كثيرا ما نشعر نشعر بالحرج عند زيارة صديق مع أطفاله ويرفض أطفالنا مشاركة ألعابهم مع الضيوف. أو عندما يستولي على على الأرجوحة أو الكرة ويرفض مشاركتها مع الأطفال الأخريين. ويزداد الأمر سواء عندما يرفض الطفل مشاركة ألعابه أو مقتنياته مع إخوته. هل تظن أن طفلك أناني؟ هل تتمنى أن يصبح طفلك كريما ويتعلم المشاركة مع الأخريين؟ إذا فإن هذا المقال يهمك. أولا يجب أن تعرف أن الطفل من عمر سنتان وحتى 6 سنوات يكون في مرحلة التطور المعرفي، أنه يتعلم أشياء جديدة ويكون تفكيره منصبا حول نفسه بشكل أكبر لذا؛ قد تتسم تصرفاته بالأنانية في هذه المرحلة. هو غير قادر على رؤية العالم والأخريين بشكل جيد بعد. بينما من سن 6 سنوات وحتى 13 سنة يبدأ الطفل في التحكم في دوافعه ورؤية العالم ومحاولة فهم الأخريين واحتياجاتهم بشكل أوضح. ليعود الطفل بعد تلك المرحلة للأنانية من جديد في عمر المراهقة، حيث يكون المراهق مثقلا بمشاعر عديدة مختلطة ويكون التفكير في الأخريين شيئا أكبر من طاقته لتحمله. يكون المراهق في تلك المرحلة مشغولا بفهم نفسه ومشاعره المضطربة وتخبطه. تابع سطور هذا المقال التي ستشرح بتسلسل المشكلة وكيف يمكنكم حلها.

ماذا نقصد بأن الطفل أناني؟

الصورة عبر Caleb Woods على unsplash
الصورة عبر Caleb Woods على unsplash

الطفل الأناني هو طفل يهتم بمصالحه واحتياجاته فقط. إن أعجبته لعبه فهي له فقط، أن أحب الأرجوحة ووجدها مسلية فهو سيلعب دون أي اعتبار للأطفال الأخريين الذين ينتظرون ليلعبوا أيضا. ستلاحظ أنانية الطفل من عمر السنتين، حتى أن الكلمة التي ينطقها الطفل ضمن أول 5 كلمات في معظم الحالات تعبر عن ملكيته للشيء. وبالتالي، فإن الأنانية هنا لا تعبر عن شخصية الطفل وإنما المرحلة العمرية.

كونها شيء فطرى وطبيعي لا يعنى أن نتجاهلها، دورنا الرئيسى هو إرشاد الطفل. لا تبد رد فعل غاضب إذا تصرف الطفل بأنانية في هذه المرحلة ولا تعاقبه أشرح له بهدوء. وتذكر أن الأنانية هنا جزء طبيعي من مرحلته العمرية، لا نريد أن تؤثر الأنانية على التواصل الاجتماعي للطفل مع الأخريين بصفة خاصة أقرانه ولكن نريد أيضا أن يعي الطفل مبدأ الملكية. تعليم الطفل في هذه المرحلة مشاركة كل شيء تضرب عرض الحائط مبدأ الملكية والخصوصية لدى الطفل. سنعلمه المشاركة ولكن في بعض مقتنياته فقط وبموافقته.

أما الأنانية التي تستمر مع الطفل بعد عمر الست سنوات تعتبر سلوكا يحتاج للتعديل. لتعديل سلوك الأنانية ستحتاج لمعرفة الدوافع التي تجعل الطفل أناني ويرفض المشاركة. ستجد أن الطفل الأناني لديه سلوكيات أخرى أيضا ترتبط بأنانيته مثل الطمع، هو دائما يريد المزيد أو أكثر مما يستحق. يعتبر الحسد أيضا من المشاعر التي قد تظهر لدى الطفل الأناني. تتمركز الأنانية في الحاجات المادية مثل النقود والطعام والمقتنيات أو الحاجات المعنوية، ستلاحظ أن الطفل الأناني يريد الاستئثار بحبك ووقتك وحتى لمساتك. هو يريدك لنفسه فقط ويسعى ألا يحصل إخوته على وقتك أو حبك بأي ثمن.

ما هي علامات الأنانية عند الطفل:

الصورة عبر Robert Collins على unsplash
الصورة عبر Robert Collins على unsplash

- لا يقبل الرفض: الطفل الأناني يظن أن من حقه الحصول على أي شيء يريده وقد يصاب بنوبات الغضب أو البكاء إذا ما رفضت طلبه حتى وإن قمت بإبداء الأسباب.

- الأخذ دون عطاء: الطفل الأناني لديه شعور بالأحقية، هو يأخذ كل ما تعطيه له دون أدنى إحساس بالعرفان. قلما يستعمل كلمات من فضلك أو شكرا عند طلب شيء.

- هو محور الكون: لا يفكر الطفل الأناني في الأخريين، يظن أنه يستحق معاملة أفضل من الأخريين وأن حاجاته يجب أن تأتي دائما أولا.

- الطمع وعدم الرضا: لا يكتفي الطفل الأناني بما تقدمه هو دائما يتوقع ويطلب أكثر.

- علامات أخرى: الطفل الأناني فوضوي، لا يتعاطف مع الأخريين حتى وإن كانوا أصغر أو أضعف، يميل للعنف في لعبه، يقاطع الكبار عند الكلام لجذب الانتباه لنفسه وميل للسيطرة طوال الوقت.

ما هي أسباب الأنانية؟

الصورة عبر Paige Cody على unsplash
الصورة عبر Paige Cody على unsplash

تنقسم الأنانية بين أسباب طبيعية وأسباب بيئية:

أطيب التمنيات

الأسباب الطبيعية:

- المرحلة العمرية: وهي التي ناقشناها وسماتها التي تجعل الطفل يتمركز حول ذاته.

- الاحتياجات الأساسية: تتطلب الطفولة المبكرة الكثير من الاهتمام والرعاية لسد احتياجات الطفل الطبيعية وهنا يحتاج الطفل للاعتماد على البالغين بشكل كبير وبالتالي، يشعر أنه محور الأسرة وهو أمر طبيعي ويقل مع بداية اعتماد الطفل على نفسه تدريجيا في سد الحاجات الأساسية مثل الأكل واللبس وغيرها.

الأسباب البيئية:

- الإهمال أو التدليل الزائد: إن كانت البيئة المحيطة بالطفل من الأهل والمقربين تقدم تدليلا زائدا أو تهمل الطفل بشكل كبير ففي كلتا الحالتين يسعى الطفل للأنانية لسد احتياجاته سواء لأن لا أحد مهتم أو لأن هناك اهتماما زائدا جعله يشعر بأنه محور الكون واحتياجات الأخريين لا تهم.

- محاكاة الأخريين: إذا كان المقربون من الطفل شخصيات أنانية وتتصرف وكأن لا قيمة لما يحتاجه الآخرون أو يشعرون به فإن الطفل يميل لتقليد ومحاكاة الأفراد الموجودين في بيئته ويتصرف بنفس الأنانية مع الأخريين.

كيف أعالج سلوك الأنانية عند طفلي وأعلمه المشاركة؟

الصورة عبر Ashton Bingham على unsplash
الصورة عبر Ashton Bingham على unsplash

1 – التحفيز الإيجابي والتحفيز السلبي:

علاج السلوكيات السلبية لدى الأطفال يمكن أن يكون من خلال التحفيز الإيجابي والسلبي. نبدأ بمناقشة سلوك الأنانية مع الطفل وكيف أنه يؤثر على علاقاته بنبرة تناسب سنة. قبل زيارة أطفال أخريين سنذكر الطفل بأن يكون مشارك ولطيف مع الطفل الضيف وسنعده بمكافأة إذا ما تصرف بالشكل الملائم. سنكرر ذلك في مواقف متعددة ونلاحظ سلوك الطفل بعناية ويفضل التواصل مع البالغين الآخرين ومقدمي الرعاية الذين يتعاملون مع الطفل في بيئات أخرى لنفس الهدف. سنقوم بعدها تدريجيا بتقليل المكافأة لتكون أسبوعية ثم شهرية حتى يصبح ذلك السلوك المعتاد للطفل وهذا هو التحفيز الإيجابي. في مقابلة التحفيز السلبي وهو عواقب تصرف الطفل بأنانية، مثل حرمان الطفل من لعبه أو نشاط يحبه لمدة يوم أو أكثر في حالة تكرر السلوك السلبي. سيعرف الطفل قبل كل موقف ما هو الحافز الإيجابي والسلبي لسلوكه لمساعدته على التصرف بحكمه. أثناء اتباع هذا المنهج يجب التركيز على سلوك واحد فقط، ويجب تشجيع الطفل حتى وإن تصرف جيدا لبعض الوقت فقط حتى يجد العزيمة ليحاول مرة أخرى.

2- استخدام اللعب التخيلي والألعاب والرياضات الجماعية:

يتعلم الأطفال الكثير من السلوكيات الجيدة من خلال اللعب التخيلي، بصفة خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة. يمكنك اللعب مع طفلك وتوصيل سلوك المشاركة بشكل غير مباشر من خلال اللعب. الألعاب الجماعية أيضا تساعد على تنمية روح الفريق لدى الطفل. أشرك الطفل في اللعب الجماعي بحيث لا يمكنه الفوز دون مشاركة باقي أعضاء الفريق. يمكنك اقتراح المثل على مقدمي الرعاية لطفلك في دور الحضانة أو المدرسة، تكثيف جهدك مع البالغين الأخريين الذين يتعاملون بشكل دوري مع الطفل يؤتى بثمار أكبر. إشراك الطفل في الرياضات الجماعية أيضا يساعده على المشاركة وتنمية روح الفريق والتخلص من الأنانية ويطور شخصيته بشكل كامل.

3- استخدام القصص والأفلام

تعتبر القصص والأفلام من الأدوات الناجحة جدا لتعليم الطفل السلوكيات الإيجابية المرغوبة. تأخذ القصة أو الفيلم الطفل في رحلة يشعر أنه شريك فيها وهي من الطرق غير مباشرة لتوصيل رسائل لطفلك. يمكنك تحليل القصة أو الفيلم مع طفلك عن طريق أسئلة غير مباشرة يجاوب بها الطفل وتساعده على فهم الرسالة بنفسه بشكل أفضل دون تلقين.

4- الأنشطة التطوعية

إشراك الطفل في أنشطة تطوعية له تأثير إيجابي جدا على سلوكه وتجعله يقدر النعم التي يتمتع بها بشكل أكبر. يمكنك أن تصحب طفلك لدار أيتام بعد أن تشتروا الحلوى أو الألعاب أو كتب التلوين للأطفال وتطلب من طفلك مشاركة الأطفال اللعب ثم تقديم الهدايا لهم. أو إشراك الطفل في إطعام الفقراء أو زيارة دار المسنين. ويمكن أيضا إشراك الطفل في أنشطة مجتمعية مثل تنظيف الحدائق العامة وتجميل الشوارع.

5- اللجوء لمتخصص

تغيير سلوك الطفل عملية تتطلب مجهودا ووقتا ولكن إذا ما لاحظت أن سلوك الطفل السلبي تطور وأصبح أسوأ وإن معظم محاولاتك لم تنجح لا تتردد في اللجوء لمتخصص. سوف تحتاج لمتخصص تعديل السلوك والذي سوف يساعد طفلك على تعديل سلوكه ويفضل ألا تنتظر لوصول الطفل لسن المراهقة لأن تعديل السلوك يكون أسهل في مرحلة الطفولة.

المزيد من المقالات