مكتبة بابل المفقودة

تميّزت الفترة قبل الميلادية باهتمام العلماء اهتمامًا كبيرًا بالعلم في الشرق، حيث نجد أنها كانت مزدهرةً بوجود مكتباتٍ كبيرةٍ وعريقةٍ كمكتبة الاسكندرية ومكتبتي غرناطة والزهراء في الأندلس، وأبرزهم، مكتبة بابل، أو مكتبة "آشور بانيبال"، ولكن للأسف، جاء هجوم المغول فقاموا بإحراقها حتى أصبحت المكتبة مكتبة بابل المفقودة.

مكتبة بابل ما قبل المغول:

بعد سقوط الإمبراطورية الآشورية واحتلال وحرق عاصمتها "نينوى" في 611 ق.م كنوعٍ من أنواع الاحتفال الوحشي من قبل الجيوش المنتصرة. اختفت مكتبة بابل أو آشور بانيبال، تحت وابلٍ من الأحجار والصخور التي سدّت أبوابها فنسيها الغزاة وهجرها الناس وبقيت تحت الأنقاض و تلال التراب، وكانت النيران قد مسّت بعض ألواحها التي نال التفتت منها، وتساقط بعضها من مكانه وانكسر، إلا أنها لم تنصهر لأنها مصنوعةٌ من الطين المفخور.

ماذا بعد؟

لحسن الحظ أن المكتبة قد رُدمت بالأحجار وتلالٍ من التراب ، فلم يعبأ الغزاة ويتكبدوا مشقة إزالة كل تلك الكتل الحجرية والأكوام الترابية لكي يمحو آثار من قبلهم. وحين ظهر رواد علم الآثار بدؤوا التنقيب في المواقع الأثرية الدالة على الآشوريين وحضارتهم. وفي تل "كوينجق" (نينوى القديمة) بدأت عمليات التنقيب، وقاموا بالعثور علي الألواح في أكثر من مكان، ووجد معظمها متناثرًا ومهشمًا، وقام عالم الآثار البريطاني "أوستن هنري لايارد" بالكشف، أولًا، عن الجزء الأكبر منها في قصر "سنحاريب" عام 1849م . كانت المكتبة عبارةً عن ألواحٍ من الطين محفورةٌ عليها كتاباتٌ في مواضيع مختلفةٍ، من ضمنها:

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

1) تأريخ الأدب.

2) المكتبة الخاصة بالملك.

3) مكتبة المعبد.

4) المراسلات الملكية الرسمية.

5) العقود والمواثيق ونصوصٍ متنوعةٍ.

محتوى الألواح:

صورة من wikimedia

كان مضمون ألواح مكتبة بابل المفقودة أو آشور بانيبال متنوعًا حيث تم العثور على حوليات ملوك الآشوريين منذ بداية 1300 ق.م ، التي وجب اعتبارها أولى الوثائق التاريخية المصورة في تاريخ البشرية بلا نقاشٍ، بالإضافة إلى التشريعات، والمراسلات والتعاقدات الأجنبية، والإعلانات الأرستقراطية، والمسائل المالية. واحتوت باقي النصوص على نصوصٍ أدبيةٍ ودينيةٍ وترانيم لشتى الآلهة، في حين تضمنت أخرى موضوعاتٍ لها علاقةٌ بالطب والفلك والأدب. كما أنها احتوت على أعمالٍ أدبيةٍ معبرةٍ مثل الملاحم والأساطير ومجموعةٍ أخرى من النصوص الأدبية هي النصوص المعجمية وقوائم العلامات.

تاريخ المكتبة:

صورة من wikimedia

عندما قرر "آشور بانيبال" أن يُنشئ مكتبة بابل المفقودة أو آشور بانيبال قام بإرسال كُتّاب بلاطه إلى جميع أنحاء بلاد الرافدين وجمع كل ما عثروا عليه في القصور الملكية، لملوك وحكّام وادي الرافدين، من ألواحٍ طينيةٍ مكتوبةٍ باللغتين السومرية والأكدية، وطلب منهم أن يعيدوا كتابة ما تلف منها، وأن يترجموا النصوص السومرية للأكدية، حيث أنها كانت اللغة التي يتكلم ويكتب بها الآشوريون، وحفظ فيها آلاف الألواح الطينية التي تمثل تراث الرافدين في جميع فروع المعرفة، وقاموا بفهرستها وتبويب موضوعاتها، ووضعها على رفوف متجانسة.

تتكون مكتبة بابل المفقودة أو آشور بانيبال من قسمين، القسم الأول وهو في قصر "سنحاريب"، جد آشور بانيبال، وتحتوي أغلب الألواح الطينية التي كانت جاهزةً للحفظ. والقسم الثاني الذي كان في قصر آشور حيث أسس فيه مكتبةً ثانيةً جمع فيها ألواحًا مختلفةً عن المكتبة الأولى، وكان يستخدم القصرين، في وقتٍ واحدٍ، خلال العام. فلم يكن آشور بانيبال أعظم أباطرة العالم القديم فقط، بل كان أكثرهم تحضرًا وثقافةً.

يردد عالم الآشوريات (ليو أوبنهايم) ما ذكره "آشور بانيبال" عن نفسه، حيث يقول: احتفظت بكل المعارف الأولية بدءً من السومريين، ودرست حكمة "نابو" واكتسبت فن الكتابة ومعرفة معظم الحكماء، وتعلمت رماية القوس والفروسية وقيادة العربات. وهكذا استطعت قراءة النصوص السومرية الغامضة والأكادية المعقدة وبحثت في الكتابة المسمارية على الحجر من قبل الطوفان.

صورة من wikimedia

المكتبات هي أهم مصادر العلم والمعرفة على مر العصور، وأعمال التخريب فيها هي محاولةٌ للقضاء على تاريخ وهيكلة المكان وتم استخدام هذه الاستراتيجية في مختلف الحقبات ومكتبة بابل المفقودة أو آشور بانيبال لم تسلم من عواقب هذه الاستراتيجية... على الرغم من ذلك، كون أن محتوياتها مصنوعةٌ من الفخار كان حسنةً كبيرةً، حيث تم الحفاظ على جزء ليس بقليل من محتوياتها وتاريخها حتى يتعرف عليه ويتعلم منه سائر العالم وهذا كان هدف آشوربانيبال من المكتبة.

المزيد من المقالات