هل تساءلت يومًا لماذا لا نستطيع تذكّر لحظات طفولتنا المبكرة؟ نحتفظ بذكريات واضحة من سنوات المراهقة، لكننا نكاد لا نذكر شيئًا من الأعوام الأولى. يُسمّي العلماء ذلك «فقدان الذاكرة عند الأطفال»، أي صعوبة استرجاع أحداث قبل عمر سنتين أو ثلاث، بينما الذكريات الواقعة بين الرابعة والسابعة تبقى متقطعة.
اعتقد الباحثون قديمًا أن الرضّع لا يخزّنون أي ذكرى، لكن الدراسات أظهرت أنهم يخزّنون نوعين: ضمني وصريح. الضمني يشمل المهارات التلقائية مثل المشي، والصريح يحتاج إلى تركيز واعٍ كتعلم خطوة جديدة.
أظهرت تجارب باتريشيا باور أن القدرة على الاحتفاظ بالذكريات تتحسن ببطء خلال الطفولة. الرضيع في عمر ستة أشهر يتذكّر مهمة ليوم واحد فقط، بينما الطفل البالغ عامين يحتفظ بذكرى لمدة عام.
قراءة مقترحة
ينمو الدماغ، خاصة منطقة الحصين المسؤولة عن الذكريات اليومية، فيلعب دورًا أساسيًا في هذه الظاهرة. في السنوات الأولى ينتج الدماغ خلايا عصبية جديدة بسرعة، تحديدًا في «التلفيف المُسنَّن» داخل الحصين. تندمج الخلايا الجديدة في الشبكات العصبية وتُنشئ اتصالات طازجة تُضعف أو تُزيح الشبكات القديمة، فيُمحى جزء من الذكريات السابقة.
يشير عالما الأعصاب فرانكلاند وجوسلين إلى أن هذا النمو السريع للخلاير يعطل دوائر التخزين. حين يبطئ الدماغ إنتاج الخلايا مع التقدم في العمر، يصبح أقدر على الاحتفاظ واسترجاع الذكريات. في النهاية، يرى الباحثون أن الذاكرة لا تقتصر على تخزين المعلومات، بل تشمل أيضًا حذف التفاصيل غير المهمة، ما يُقوّي الذكريات الأكثر أهمية.
