في قلب شبه الجزيرة العربية، تحتضن المملكة العربية السعودية مزيجًا غنيًا من التاريخ العريق، والثقافات المتنوعة، والطبيعة المدهشة. أصبحت السياحة في السعودية محط أنظار العالم بعد الانفتاح الكبير الذي تشهده البلاد في السنوات الأخيرة، حيث تم إطلاق مبادرات ومشاريع سياحية ضخمة تكشف عن كنوز مخفية لطالما ظلت بعيدة عن الضوء.
عرض النقاط الرئيسية
في هذا المقال، نأخذ محبي الرحلات والسفر في جولة مدهشة تنطلق من جدة التاريخية، المدينة التي تربط البحر بالتاريخ، وتمر عبر العلا، جوهرة الشمال، وصولًا إلى مدائن صالح، الموقع الذي يحمل بصمة حضارات غابرة ما زالت آثارها تروي القصص.
مدينة جدة ليست مجرد مدينة ساحلية؛ إنها قلب نابض بالحياة والتاريخ، وواحدة من أبرز الوجهات السياحية في السعودية. تشتهر جدة بكونها البوابة البحرية لمكة المكرمة، وقد استقبلت على مدى قرون الحجاج والتجار من مختلف أنحاء العالم، ما جعلها ملتقى ثقافيًا فريدًا.
قراءة مقترحة
المنطقة التاريخية في جدة، المعروفة بـ "البلد"، مصنفة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، وتُعد من أبرز مناطق الجذب لمحبي العمارة الحجازية التقليدية. تتميز مبانيها بالأخشاب المنحوتة والنوافذ المزينة بالشبابيك "الروشان"، بينما تتزين أزقتها الضيقة بالأسواق الشعبية مثل سوق العلوي وسوق قابل.
على امتداد ساحل البحر الأحمر، يقدم كورنيش جدة تجربة رائعة لعشاق البحر، مع مساحات خضراء ومنحوتات فنية معاصرة ومرافق ترفيهية. يمكن للزائرين الاستمتاع بغروب الشمس على الشاطئ أو زيارة نافورة الملك فهد، التي تُعد من أعلى النوافير في العالم.
من أبرز معالم جدة التاريخية، وقد كان منزلًا للملك عبد العزيز في بدايات توحيد المملكة. يجمع المتحف بين التراث المعماري والمحتوى الثقافي، ويوفر نظرة على حياة المدينة في مطلع القرن العشرين.
تقع العلا في شمال غرب المملكة، وهي إحدى الوجهات التي شهدت اهتمامًا عالميًا بعد إطلاق موسم "شتاء طنطورة" وفتح المنطقة للسياحة الدولية. تمتاز العلا بمناظرها الطبيعية الخلابة، وجبالها الشاهقة، وصخورها المنحوتة من الرياح والزمن، وتضم مواقع أثرية استثنائية تجذب المغامرين والمهتمين بالتاريخ.
من أبرز معالم العلا الطبيعية، وهو تكوين صخري ضخم يشبه الفيل، ويُعد وجهة مثالية للمصورين وعشاق المشاهد الصحراوية. عند الغروب، تتحول ألوان الجبل إلى لوحات ساحرة تعكس ألوان السماء والرمال.
تحكي هذه المدينة قصة حياة حقيقية لعشرات الأجيال التي سكنت المكان، حيث لا تزال الأطلال القديمة، والأزقة الحجرية، والأسواق القديمة قائمة. يمكن للزائرين المشي بين البيوت الطينية والتفاعل مع تاريخ عاشته المنطقة لقرون.
أشهر معالم العلا، وأول موقع في السعودية يُدرج ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو. كانت الحِجر مدينة مزدهرة للأنباط، وتشهد اليوم بآثارها المحفوظة على براعة العمارة الحجرية القديمة. تضم المنطقة مقابر منحوتة في الصخور مزينة بنقوش معمارية رومانية ونبطية، إلى جانب بقايا الأسواق والمنازل.
مدائن صالح أو "الحِجر" هي وجهة لا يمكن تجاهلها عند الحديث عن الوجهات السياحية في السعودية. تقع على طريق التجارة القديم الذي كان يربط جنوب الجزيرة العربية ببلاد الشام، وكانت المدينة جزءًا من مملكة الأنباط، مثل مدينة البتراء في الأردن.
يذهل الزائر عند دخوله الموقع بحجم المقابر المنحوتة بدقة في الجبال الرملية. من أهم المعالم هناك:
كما يمكن للزائرين الاستفادة من الجولات المصحوبة بمرشدين، أو استخدام الواقع المعزز لفهم الأنظمة المائية والتجارية التي اعتمد عليها سكان الحِجر قديماً.
بينما يتوجه الزائر إلى شمال أو غرب السعودية، قد يكون من المناسب المرور بالعاصمة الرياض، حيث تنبض المدينة بالحياة الاقتصادية والثقافية. تجمع الرياض بين ناطحات السحاب والأسواق الشعبية، وبين المتاحف الحديثة والقصور التاريخية.
يقع هذا الحي التاريخي في قلب الدرعية، وهو موقع تراثي عالمي آخر أدرجته اليونسكو، وكان مهد الدولة السعودية الأولى. يقدم الموقع تجربة استثنائية في فهم الجذور السياسية والثقافية للمملكة، عبر متاحف مفتوحة ومراكز تفسير تراثية.
واحد من أبرز المتاحف في الشرق الأوسط، يروي تاريخ الجزيرة العربية من عصور ما قبل التاريخ حتى تأسيس الدولة الحديثة. تصميمه المعماري المعاصر، ومحتواه التفاعلي، يجعلان منه نقطة انطلاق مثالية لفهم السياق التاريخي للرحلة.
السياحة في السعودية أصبحت أكثر تنوعًا ومرونة، بفضل التوسع في قطاع الضيافة. من الفنادق الفاخرة في العلا وجدة إلى المنتجعات الصحراوية، تتوفر خيارات تناسب مختلف الأذواق. كما أن المطبخ السعودي يقدم أطباقًا غنية بنكهات التوابل العربية، مثل الكبسة والمندي والمطازيز، وهي تجربة ثقافية في حد ذاتها.
كما توفّر المملكة بنية تحتية حديثة للنقل، من قطارات سريعة مثل قطار الحرمين، إلى المطارات الدولية المتطورة، ما يسهل التنقل بين الوجهات السياحية في السعودية.
من جدة التي تعانق البحر بروحها الحجازية، إلى العلا التي تختزن في صخورها رسائل من حضارات غابرة، وصولًا إلى مدائن صالح، حيث تتجلى براعة الأنباط في كل منحوتة، تقدم السعودية تجربة سياحية فريدة لمحبي الرحلات والسفر. إنها دعوة لاكتشاف بعد آخر من الجمال العربي، حيث تتقاطع الرمال بالتاريخ، وتزدهر الحكايات القديمة في قالب عصري مدهش.
