تتمتع اليد البشرية بالقدرة على فلق الألواح الخشبية وهدم الكتل الخرسانية (الإسمنتية). قام ثلاثة من علماء الفيزياء بتقصّي السبب وراء عدم تأذّي العظام جرّاء عمل اليد المحطِّم هذا.

تجربة فيزياء الكاراتيه

الصورة تأتي من Rawpixel
الصورة تأتي من Rawpixel

في أواخر السبعينيات، قرر فريق من الفيزيائيين المحبين للكاراتيه إجراء تجربة مستوحاة من شغفهم الجماعي بالفنون القتالية. تألّفت المجموعة من الفيزيائي مايكل فيلد، الحائز على الحزام البني والذي كان يُحبّ إيضاح فيزياء الكاراتيه من خلال العروض الحية لصفوفه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا؛ والفيزيائي رونالد ماكنير، رائد فضاء المستقبل والحائز على الحزام الأسود من الدرجة الخامسة؛ والطالِب الجامعي ستيفن ويلك.

ضربة الكاراتيه المثالية مجرّدُ تطبيق دقيق لقوانين نيوتن

الصورة تأتي من Pxhere
الصورة تأتي من Pxhere

تبدأ ورقةٌ بحثية كتبها فيلد وماكنير وويلك عام 1979 بالعبارة: "إن صورةَ خبير الكاراتيه وهو يكسر ألواحًا قوية صلبةً من الخشب والخرسانة بيده العارية مألوفةٌ لدينا"، . أراد الثلاثي أن يعرف الإجابةَ عن السؤال: "كيف يمكن ليد عارية أن تهدم كتلة صلبة من الخشب أو الخرسانة دون إصابة؟ ما هي الخدعة في ذلك؟".

ADVERTISEMENT

ضربة الكاراتيه المثالية ليست أكثرَ من تطبيقٍ دقيق لقوانين نيوتن، إذ كما تُبيِّن الورقة، لا توجد خدعة هنا، فضربة الكاراتيه المثالية مجرّدُ تطبيق دقيق لقوانين نيوتن.

قام فيلد وماكنير وويلك بوضع الخشب والخرسانة في مكبس هيدروليكي مائي من أجل تحديد مقدار الإجهاد (القوة) اللازم لخلق انشقاقٍ في الجانب السفلي من الأشياء. يمكن أن ينحنيَ لوحُ الخشب بمقدار سنتيمتر واحد تقريبًا قبل أن ينكسر، وهو ما يتطلب قوة مقدارها 500 نيوتن. تحتاج الكتل الخرسانية إلى انحراف بمقدار ملليمتر واحد فقط قبل أن تنكسر، ولكن نظرًا لأن المادة أقل قابلية للانحناء من الخشب، فإن هذه الإزاحة تتطلب 2500 إلى 3000 نيوتن. ونظرًا لفقدان بعض الطاقة عند الاصطدام، تحتاج القبضة إلى بذل قوة أكبر من تلك القوة من أجل تحطيمِ الكتل فعليًا.

ADVERTISEMENT

اليد البشرية قادرة على توليد درجة عالية من القوة في فترة زمنية قصيرة

الصورة تأتي من Pexels
الصورة تأتي من Pexels

ولحسن الحظ، فإن اليد البشرية قادرة على توليد درجة عالية جدًا من القوة في فترة زمنية قصيرة جدًا. يستمر التأثير الناتج عن الضربة النموذجية حوالي خمسة مللي ثانية فقط. ومن خلال مزيج من النظرية والتجربة، اكتشف الفريق أنه خلال هذه الفترة القصيرة من الزمن، "يمكن ليد الكاراتيكه، أو مُمارِس الكاراتيه، أن يطبِّق قوةً تزيد عن 3000 نيوتن، أي قوةً صافعةً تعادل 675 رطلاً." ويشير النموذجُ المُقدَّم من الفريق إلى أن اليد يجب أن تصل إلى سرعة 6.1 متر في الثانية لتحطيم الخشب، و10.6 متر في الثانية لتحطيم الخرسانة فكتبوا: "تتفق هذه السرعات مع ملاحظتنا التي مفادها أن المبتدئين يمكنهم كسر الخشب وليس الخرسانة"، ثم أضافوا قائلين "سرعة اليد التي تبلغ 6.1 متر في الثانية تقع في نطاق المبتدئين، لكن السرعة التي تبلغ 10.6 متر في الثانية تتطلب التدريب والممارسة."

ADVERTISEMENT

تمكن فيلد وماكنير من إظهار مهاراتهما في الفنون القتالية أثناء الاستقصاء، إذ تمّ تصويرُ كلَيهما وهما يضربان كومة من الألواح الخشبية بمعدل 120 إطارًا في الثانية، وقد سمح لهم ذلك بقياس الإزاحة والسرعة والتسارع لأجزاء مختلفة من القبضة. أظهرتْ هذه الصورُ أن القبضةَ تنضغط وتتشوّه "إلى حد أنها بالكاد تسلك سلوكَ جسم صلب".

دور التشريح لكسر اللوح بالأيدي العارية

الصورة من قبل 12019 علىPixabay
الصورة من قبل 12019 علىPixabay

ويتبع كلَّ ذلك سؤالٌ بديهي: "كيف لم تتحطم يد الكاراتيكه بقوة ضربة الكاراتيه؟" وهنا يأتي دور التشريح للإنقاذ: إن العظام البشرية أكثر صلابةً وجساءةً بخمس مرات من الخرسانة وأكثر صعوبةً في الكسر بخمسين مرة (يتطلب تقطيع عظم الفخذ بنجاح من قبل الكاراتكه ما يعادل 25000 نيوتن من القوة). عظام اليد قادرة بسهولة على امتصاص الإجهاد الناجم عن الاصطدام. وبطبيعة الحال، فإن التقنية، وليس القوة، ما يُوفِّر القدرة الحقيقية. تحتاج الضربةُ الناجحة إلى ضرب اللوحة في المنتصف بالضبط. كتب أعضاء الفريق في ورقتهم أنه مع التدريب الكافي، تمثل الكاراتيه الجسمَ البشري في أقصى حالاته، وأضافوا "الدقةُ المطلوبةُ ... لا تجعل من الكاراتيه رياضةً ممتازةً لمنظومةٍ بدنيّةٍ فحسب، بل أيضًا عقليًة".

ADVERTISEMENT

المزيد من المقالات