراكش إلى عام 1062 في عهد الإمبراطورية المرابطية، وقد كانت واحدة من 4 مدن امبراطورية في المغرب. وفي القرن الثاني عشر، بنى المرابطون في هذه المدينة العديد من المدارس الإسلامية والمساجد ذات الطابع الأندلسِي. وقد أعطت الجدران الحمراء، ومختلف المباني التي شُيدت من الحجر الرملي الأحمر المدينة لقب «المدينة الحمراء». تطورت مراكش بسرعة، وترسخت مكانتها كمركز ثقافي ديني وتجاري للمغرب الكبير وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وفي بعض الفترات، أصبحت مراكش عاصمة المملكة المغربية.

انغمس في ماضي المدينة الساحر، منذ أصولها كمستوطنة أمازيغية قديمة إلى مكانتها البارزة كمفترق طرق ثقافي في ظل سلالات مثل المرابطين والموحدين. تسليط الضوء على الأحداث التاريخية الرئيسية والتأثير الدائم لمختلف الحضارات على هوية مراكش.

2. الموقع داخل المغرب:

تقع مراكش في قلب المغرب شمال إفريقيا. وتحتل موقعاً استراتيجياً عند سفوح جبال الأطلس التي تفصل المدينة عن الصحراء الكبرى جنوباً. وتحتل مراكش موقعاً مركزياً داخل البلاد، مما يجعلها مركزاً ثقافياً واقتصادياً وسياحياً حيوياً.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

تتمتع مراكش، المحاطة بمساحة واسعة من السهول القاحلة والواحات الخضراء، بموقع متميز على طول طرق التجارة القديمة التي ربطت الصحراء الكبرى بساحل البحر الأبيض المتوسط لعدة قرون. لقد سهّل موقعها الجغرافي تاريخياً التبادل التجاري والثقافي، مما شكل هوية المدينة باعتبارها بوتقة تنصهر فيها التأثيرات البربرية والعربية والأفريقية.

3. المناخ:

صورة من wikipedia

تتمتع مراكش بمناخ البحر الأبيض المتوسط الذي يتميز بصيف حار وجاف وشتاء معتدل. وتنعم المدينة بأشعة الشمس معظم أوقات العام، مما يجعلها وجهة مثالية للمسافرين الباحثين عن الشمس.

أطيب التمنيات

خلال أشهر الصيف، من حزيران إلى آب، ترتفع درجات الحرارة، وغالباً ما تصل إلى ما يزيد عن 30 درجة مئوية، وتتجاوز أحياناً 40 درجة مئوية. وقد تجعل درجات الحرارة الحارقة هذه استكشاف مناطق الجذب الخارجية في المدينة، مثل الأسواق الصاخبة والمعالم التاريخية، أمراً صعباً للغاية خلال النهار. ومع ذلك، توفر الأمسيات المعتدلة الراحة، ويخرج العديد من السكان المحليين والزوار على حد سواء إلى الشوارع للاستمتاع بالهواء الليلي البارد.

في المقابل، يكون الشتاء في مراكش، من كانون الأول إلى شباط، معتدلاً وممتعاً، حيث يبلغ متوسط درجات الحرارة أثناء النهار حوالي 18-20 درجة مئوية. وفي حين أن هطول الأمطار نادر على مدار العام، فإن فصل الشتاء يجلب زخات مطر بين الحين والآخر، مما يجدد المناظر الطبيعية المحيطة ويضيف لمسة منعشة إلى أجواء المدينة.

ويعتبر الربيع بين آذار وأيار والخريف بين أيلول وتشرين الأول أفضل الأوقات لزيارة مراكش، حيث تكون درجات الحرارة دافئة بشكل مريح، وتتراوح بين 20-25 درجة مئوية، وتزين المدينة بالأزهار والنباتات الخضراء. توفر هذه المواسم الانتقالية الظروف المثالية لاستكشاف المعالم السياحية التي لا تعد ولا تحصى في مراكش، من آثارها التاريخية إلى أسواقها النابضة بالحياة ومأكولاتها الشهية.

4. العجائب المعمارية- أيقونات من تراث مراكش:

صورة من wikipedia

تُعدّ ساحة جامع الفنا الساحة الأكثر ازدحاماً في أفريقيا، وهي أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو منذ عام 1985. وتجتذب هذه الساحة التجار وسحرة الأفاعي، والموسيقيين الذين يعزفون على المزامير والدف والطبول. وترتبط صورة مراكش بأسواقها المختصة في بيع الجلود والسجاد والمعادن والخزف والملابس التقليدية والفوانيس والفواكه المجففة والمكسرات. ومن أبرز هذه الأسواق سوق السمارين وأبلوح وكشاشا والرحبة وسياغين والشراطين والحدادين. وهناك أيضاً مُجمّع الحرف التقليدية. تُحيط بمدينة مراكش الأسوار من عدة جهات، ويبلغ طولها حوالي 19 كيلومتراً، وارتفاعها نحو 6 أمتار، مع حوالي 20 بوابة و 200 برج دفاعي. وتنتشر في مراكش القصور التاريخية مثل قصر البديع وقصر الباهية ودار المخزن والقبة المرابطية. كما تتعدد الحدائق والمنتزهات والرياض مثل حدائق المنارة وحدائق الماجوريل وحدائق اكدال ومنتزه مولاي الحسن. ومن المتاحف، يُذكر متحف دار السي سعيد ومتحف دار الباشا ومتحف مراكش ومتحف محمد السادس. أما المساجد، فيبلغ عددها المئات، وأبرزها جامع الكتبية ومسجد المنصور الموحدي ومسجد القصبة ومسجد الشيخ سيدي محمد صالح.

5. المأكولات الشهية:

صورة من wikimedia

تتميز أطباق مراكش بالنكهات المذهلة لمختلف البهارات والتوابل، وتشتمل على الطواجن اللذيذة وطبق بنت الرماد والكسكس العطري وحساء الحريرة والكفتة وفطيرة البسطيلة والأرز مع الزعفران والزبيب واللوز والمعجنات الحلوة مثل الشباكية والمسمن وكعك الجبنة مع التمر. وتعرض أسواق الطعام الصاخبة في المدينة، مثل ساحة جامع الفنا، جميع المأكولات المغربية الأصيلة التي يمكن للزوار تذوقها وسط أجواء نابضة بالحياة، بالإضافة إلى تناول الشاي الأخضر على الطريقة المغربية مع النعناع والسكر.

6. واحة الضيافة ملاذات فاخرة في مراكش:

صورة من wikipedia

توفّر مدينة مراكش العديد من أماكن الإقامة الفخمة التي تنتظر زوارها، وذلك بدءاً من الرياض الفخمة الموجودة داخل أزقة المدينة القديمة إلى المنتجعات الفخمة التي تقع وسط الحدائق الخضراء. يبلغ عدد الفنادق في مراكش نجو 400 فندقاً، ومن أبرزها، يُشار إلى فندق مأمونيا الذي استضاف شخصيات عالمية كبيرة مثل وينستون تشرشل والأمير شارلز، وفندق عدن أندلس وفندق مراكش ومنتجع بولمان واحة مراكش والعديد من النُزُل. وينتشر في المدينة ما ينوف على 100 حمام شعبي تقليدي.

7. الروعة الثقافية والمهرجانات التي تحدد روح مراكش:

صورة من wikimedia

تزخر مدينة مراكش بالمتاحف مثل متحف مراكش ومتحف سي سيد ومتحف البربر وبيت التصوير ومتحف العطور والعديد من صالات العرض. كما تحتضن مراكش المسرح الملكي والمعهد الفرنسي ودار شريفة. وتشتهر المدينة بعدد من المهرجانات الثقافية النابضة بالحياة التي تنعش مراكش على مدار العام، بدءاً من الإيقاعات المثيرة لمهرجان مراكش للفنون الشعبية ومهرجان الفولكلور الوطني ومهرجان الأفلام الدولي وحتى الاحتفالات الروحية في شهر رمضان الكريم.

8. احتضان جوهر مراكش:

صورة من wikimedia

توفّر الإقامة في أحياء مراكش القديمة للزوار فرصة مواكبة ايقاع الحياة فيها، والاستمتاع بدفء العلاقات الإنسانية، واستكشاف عبق التاريخ، ونسيج المدينة القديمة ومتاهات وشوارعها وساحاتها وأحيائها. يمكن أيضاً المشاركة في النشاطات الفنية والفولكلورية والثقافية في المدينة. وبذلك، يستكشف الزوار الجواهر الخفية في مراكش ويتلمّسون جوهرها الحقيقي.

صورة من wikimedia

تعكس جاذبية مراكش المتعددة الأوجه تاريخها الغني وروعتها المعمارية ومأكولاتها الشهية وأماكن الإقامة الفاخرة والمشهد الثقافي النابض بالحياة فيها. وتُلخص تسمية مراكش تاريخ المملكة المغربية التي عُرفت باسم مراكش خلال عهود طويلة وفي عدد من اللغات المشرقية. وهكذا، يستحق سحر مدينة مراكش وتراثها التفكير جدياً بإدراجها على لائحة الرحلات السياحية والاستكشافية المثيرة.

المزيد من المقالات