لماذا تهمل الببغاوات القرمزية صغارها؟

الببغاوات القرمزية هي واحدة من أكثر أنواع الببغاوات شهرة في القارة الأمريكية، وهي مطلوبة بشدة كحيوانات أليفة بسبب ألوان ريشها الزاهية. تشتهر هذه الببغاوات الكبيرة الملونة أيضًا على نطاق واسع بالعلاقات الطويلة الأمد التي تربطها بشريكها. لكن يبدو أنها لا تكوّن علاقات قوية مع صغارها.

وثقت دراسة جديدة عن الببغاوات القرمزية البرية التي تعيش في غابات محمية تامبوباتا الوطنية في بيرو، ما كان معروفًا منذ فترة طويلة لمربي الطيور الذين يعملون مع الببغاوات القرمزية المرباة في الأسر: وهو أن الآباء يهملون بعض صغارهم، ما يتسبب في وفاتهم جوعًا، حتى عندما يتوفر الكثير من الطعام. نقدّم في هذه المقالة ما تمخّض عن هذه الدراسة الجديدة.

الصورة بواسطة Cristel Chu على wikimedia

الببغاء القرمزي في محمية تامبوباتا الوطنية في البيرو

الدراسة:

قام فريق من الباحثين في كلية الطب البيطري والعلوم الطبية الحيوية بجامعة تكساس إيه آند إم (Texas A&M) بالتحقيق لمعرفة السبب.

تركز أبحاث الفريق على مجموعة واسعة من الموضوعات المتعلقة بالببغاوات، بما في ذلك الحفاظ على الببغاوات، واستخدام الطين، والتعشيش، والحركات، واستخدام الموائل. ويقول المؤلف الرئيسي للدراسة، دونالد برايتسميث: ”يعرف العلماء منذ سنوات أن الببغاوات القرمزية تفقس صغارًا أكثر مما تربي، ولكننا وجدنا أن 26٪ من الفراخ الثانية في أعشاش الببغاوات القرمزية وجميع الفراخ الثالثة والرابعة تقريبًا تموت قبل أن تبلغ مرحلة الطيران“.

الصورة بواسطة roshan_bhatia على pixabay

الببغاء القرمزي (Ara macao)

وهذا السلوك الغريب يطرح بعض الأسئلة: لماذا يحدث هذا؟ هل تهاجم الببغاوات الصغيرة بعضها البعض وتقتل بعضها؟ هل يستجيب الآباء لنقص الطعام بتجاهل صرخات الصغار الأضعف؟ في الواقع، ليس التنافس بين الأشقاء هو السبب، ولا نقص الطعام، بل إن الآباء يتوقفون عن إطعام بعض الفراخ، فتتضور جوعًا حتى الموت.

كيف يقرر والدا الببغاء أي الفراخ سيهملون؟

وفقًا لهذه الدراسة، يبدو أن أعمار الفراخ وأحجام أجسامها هي العوامل الحاسمة، حيث يستفيد الفرخ الأكبر سنًا والأكبر حجمًا في العش من اختيار والديه. فالببغاوات القرمزية تضع بيضها على مدى عدة أيام بدلاً من وضعها دفعة واحدة، ما يعني أن الصغار لا يفقسون في نفس اليوم. فإذا فقس الفرخ الثاني بعد يومين فقط من الفرخ الأول، فهناك احتمال كبير أن يطعمه الوالدان. ولكنْ، إذا فقس بعد أربعة أو خمسة أيام أو أكثر من الفرخ الأول، فمن المحتمل أن يتجاهله الوالدان ويتركاه يموت.

وبالنظر إلى أن متوسط عدد بيض الببغاء القرمزي يتكون عادة من أربعة بيضات، فإن هذا يعني أن فرخين في كل فقس سيتضوران جوعًا حتى الموت، لذا لا بد أن هناك سببًا تطوريًا لذلك.

الصورة بواسطة Olahgy على wikimedia

صغار الببغاء القرمزي مختلفة العمر والحجم

اشتبه فريق البحث في أن فراخ الببغاء القرمزي تحتاج إلى أنواع مختلفة من الرعاية الأبوية أثناء نموها. على سبيل المثال، يحتاج بعض الصيصان إلى التغذية بينما يحتاج البعض الآخر إلى الحضانة، ما يساهم في ارتفاع معدلات الإهمال والموت جوعًا.

ما الذي يحدد الفرق بين البقاء على قيد الحياة والموت بالنسبة لهذه الفراخ؟

لتحديد ما إذا كانت الموارد الكافية هي المشكلة، قام أحد أعضاء فريق البحث، بتمييز الأشجار ومراقبتها لتقدير كمية الفاكهة ــــــ وهي المصدر الرئيسي لغذاء الببغاوات القرمزية ــــــ التي يمكن العثور عليها في المحمية حيث أجريت الدراسة التي امتدت لعدة سنوات. ولم توجد أي صلة بين ندرة الغذاء وموت الصغار جوعًا.

لمراقبة ما تفعله الببغاوات في أعشاشها، قام الفريق بتركيب كاميرات فيديو في صناديق الأعشاش الاصطناعية في المحمية، وجمعوا وحللوا مقاطع الفيديو على مدى عشر سنوات.

في الوقت نفسه، قاموا أيضًا بفحص الأعشاش لمعرفة أي الفراخ يتم إطعامها. وهكذا توصلوا إلى استنتاج مفاده أن بعض الفراخ كانت تتضور جوعًا عمدًا.

وأوضح الأستاذ برايتسميث: ”من السهل جدًا معرفة متى تكون حوصلة الصغار ممتلئة بالطعام. وقد التقطنا مقطع فيديو لأنثى الببغاء وهي تحاول إطعام صغيريها الأكبر سنًا بشكل مفرط، بينما كان الصغير الثالث يركض ببطء حول قاعدة العش بحوصلة فارغة، متوسلاً للحصول على الطعام“.

ومما يثير القلق أن أنثى الببغاء لم تقتصر على عدم إطعام صغارها الأصغر والأكثر جوعًا، بل رفضت حتى تدفئتها؛ فالفراخ في هذا العمر لا تستطيع تنظيم درجة حرارة أجسامها، لذا فهي بحاجة إلى البقاء في العش، وكانت الأم لا تشارك حتى حرارة جسدها مع صغارها المحتضرة.

ومن الغريب أن والدي الببغاء لا يتفقان دائمًا على أي من الصغار سيتجاهلانه حتى الموت؛ فأحيانًا تبدأ أنثى الببغاء في دفن الصغير الذي قررت عدم إطعامه عن طريق ركل رمل العش فوقه. ولكن بعد ذلك يعود الأب إلى المنزل ويُخرج الصغير من تحت الرمل ويطعمه.

الصورة بواسطة Morty Smith على unsplash

أي جمال... وأية قسوة...

إن فقدان ما يقرب من نصف صغار الببغاء القرمزي التي تفقس في كل موسم تكاثر يمثل خسارة فادحة، فضلاً عن إهدار للطاقة. هل من الممكن إنقاذ هذه الصغار البرية المهملة من الموت جوعًا؟

هل يمكن الحدّ من وفيات الصغار؟

نعم. في الواقع، طور الفريق برنامجًا لإنقاذ هذه الصيصان ومنحها فرصة للحياة. يتلخّص البرنامج بإخراج الصيصان المهملة من العش وتربيتها في الأسر لعدة أسابيع، قبل وضعها في أعشاش الببغاوات التي فقدت صيصانها بسبب الافتراس، أو التي كان لديها صيصان في مرحلة نمو مماثلة. بهذا التبني المفروض أمكن إنقاذ الصيصان المهملة التي كانت ستلقى حتفها بشكل مؤكد. ولكن يجب التأكد من أن الصيصان تبدو جميعها بنفس الحجم تقريبًا، فهذا يشجع الآباء الجدد على رعاية الصيصان المتبناة كما لو كانت صيصانهم.

الخاتمة:

لا ينجح هذا البرنامج في إنقاذ فراخ الببغاوات البرية من الموت جوعًا فحسب، بل يوفر لها أيضًا فرصة النمو والعيش كببغاوات برية، بفضل رعاية آبائها بالتبني. وقد أنقذ برنامج الفراخ بالتبني حتى الآن، خلال ثلاثة مواسم تكاثر، حياة 28 فرخًا من الببغاوات.

وعلى الرغم من أن الببغاوات القرمزية ليست مهددة بالانقراض، إلا أن العديد من أنواع الببغاوات الأخرى مهددة بالانقراض، لذا يمكن تكييف هذا البرنامج لمساعدة الببغاوات المهددة بالانقراض على زيادة أعدادها.

أكثر المقالات

toTop