أحمد ابن فضلان ... شخصيّةٌ حقيقيّةٌ
عندما كنت في العاشرة من عمري، شاهدت لأوّل مرّةٍ فيلم " المحارب الثالث عشر " من بطولة الممثّل العالميّ "أنطونيو بانديراس" الذي كان يلعب دور " أحمد ابن فضلان "، ذلك الرحّالة العربيّ الذي وثّق رحلته المثيرة لأراضي الترك والصقالبة (بلغار نهر الفولجا) والخزر والفايكينج في كتابٍ اشتهر باسم "رسالة ابن فضلان". لم أكن أعلم حينها أنّ "أحمد ابن فضلان" شخصٌ حقيقيٌّ وأُصِبْتُ بالدهشة من الأثر العظيم الذي تركه هذا الرحّالة ومدى أهمّيّة رحلته تلك، حيث أن ما كتبه "أحمد ابن فضلان" في كتابه الذي يحكي قصّة تلك الرحلة هو أوّل مصدرٍ تاريخيٍّ يوثّق حياة الصقالبة والخزر والفايكينج قبل كلّ المؤرّخين الأوروبّيّين بما يقرب من 500 سنةٍ.
عندما كنت في العاشرة من عمري، شاهدت لأوّل مرّةٍ فيلم " المحارب الثالث عشر " من بطولة الممثّل العالميّ "أنطونيو بانديراس" الذي كان يلعب دور " أحمد ابن فضلان "، ذلك الرحّالة العربيّ الذي وثّق رحلته المثيرة لأراضي الترك والصقالبة (بلغار نهر الفولجا) والخزر والفايكينج في كتابٍ اشتهر باسم "رسالة ابن فضلان". لم أكن أعلم حينها أنّ "أحمد ابن فضلان" شخصٌ حقيقيٌّ وأُصِبْتُ بالدهشة من الأثر العظيم الذي تركه هذا الرحّالة ومدى أهمّيّة رحلته تلك، حيث أن ما كتبه "أحمد ابن فضلان" في كتابه الذي يحكي قصّة تلك الرحلة هو أوّل مصدرٍ تاريخيٍّ يوثّق حياة الصقالبة والخزر والفايكينج قبل كلّ المؤرّخين الأوروبّيّين بما يقرب من 500 سنةٍ.
في عام 921 ميلادّيةً، كان الخليفة العباسيّ أمير المؤمنين "المقتدر بالله" في عاصمته "بغداد" حين وصلته رسالةٌ من ملك الصقالبة " ألمش بن شلكي" يعلن فيها إسلامه ويطلب من الخليفة أن يرسل إليه من يعرّفه الإسلام ويبني له مسجدًا وينصب له منبرًا ليدعو الناس إلى الإسلام، كما طلب منه أن يبني له حصنًا يدافع به عن أرضه من ملك الخزر الذي فرض عليهم الضرائب الباهظة وكان يتزوّج من بنات الصقالبة رغمًا عنهم، فأجابه الخليفة إلى ما طلب ووكّل "أحمد ابن فضلان" أن يسافر إلى ملك الصقالبة ويعلّم أهلها الإسلام، فانطلق "ابن فضلان" من بغداد محمّلًا بالهدايا حتى وصل إلى عاصمة الصقالبة "بلغار" التي تقع على بعد 30 كيلو مترًا من نهر الفولغا، وقرأ عليه رسالة الخليفة العباسيّ " المقتدر بالله " وأعطاه تلك الهدايا التي حملها إليه لكنّه للأسف لم يستطع أن يوصل إليه الأموال التي كان من المفترض أن يستخدمها الملك "ألمش" في بناء الحصون التي تساعده على حماية شعبه من سيطرة الخزر على دولته التي وصل بها الأمر إلى أنّ ابن ملك الصقالبة نفسه كان أسيرًا لدى الخزر.
لم يتكلّم ابن فضلان كثيرًا عن نفسه في رسالته، لكنّه وصف كلّ ما رآه في رحلته المثيرة والتي استغرقت ما يقرب من السنة، لم يهتمّ العرب كثيرًا بهذه الرحلة، لكنّ المستشرقين الأوروبّيّين أعطوها اهتمامًا بالغًا لما احتوت من معلوماتٍ اجتماعيّةٍ وتاريخيّةٍ لم يسبق أن ذكرها أيّ رحّالةٍ أو مؤرّخٍ قبل "ابن فضلان"، واشتملت الرسالة على بعض عادات وتقاليد أقوامٍ لم يعرف عنهم أحد شيئًا قبل تاريخ تلك الرحلة، والعجيب أنّ الرسالة لم تتحدّث عن رحلة العودة لبغداد ممّا دفع الكثير لاستنتاج أنّ ابن فضلان لم يعد وأنّه فضّل العيش في مملكة بلغار الفولجا تحت حكم الملك "ألمش" الذي كان متحمّسًا لتعلّم كلّ شيءٍ عن الإسلام، وغيّر اسمه إلى "جعفر بن عبدالله".
كانت رحلة ابن فضلان لبلاد البلغار مليئةً بالأحداث العجيبة، كما أنّ رسالته نفسها قد تمّ التلاعب بمصادرها، وهناك من يقول أنّ هناك فصولًا قد أضيفت للكتاب بعد موت "ابن فضلان" والتي تذكر أنّه قام ببعض الأعمال المُنكَرة التي لم يعرف عنه الإتيان بمثلها حيث أنّه كان مشهورًا بالتقوى والصلاح، كما أنّ أسلوب الكتابة في الفصل الأخير مختلفٌ عن أسلوب بقيّة الرسالة ويتحدّث عن مرور ابن فضلان من مدينة "أتيل" عاصمة إمبراطوريّة الخزر وهو حدثٌ ليس عليه أيّ دليلٍ.
انطلق "ابن فضلان" في أوّل الرحلة من "بغداد" في اتّجاه مدينة "بُخَارَى" لاستلام الأموال التي كان من المفترض إرسالها لملك الصقالبة ليستعين بها في بناء الحصون، حيث بلغ ذلك المبلغ 4000 أوقيّةٍ ذهبيّةٍ، وكان الهدف هو تجنّب المرور من داخل أراضي دولة الخزر حتّى لا تصل معلوماتٌ لملك الخزر عن التحالف الذي يتمّ إنشاؤه بين ملك الصقالبة والدولة العباسيّة، لكنّ "ابن فضلان" انتظر طويلًا لاستلام تلك الأموال وظلّ في مدينة "بُخَارَى" ما يقرب من ثلاثة أشهرٍ والتي كانت عاصمة الدولة السامانيّة حينئذٍ، لكنّ تلك الأموال لم تصل إليه أبدًا.
بعد ذلك انطلق "ابن فضلان" مستكملًا رحلته نحو عاصمة الصقالبة (بلغار)، والتي يُطلَق عليها في عصرنا الحاليّ "قازان" وهي عاصمة إقليم "تتارستان" الروسيّ. "اختيار ابن فضلان" لهذا الطريق بالرغم من وجود طريقٍ أقصر كان لسببين، أوّلهما هو تجنّب المرور بأراضي امبراطوريّة الخزر التي سيطر عليها اليهود في هذا الوقت، والسبب الآخر هو وعورة الطريق الجبليّ الذي يمرّ عبر جبال القوقاز، لكنّ الرحلة كانت صعبةً على أيّ حالٍ.
كانت أراضي مملكة البلغار بعيدةً جدًّا عن مركز حكم الدولة العباسيّة، ولم يكن هناك اهتمامٌ كبيرٌ من العرب بهذه المنطقة في هذا الزمن، كما أنّ البرودة الشديدة لهذه الأماكن لم تكن مشجعةً على السفر إليها والطريق نفسه لم يكن آمنًا، لذا ظلّت رحلة "ابن فضلان" بدون أهميّةٍ تُذكَر حتّى أعاد اكتشافها المستشرقون الأوروبّيّون حينما وجدوا فيها تفاصيل مثيرةً عن عادات وتقاليد أقوامٍ وأعراقٍ أوروبّيّةٍ لم يكونوا من هواة التدوين، كما أنّه هناك أحداثٌ قد شهدها "ابن فضلان" وكتب عنها ولم يشهدها أحدٌ غيره، لا قبله ولا بعده، مثل الطقوس التي كان الفايكينج يقومون بها عندما يموت أحدهم،
ونختم بإحدى أقوال "ابن فضلان" المثيرة في وصفه لحيوانٍ لم يره العرب من قبل:
"وبالقرب من صحراء واسعةٍ يذكرون أنّ بها حيوانًا دون الجمل في الكبر وفوق الثور، رأسه رأس جملٍ وذَنَبُه ذَنَبُ ثورٍ، وبدنه بدن بغلٍ، وحوافره مثل أظلاف الثور، له في وسط رأسه قرنٌ واحدٌ غليظٌ مستديرٌ، كلما ارتفع دقّ حتّى يصير مثل سنان الرمح، فمنه ما يكون طوله خمس أذرعٍ إلى ثلاثة أذرعٍ، إلى أكثر وأقلّ، يرتعي ورق الشجر".
جولة متنزه بانف الوطني : قلب جنة كندا الجبلية
حكيم مروى
مدرب التغذية وأخصائي التغذية: تنافس أم تكامل
جمال المصري
هل العيش في منزل مشترك معاصر مناسب لك؟
شيماء محمود
اكتشاف سنغافورة: دليلك إلى أفضل المعالم السياحية الحديثة والتقليدية
ياسر السايح
ما هي أغلى سمكة تونة ذات زعانف زرقاء تم صيدها على الإطلاق؟
حكيم مرعشلي
التبولة: السلطة الشامية المميزة في سوريا ولبنان
عبد الله المقدسي
الاستمتاع بجمال لشبونة: تجربة صيفية في العاصمة البرتغالية
ياسر السايح
هل التصفيق باليد حقا يختار البطيخ اللذيذ؟
ياسمين
الجمل غير القابل للتدمير: استكشاف قدرتها الاستثنائية على التحمل
عائشة
من هولنديز إلى السماوية: كشف الرحلة المبهجة للبيض بنديكت
محمد