تتم إزالة غاز ثاني أكسيد الكربون (CO₂) بشكل طبيعي من الهواء عندما يتفاعل مع أنواع معينة من الصخور. ويمكننا تسريع هذه العملية عن طريق سحق الصخور المناسبة ونشرها في الحقول الزراعية. يمكن لهذه الطريقة البسيطة، المعروفة باسم "تجوية الصخور المعززة"، أن تزيد بشكل كبير من معدل إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. تشير دراسات النمذجة إلى أنه يمكن إزالة مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون سنويًا إذا تم نشر هذه الصخور المسحوقة على الأراضي الزراعية على مستوى العالم. مع الانبعاثات الحالية المرتبطة بالطاقة عند 37 مليار طن سنويًا، فإن هذا يعني أن التجوية المعززة يمكن أن تساهم بشكل كبير في الوصول إلى انبعاثات صفرية صافية. وهناك حقل جديد ينشأ بسرعة للقيام بذلك. تستعرض هذه المقالة التجوية الصخرية وفعاليتها في إزالة الكربون من الغلاف الجوي الأرضي.

ما هي التجوية الصخرية؟

صورة من wikimedia
صورة من wikimedia

يمكن سحق الصخور الغنية بالكالسيوم أو المغنيزيوم، مثل البازلت، ونشرها فوق التربة لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون. ويمكن استخراج الصخور لهذا الغرض أو الحصول عليها كمنتج ثانوي من مناجم أخرى أو من صناعة الحصى. في التربة، يذوب ثاني أكسيد الكربون لتكوين حمض الكربونيك، (هذا الحمض هو ما يجعل المشروبات فوارة). ويمكن لهذا الحمض أن يتفاعل مع الصخور، ويحوّل ثاني أكسيد الكربون إلى بيكربونات تحبس الكربون في التربة. بعد ذلك، يمكن تحويل البيكربونات في التربة، وتخزينها على شكل كربونات صلبة (كالحجر الجيري)، أو يمكنها أن تتسرب إلى المياه الجوفية، ثم إلى الأنهار فالبحر، حيث تخزّن على المدى الطويل على هيئة بيكربونات مذابة أو صخر كربوني. تجري التجوية الصخرية بشكل طبيعي على المقاييس الزمنية الجيولوجية. ولكن لكي تنجح التقانة في معالجة تغير المناخ، نحتاج إلى تسريعها. يمكن استخدام معدات التعدين الموجودة لطحن الصخور، في حين يمكن للناشرات الزراعية، المستخدمة عادة لتوزيع الجير، أن تنشر الصخور المسحوقة على الأرض. إن إضافة الصخور المسحوقة بهذه الطريقة يمكن أن تحسن صحة التربة وإنتاج المحاصيل لأنها تحيّد حموضة التربة، وتوفر العناصر الغذائية مثل المغنيزيوم والكالسيوم والفوسفور، ويمكن أن تساعد في زيادة المحتوى العضوي للتربة.

أهمية القياس:

ولكن قبل أن ينجرف الجميع بعيدًا، من الأهمية بمكان أن نكون قادرين على قياس كمية ثاني أكسيد الكربون المحتجزة في الغلاف الجوّي. ينبغي على كل من الصناعة والحكومات إجراء قياسات دقيقة بهدف الإبلاغ الفعال والتنظيم ورسم السياسات. في دراسة حديثة، قيس معدّل احتجاز ثاني أكسيد الكربون في تربة زراعية استوائية. وتبيّنَ أنه منخفض في هذه التربة، على الرغم من التجوية الكبيرة. وهذا يعني أن نوع التربة يحتاج إلى دراسة متأنية عند تقدير معدل احتجاز ثاني أكسيد الكربون.

هل نقيس ذلك بشكل صحيح؟

صورة من unsplash
صورة من unsplash

في منطقة الغرب الأوسط في الولايات المتحدة الأمريكية، قُدرت معدلات إزالة ثاني أكسيد الكربون المحتملة بما يصل إلى 2.6 طن من ثاني أكسيد الكربون لكل هكتار سنويًا، على مدى فترة أربع سنوات. وكان هذا على أساس تطبيق 50 طنًا من البازلت المسحوق الناعم لكل هكتار سنويًا. هذا المعدل قريب من أعلى معدل طبيعي تم الإبلاغ عنه عالميًا، في جزيرة جاوة في إندونيسية (2.8 طن من ثاني أكسيد الكربون لكل هكتار سنويًا). ولكن عندما طُبق البازلت المسحوق على أحد حقول قصب السكر في أسترالية، على مدى خمس سنوات بنفس المعدل، حصلنا على نتائج مختلفة تمامًا. أظهرت قياسات البيكربونات والكربونات في التربة والمياه معدلات منخفضة للغاية لإزالة ثاني أكسيد الكربون. نستنتج أنه، بشكل عام، تتباين نتائج التجارب المخبرية والحقلية تباينًا كبيرًا من دراسة إلى أخرى. في الحقيقة، تتراوح تقديرات إزالة ثاني أكسيد الكربون من 0.02 إلى أكثر من 10 أطنان من ثاني أكسيد الكربون لكل هكتار. قد يكون هذا التباين بسبب طبيعة الصخور المكسرة وطريقة تطبيقها، والمناخ، ونوع التربة، ونظام الزراعة، ومدة التجربة. يعتمد الرقم أيضًا على طريقة القياس المستخدمة. الأمر المؤكّد هو وجود فجوة كبيرة بين احتجاز الكربون المقيس بشكل مباشر والكمية المقدرة بطرق أخرى.

أطيب التمنيات

دور التربة:

صورة من unsplash
صورة من unsplash

ربما يكون القياس المباشر لإزالة ثاني أكسيد الكربون عن طريق تحويله إلى بيكربونات وكربونات في التربة والمياه صعبًا ومكلفًا. حتى الآن، يتم ذلك بشكل أساسي في التجارب البحثية. أما ميدانيًا، في المشاريع واسعة النطاق، فتستعمَل تقنيات أخرى، أسهل للمراقبة والإبلاغ، لتقدير إزالة ثاني أكسيد الكربون. تَستخدم هذه التقديرات مزيجًا من النمذجة وتقديرات معدل التجوية. في دراسة أُجريت في البيوت الزجاجية تبيّنَ أن التناقض بين احتجاز ثاني أكسيد الكربون المقيس والمقدر يختلف كثيرًا بين تربة وأخرى. وعُزي هذا التناقض إلى حد كبير إلى حموضة التربة. ففي التربة الحمضية، كانت التجوية ترجع في الغالب إلى الأحماض الأقوى من حمض الكربونيك؛ إذ يتفاعل الصخر المضاف بشكل تفضيلي مع هذه الأحماض الأقوى بدلاً من حمض الكربونيك، لذلك تحدث التجوية الصخرية، ولكن دون احتجاز الكثير من ثاني أكسيد الكربون.

لقد أصبح من الواضح بشكل متزايد أنه سيتعين إزالة الغازات المسببة للاحتباس الحراري من الغلاف الجوي إذا أردنا تجنب تغير المناخ الخطير، ويجب خفض انبعاثات الكربون. لكنّ هذه التخفيضات لن تكون كافية لتحقيق هدف الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050. لذا فإن إزالة الكربون يجب أن تساوي على الأقلّ الانبعاثات المتبقية. تتمتع التجوية الصخرية المعززة بإمكانيات كبيرة لإزالة ثاني أكسيد الكربون، لكن ليس لدينا بعد طرق قوية لقياس فعاليتها. هناك حاجة لفهم أفضل للتفاعلات في التربة التي تؤثر على إزالة ثاني أكسيد الكربون في أنواع مختلفة من التربة. قد نحتاج أيضًا إلى الاستمرار في قياس احتجاز الكربون بشكل مباشر حتى نثق بنتائج تقديرات أكثر ملاءمة.

المزيد من المقالات