عندما تُرى من البحر، لكن داخلها تظهر آثار دمار وإهمال. كتب كل من بلاتو وهاينريخ عن هذا التباين بين مظهرها الخارجي وواقعها الداخلي، بينما أعجب آخرون ببيوتها البيضاء ونخيلها رغم تدهور حالتها.
قضت الرحالة الإنجليزية ميس توللي عشر سنوات في طرابلس، وانتبهت إلى طبيعة الحياة الاجتماعية لعائلات المدينة، مثل وجود "غرفة" خاصة برب الأسرة، والعادات النسوية في الحمامات مثل استخدام ماء الزهر وتزيين الرموش.
اشتهرت طرابلس بأسواقها وبازاراتها، حيث كان الأتراك يترددون على المقاهي، بينما كان الوجهاء يرسلون خدمهم لشراء حاجياتهم دون أن يشاركوا بأنفسهم. يعكس هذا النمط تبايناً اجتماعياً في سلوك الناس داخل الأسواق.
كانت طرابلس مركزاً لتجارة العبيد، وبعد تحريرهم في مطلع القرن العشرين استقر كثير من السود في المدينة. يشير إفالد بانزه إلى أن كثيراً منهم سكنوا أكواشاً في أطراف المدينة وعملوا في أعمال شاقة.
وصف الرحالة المدينة بأنها مخزن كبير للبضائع، حسب ما رصدته مابل تود، التي لاحظت تدفق بضائع أفريقية مثل ريش النعام والعاج، ومقايضتها بمنتجات أوروبية مثل الأقمشة والزجاج.
شهدت المدينة تنوعاً دينياً واسعاً، حيث لاحظ غوستانيو روسي اختلاف تصميم المنازل بين المسلمين واليهود، كما أشار إلى وجود تسامح بين المسيحيين والمسلمين، رغم بقاء بعض التحفظات الثقافية بين الطوائف.
في العصر الحديث، وثق مدونو السفر مثل محمد السليني معالم المدينة التراثية مثل جامع سيدي عبد الوهاب والجامع الناقة، والمعبد اليهودي والكنائس القديمة، بالإضافة إلى بيت أسكندر وبرج أبوليلة المطل على البحر.
تبقى طرابلس الليبية حاضرة في الذاكرة الجماعية من خلال إرثها العمراني والتجاري والديني، محتفظة بجاذبيتها رغم التغيرات التي مرت بها، وشاهدة على مرور حضارات متعددة ورحالة من مختلف أنحاء العالم.
أميليا باترسون
· 21/10/2025