المدن، بعيدًا عن أعين الشرطة.
بدأت سباقات الشوارع كهواية شبابية تحرّكها الرغبة في التميّز والتعبير عن الذات، لكن مع الوقت، تحوّلت إلى سلوك محفوف بالمخاطر، تتخلله سرعة مفرطة وتفحيط واستعراض في بيئات غير آمنة. ورغم اختلاف السياقات الجغرافية بين الخليج والمغرب، إلا أن القواسم المشتركة تجمع محبي هذه الرياضة: الحماس، روح المغامرة، والبحث عن الاعتراف بين الأقران.
لكن مع هذا الحماس، تأتي آثار خطيرة. فقد كشفت تقارير طبية أن نسبة من الحوادث المميتة ليلاً ترتبط بهذه السباقات، التي لا تطال فقط المشاركين، بل أحيانًا ضحايا أبرياء. كما تخلق هذه الممارسات حالة من التوتر والقلق في الأحياء المتضررة، حيث يتصادم الترفيه اللامسؤول مع الأمان المجتمعي.
الحكومات تعاملت مع هذه الظاهرة من منظور أمني، ففرضت عقوبات مشددة تشمل السجن والغرامات ومصادرة المركبات. ومع ذلك، لم تنجح هذه الإجراءات في الحد من السباقات، بل دفعت المشاركين إلى المزيد من التخفّي وتنظيم السباقات بعيدًا عن أعين السلطات.
في المقابل، بدأت بعض المدن العربية تقديم بدائل قانونية مثل حلبات السباق والأنشطة المنظمة، لكنها تظل نخبوية بسبب صعوبة الوصول وارتفاع الكلفة. كما تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا مزدوجًا، إذ تروّج لبعض مظاهر الإثارة، لكنها أيضًا وسيلة فعالة لنشر التوعية بمخاطر هذه الممارسات.
بين الإعجاب بالمهارة والقلق على السلامة، يظهر سباق الشوارع كظاهرة تحتاج إلى مقاربة شاملة: تشريع ذكي، احتواء مجتمعي، ومساحات بديلة. فهذه الظاهرة تعكس، في جوهرها، حاجة الشباب إلى التعبير والانطلاق، لا مجرد التمرد المتهور.
كريستوفر هايس
· 21/10/2025