سوقاً مزدحماً ودار عرض للأوبرا على البحر المتوسط. بورفؤاد ولدت لاحقاً سنة 1926 لتكون مسكناً لهيئة القناة، فخططها المهندسون شوارعاً على شكل شبكة، وزرعوا الأشجار أمام كل بيت، فظلت أزقتها هادئة ونظيفة.
قناة السويس تجري بينهما كشرايين الحياة. يمر عبرها يومياً أكثر من عشر حمولة التجارة البحرية في العالم. استغلت بورسعيد الموقف فأعلنت منطقة حرة، ففتحت محالاً بلا جمارك وأنشأت بنوكاً وفنادق، فجاء التجار من كل ميناء. في الضفة المقابلة، تحولت بورفؤاد إلى مركز لإصلاح السفن ورصن الحاويات، ومكاتب الشحن تملأ مبانيها القديمة.
الإيقاع مختلف. بورسعيد تفيض بالأسواق الشعبية والمهرجانات والعمارات الإيطالية المطلية بالأخضر والزهر. بورفؤاد تسير ببطء، أشجار الكازورينا تغطي الشوارع، والنوادي تفتح أبوابها للعائلات على البحر. مع ذلك، يعرف الجميع أنهما مدينة واحدة: يشاركون في ماراثون الضفة الضفة، ويحضرون حفلات الأوبرا في المسرح البحري، ويقولون «نحن أهل شمال السويس» حين يسألهم غريب.
في خطط الدولة، تنتظر المدينتان دوراً أكبر. بعد توسعة القناة زاد عدد السفن، فتنوي الحكومة تحويل بورسعيد إلى مستودع عالمي للبضائع، وبورفؤاد إلى منطقة صناعات ذكية تعمل بالطاقة الشمسية والرياح. يجري حفر أرصفة جديدة، ويُبنى حي جامعي متخصص في اللوجستيات، ويرسو فندق عائم على شكل سفينة. الأزمة البيئية موجودة: تسرب بترولي هنا، ارتفاع في الأسعار هناك، لكن السكان يجدون حلاً: صياد يُصلح شباكه، تاجر يفتح محلاً صغيراً، معلم يُعيد طلاء مدرسته، فتبقى المدينة على قيد الحياة والماء.
بورسعيد وبورفؤاد توأمان يقفان ظهراً لظهر على ممر مائي عالمي، يحملان ذاكرة واحدة، ويتنفسان بنفس واحد، يُريان العالم أن القارة لا تُقسيمها خط عريض من الماء.
فيكتوريا كلارك
· 15/10/2025