على ضفاف نهر النيل في بلاد النوبة، قبل نحو 3000 سنة قبل الميلاد، بدأت العلاقة بين الإنسان والقطط، علاقة تطوّرت على مر العصور لتصل إلى التعايش الكامل. لا يُعرف من بدأها، لكن القطط بذكائها وطبيعتها المستقلة اختارت البشر كما اختاروها.
تنوّعت نظرة البشر للقطط بين التقديس والرفض، ففي مصر القديمة كانت القطط مقدّسة ونُحتت لها التماثيل، وتم تحنيطها، وكانت القوانين تجرّم إيذاءها. عبد المصريون الإلهة "مافدت" ذات الرأس الشيتا، و"سخمت" التي تمثّل برأس لبؤة رمزًا للقوة، و"باستت" التي جسّدت قطط المنزل وارتبطت بالحماية وقدرتها على صيد الأفاعي، ما أكسبها مكانة مميزة في المجتمع المصري القديم.
قراءة مقترحة
في حضارة بابل، ظهر "نرغال" في شكل أسد تعبيرًا عن الحرب والموت، وربطها البعض بسخمت المصرية بسبب تفشي وباء الطاعون، في حين عبد الهنود القدماء مخلوقًا نصف نمر ونصف أسد يسمى "دون" رافق الإله "دورغا"، واستُخدم لقتال الأعداء.
وفي الصين، كانت القطط رمزًا للحظ، تُركب في السفن وترافق الجنود وتُعتبر جالبة للحظ، بينما احتفى اليابانيون بتمثال "مانيكي-نيكو" منذ فترة إيدو، والذي ما زال يُستخدم لجلب الرزق حتى اليوم، ويُعتقد أن أصله مستلهم من الثقافة الصينية.
في أوروبا العصور الوسطى، بدأت مرحلة سوداء في تاريخ القطط، رُبطت بالسحر والشعوذة، خاصة السوداء منها، وتَعرّضت لمجازر كبرى امتدت قرونًا بفعل خرافات ومراسيم كنسية مثل مرسوم "فوكس إن راما" عام 1232م.
هذه المجازر أدت إلى تناقص القطط بشدة، فانتشرت الفئران، وما تبع ذلك من تفشٍ لوباء الطاعون الأسود، الذي فتك بثلث سكان أوروبا، في صورة "انتقام" غير مباشر من هذه الحيوانات.
القطط اليوم أصبحت من أكثر الحيوانات الأليفة شعبية في العالم، تعيش مع الإنسان في منازل مريحة، وتتمتع برعاية تفوق ما يتوفر في كثير من الأحيان لبعض بني البشر.
