تبدو نقية وقريبة، فتشكل منظرًا خلابًا يجذب السياح من كل مكان، ويضعها في مقدمة السياحة في أمريكا الجنوبية .
البحيرة كانت منذ القدم مركزًا للحضارة. على ضفافها نشأت حضارة الإنكا وحضارة تياهواناكو، وتحكي القصص المحلية أن أول ملوك الإنكا وُلدوا من مياهها. لا تزال "جزيرة الشمس" و"جزيرة القمر" تحتفظ بآثار المعابد والمباني الحجرية، وتروي حكايا الأجداد التي يرويها السكان الأصليون حتى اليوم، فتجعل من الزيارة تجربة ثقافية حية، لا مجرد مشاهدة أطلال.
الحياة في البحيرة متنوعة. تعيش فيها ضفدع عملاق لا يوجد في أي مكان آخر، وتعشش طيور مائية مثل الغاق والبط. أما جزر القصب العائمة، التي بناها شعب الأوروس قبل قرون، فهي عبارة عن كومة من القصب الطري تطفو فوق الماء. سكانها يصيدون ويزرعون ويعيشون ببساطة، دون أن يؤذوا البيئة، فتصبح الجزر ملاذًا للطيور والحيوانات، ومكانًا يأتيه من يحب الطبيعة البكر.
مياه البحيرة تسقي الحقول وتملأ شباك الصيادين، وتشكل مصدر رزق مئات القرى على ضفافها. لكن النفايات التي ترمى في الماء، وتقلبات المناخ التي تغير مستوى المطر والجفاف، بدأت تهدد هذا التوازن. أطلقت جماعات محلية ومنظمات دولية مبادرات لتقليل التلوث وتشجيع الزيارات المسؤولة، حتى تبقى البحيرة صالحة للزراعة والصيد، ولكي لا تضيع طبيعتها الفريدة.
بحيرة تيتيكاكا ليست مجرد مكان تزوره وتغادره؛ هي تجمع بين الجبل والماء، بين الماضي والحاضر. تمشي على جسر من القصب، تسمع قصصًا عن ملوك وصلوا من الماء، ترى ضفدعًا عملاقًا يختبئ بين الصخور، وتشرب ماءً عذبًا جرى من جبل قبل أن يصل إليك. تلك التفاصيل تبقى في الذاكرة، وتجعل من البحيرة محطة لا تُنسى في أي رحلة إلى الوجهات الطبيعية في بيرو وبوليفيا .
ريبيكا سوليفان
· 16/10/2025