يقول علماء الاجتماع إن مجرد شعورك بأن الحظ يحالفك يغيّر مستقبل ما تملك؛ فالمتفائلون يُرَصّدون غالباً كأصحاب الحظ الأوفر، حسب أستاذ الفلسفة في جامعة بلومزبرج ستيفن هيلز. الحظ ليس شيئاً قائماً بذاته في العالم، بل هو زاوية نظر.
في دراسة طُبعت بمجلة علم النفس الفلسفي، اتحد هيلز مع عالمة النفس جينيفر جونسون لاختبار العلاقة بين التفاؤل وإحساس الإنسان بالحظ. عرض الباحثان قصصاً حقيقية تحمل «حظاً غامضاً»؛ مثل رجل نجا من قصف هيروشيما ثم من قصف ناغازاكي، وجندي أمريكي لم تنفجر القنبلة المزروعة في جسده. صنّف المشاركون حظ أولئك الأشخاص بعد اختبار نفسي كشف درجة تفاؤلهم، فظهر صلة واضحة بين ارتفاع التفاؤل ورؤية الآخرين محظوظين.
قراءة مقترحة
استنتج هيلز وجونسون أيضاً أن أسلوب سرد القصة يُحوّل نظرتنا للحظ. قدّما قصة امرأة كادت تفوز باليانصيب بصيغة إيجابية ثم بصيغة سلبية، فتبدّل تقييم الجمهور تبعاً للصيغة. أظهرت النتائج أن التأطير اللغوي يُعدّل رأي الناس في الثروة أو الحظ.
تبرز أهمية تلك التصورات في طريقة تعاملنا مع النجاح والمساعدة الاجتماعية. يقول الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما إن النجاح لا يأتي فقط من جهد الفرد، بل من دعم المجتمع أيضاً. غياب الإدراك بذلك يُقلّص الرغبة في منح الفرص للآخرين؛ وهو ما لاحظه الاقتصادي روبرت فرانك: حين يظن الناس أنهم صنعوا نجاحهم بمفردهم يصبحون أقل استعداداً لدعم مؤسسات اجتماعية مثل البنية التحتية والتعليم.
درس عالم النفس ريتشارد وايزمان «عامل الحظ» أكثر من عشر سنوات، فوجد أن الإيمان بالحظ يتحوّل تنبؤاً يحقق الإنسان نفسه. في تجربة نشر فيها إعلاناً يعد بجائزة مالية، ردّ عليه فقط من يصف نفسه بالمحظوظ، ما يُظهر أن الحظ يحتاج انتباهاً وقدرة على رؤيته. يرى وايزمان إذن أن المحظوظين هم الذين يبقون منفتحين على الفرص.
