تمتّع حيتان العنبر في دومينيكا بقوة خارقة مدهشة: البراز

هذه الحيتان لديها لهجتها الخاصة وبنيتهاالاجتماعية، وبينما تهاجر معظم حيتان العنبر، تميل الحيتان في دومينيكا إلى البقاء في مكانها، حيث تتسكع بالقرب من شواطئ هذه الدولة الجزيرة على مدار العام.

يقول عالم الأحياء شين جيرو، الذي درس عن سكّان الدومينيكان منذ ما يقرب من 20 عامًا كجزء من مشروع حوت العنبر في دومينيكا (DSWP): "لا يوجد تفسير جيد حقيقي يعتمد على البيئة أو الحركة". "يبدو حقًا أن هذه الحيوانات قد تعلمت ما هو المفضل لديها.

تتميز الحيتان في دومينيكا أيضًا بميزة غريبة أخرى: فهي تتبرز أكثر بكثير من حيتان العنبر في أجزاء أخرى من العالم.

تغوص حيتان العنبر بشكل روتيني لمسافة تصل إلى 2000 قدم للبحث عن الحبار، طعامها المفضل؛ وقبل القيام بذلك، تتبرز الحيوانات أحيانًا على السطح.

وقد لاحظ العلماء هذا السلوك في حيتان العنبر من سريلانكا إلى بحر سارجاسو، وتتبعوا عددَ مرات الغوص التي يسبقها التغوط. واتضح أن الحيتان في دومينيكا تتغوط بمعدل

ضعف ما تتبرزه الحيتان الأخرى.

يقول جيرو: "إن البراز يطوف حقًا، لذا من المفيد إخراجه إذا كان موجودا.

أما ما هو السبب وراء كثرة براز حيتان العنبر في دومينيكا "فهو سر من أسرار المحيط غير المعروفة".

لدى جيرو وزملائه بعض النظريات لتفسير ذلك: إن حيتان دومينيكا قد تأكل الحبار الأصغر الذي تهضمه (وبالتالي تتبرزه) بسرعة أكبر. ويضيف جيرو: "أو قد يكون الأمر أنها في الواقع تأكل ضعف الكتلة الحيوية التي تأكلها الحيوانات في أماكن أخرى". "ما يدخل يجب أن يخرج."

وفي كلتا الحالتين، فإن كل براز الحيتان يخدم غرضًا بيئيًا مهمًا.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

إن النظام الغذائي الذي تتبعه الحيتان في أعماق البحار يعني أن برازها مليء بالعناصر الغذائية التي لا توجد غالبًا في المياه الضحلة، وهذه العناصر الغذائية تظل متوفرة على السطح لفترة طويلة، بسبب طفو البراز ذي القوام الشبيه ببقعة الزيت.

"عندما يفكر الناس في حيوان بحجم حافلة مدرسية ونصف، وقد يزن ما بين ثمانٍ إلى عشر حافلات مدرسية، فإنهم يفكرون أن الروث سيكون ضخما، مثل أشياء بحجم جذع الشجرة تطفو حول المحيط.

يقول جيرو: "هذا ليس ما هو عليه الأمر". "إن قوام الروث سائلٌ للغاية. إنها مثل رقعة بنية كبيرة، كما لو أنك سكبت قهوة داكنة في حوض استحمام من الماء.

تعمل هذه البقع من البراز الغني بالمغذيات كسماد، مما يحفز نمو أزهار العوالق النباتية التي تحبس الكربون. يقول جيرو: "عندما تموت الأزهار، فإنها تنزل وتتراكم في القاع، وهذا يحبس الكربون لفترة طويلة جدًا". على عكس تكاثر الطحالب الضارة الناتجة عن تسرب الأسمدة الزراعية، إن الأزهار الناتجة عن فضلات الحيتان مفيدة للمخلوقات الأخرى. فبالإضافة إلى احتجاز الكربون، فإنها توفر الغذاء للعوالق الحيوانية، والتي بدورها تشكل بالتالي الغذاءَ للحيوانات البحرية الأكبر حجمًا.

واستنادا إلى نماذج من دراسة أجريت عام 2010 على حيتان العنبر في المحيط الجنوبي، قدّر العلماء أن فضلات Physeter Macrocephalus في دومينيكا توفر أكثر من 4000 طن من الكربون كل عام، أي ما يعادل ما يمكن تخزينه من 18000 فدان من الغابات.

صورة من wikimedia

وفقًا لمشروع حيتان العنبر الكاريبيّة DSWP، فإن أعداد حيتان العنبر في شرق البحر الكاريبي آخذة في الانخفاض بنحو ثلاثة بالمائة سنويًا، وهذا يشكل تهديدا لهذه الحيوانات وقدرتها على تنقية الهواء من الغازات الدفيئة

الضارة.

في وقت سابق من هذا الشهر، اتخذت حكومة دومينيكا خطوات من أجل هذا التهديد بالإعلان عن إنشاء أول محمية لحيتان العنبر في العالم: 300 ميل مربع من المياه الزرقاء، تراقبها فرق متخصصة على متن سفن الأبحاث، حيث ستكون حيتان البلاد في مأمن من السفن، ومن حركة المرور، ومن معدات الصيد التجارية، ومن السيّاح المتحمسين.

وعلى الرغم من كون حيتان دومينيكا تشكل جزءا صغيرًا من تعداد حيتان العنبر المتبقي في العالم - إلا أن جيرو يعتقد ان حمايتها تعني أيضًا إنقاذ "ثقافة بأكملها".

"إن العائلات التي تعيش هنا تعلمت أسلوب الحياة من جدّات جداتها"، ويضيف قائلاً: "إن هذه التقاليد الثقافية هي السبب وراء بقاء هذه الحيوانات هنا". ويقول: "حتى لو تمكّنّا من إعادة ملء منطقة البحر الكاريبي بالحيتان بجلبها من مكان آخر، فلن يكون لديها جميعُ أسرارِ حوتِ عنبرٍ جدٍّ كاريبي، وبالتالي فإن هذا الجزء من المحيط سيكون أقلَّ فائدةً بالنسبة لها. ولهذا السبب تُعتبر الإدارةُ المحلية في غاية الأهمية."

إن المحمية الجديدة تضمن أن حيتان العنبر ستعيش وتتبرز في هذه المياه لأجيال قادمة.

المزيد من المقالات