حوليات الأزياء السعودية: من الثوب الوطني إلى المصمم المعاصر

من المجالس البدوية حتى عروض الأزياء العالمية، أزياء السعودية مرت بمراحل مثيرة، احتفظت خلالها بجمالها الأصيل وأضافت عليها لمسة عصرية خلّت العالم كله يلتفت.

الثوب الوطني... رمز وهوية

الثوب السعودي، سواء الرجالي أو النسائي، هو حجر الأساس في الزي التقليدي بالمملكة. يتميز الرجل السعودي بارتداء الثوب الأبيض الناصع، مع الشماغ أو الغترة والعقال. أما المرأة، فكانت ترتدي العباية السوداء، المزينة أحيانًا بخيوط من الذهب أو الفضة، وخاصة في المناسبات.

هذا اللباس لم يكن مجرد تغطية للجسد، بل كان يحمل رموزًا اجتماعية وقبلية، ويعبر عن البساطة والاحتشام والأناقة في آنٍ واحد.

تنوع الأزياء حسب المناطق

كل منطقة في السعودية لها طابعها الخاص في اللباس:

  • في نجد: كان الثوب بسيطًا وأنيقًا، ويميل إلى الألوان البيضاء أو البيج.
  • في الحجاز: كانت النساء يرتدين "المدرعة" و"المسفع" بألوان زاهية.
  • في الجنوب: نلاحظ استخدام التطريز بكثافة، مع ألوان صارخة وتصاميم مستوحاة من الطبيعة والجبال.
  • في الشرقية: الأقمشة كانت أخف، والملابس مزينة بخيوط الحرير، تعكس التأثر بالموانئ والتجارة البحرية.

هذا التنوع أعطى الأزياء السعودية ثراءً بصريًا وثقافيًا مميزًا، جعلها اليوم مصدر إلهام لمصممين كُثر.

بداية التحول... العباية تدخل عالم الموضة

في أوائل الألفية، بدأت النساء السعوديات في إدخال تغييرات على شكل العباية. ظهرت العباية المفتوحة، عبايات بأكمام مزخرفة، وقصات مختلفة تناسب العمل، الجامعة، والمناسبات

وسرعان ما تحولت العباية من قطعة تقليدية إلى قطعة أنيقة، تُعرض على منصات الموضة في دبي، باريس، وحتى نيويورك.

المصمم السعودي يرفع الرأس

ظهر جيل جديد من المصممين السعوديين الذين مزجوا بين الجذور والحداثة. ومن أبرزهم:

  • محمد آشي (Ashi Studio): صمّم أزياء نجمات عالميات، بأسلوب ملكي مستوحى من الشرق الأوسط.
  • هنيدة الصيرفي: أطلقت علامتها الخاصة التي تجمع بين الأنوثة والأناقة.
  • عباية ماين: ماركة سعودية حوّلت العباية إلى قطعة فاخرة تُلبس في كل مكان.

هؤلاء المصممون أخذوا الأقمشة السعودية، والعبارات المحلية، والرموز الثقافية، وقدموا منها لوحات فنية على شكل أزياء.

الأزياء والهوية الوطنية

في يوم التأسيس أو اليوم الوطني، نلاحظ حرص السعوديين على ارتداء ملابس تقليدية أو مستوحاة من التراث. الشباب يلبسون "البشت" والنساء يرتدين "الزي النجدي" أو "الزي الجنوبي" بألوان تراثية مبهجة.

وهذا يدل على أن رغم كل التطور، الثوب السعودي ما زال حيًّا في القلوب، ويتجدد بروح العصر.

السعودية على خريطة الموضة العالمية

في السنوات الأخيرة، أطلقت المملكة "أسبوع الموضة السعودي"، بدعم من هيئة الأزياء، لتكون منصة للمصممين المحليين والعالميين. وصار عندنا اليوم منصات إلكترونية تبيع أزياء سعودية حول العالم، وطلب كبير على التصاميم المستوحاة من الخليج.

حتى الجامعات السعودية بدأت تقدم برامج تصميم أزياء، مما يشجع الجيل الجديد يدخل هذا المجال بإبداع وفخر.

رسالة ثقافية

الأزياء السعودية هي قصة حضارة… من أقمشة الصحراء، إلى أضواء العالم. ثوبك اليوم قد يكون عصريًا، لكنه يحمل تاريخ أجدادك، ورسالة ثقافية تقول: "أنا سعودي… وأنا أنيق."

في كل خيط تطريز، وفي كل قصة فستان، نقرأ فصولًا من هوية شعب يحب الجمال ويصنعه بطريقته الخاصة.

أكثر المقالات

toTop