المركز الوطني للحياة البرية يطلق برامج لتربية الحجل لإعادة إدخال الأنواع إلى موائلها الطبيعية

أطلق المركز الوطني للحياة البرية في المملكة العربية السعودية أربعة برامج لتربية الحجل كجزء من مبادرة علمية تهدف إلى تربية هذه الطيور وإعادة إدخال أربعة أنواع من الحجل المحلي تدريجياً إلى موائلها الطبيعية. يمثل هذا الجهد خطوة مهمة في حملة المملكة الأوسع نطاقًا لاستعادة التوازن البيئي والحفاظ على تراثها الطبيعي، كما يساهم في استدامة النظم البيئية. نستعرض في هذه المقالة برامج إعادة توطين الحجل في المملكة.

البيئة السعودية:

تشتهر المملكة العربية السعودية بصحاريها الشاسعة وسلاسل جبالها الوعرة، كما أنها موطن لمجموعة مذهلة من الحيوانات البرية المحلية. ومن بين أنواع الطيور الأكثر شهرة والأكثر أهمية من الناحية البيئية الحجل، وهو طائر يعيش على الأرض ويُعد منذ زمن طويل رمزًا للتوازن في النظم البيئية القاحلة وشبه القاحلة. في السنوات الأخيرة، واجهت هذه الأنواع تهديدات متزايدة بسبب تدهور الموائل والصيد الجائر والضغوط البيئية، تعدّ مبادرة المركز الوطني للحياة البرية استجابةً لهذا التحدي.

فهم الأنواع المهددة بالانقراض:

يركز برنامج المركز الوطني للحياة البرية لحماية الحجل على أربعة أنواع، كل منها يتكيف بشكل فريد مع المناطق البيئية المتنوعة في المملكة:

الصورة بواسطة ezvedat على pexels

الحجل الشقار (Alectoris chukar)

الحجل الشقار: يوجد الحجل الشقار في المرتفعات الشمالية الغربية، ويمكن التعرف عليه من خلال الشريط الأسود البارز الذي يمر عبر عينيه وعنقه. على الرغم من انتشاره نسبياً على مستوى العالم، إلا أن الأعداد المحلية في المملكة العربية السعودية تتعرض لضغوط بسبب فقدان الموائل والصيد.

الحجل العربي: ينتمي هذا النوع إلى المناطق الجبلية في غرب المملكة العربية السعودية واليمن، ويتميز برأسه الأسود وخديه البيضاء. باعتباره نوعًا أصليًا حقيقيًا، فهو عنصر حيوي في التنوع البيولوجي للمملكة.

الصورة بواسطة Tuxysoعلى wikimedia

الحجل العربي (Alectoris melanocephala)

الحجل الفيلبي: يوجد الحجل الفيلبي في التراسات المرتفعة في الجبال الجنوبية الغربية، ويتميز بريشه الغني وطبيعته المراوغة. يعتبر من الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض.

الحجل الرملي: يتكيف الحجل الرملي مع الهضاب الصحراوية والوديان الصخرية، وهو أصغر حجماً وأكثر غموضاً من أقاربه الذين يعيشون في الجبال. يلعب الحجل الرملي دوراً مهماً في الحفاظ على الصحة البيئية في المناطق القاحلة.

عانت هذه الأنواع الأربعة جميعها من الصيد الجائر، والتطوير العمراني غير المنظم، وتقلبات المناخ. لا يمثل انخفاض أعدادها مصدر قلق للحفاظ على البيئة فحسب، بل هو أيضاً علامة تحذيرية على الضغوط البيئية الأوسع نطاقاً التي تؤثر على المناظر الطبيعية في المملكة العربية السعودية.

الصورة بواسطة Josve05a على Wikimedia

الحجل الرملي (Ammoperdix heyi)

دور المركز الوطني للحياة البرية:

أُنشئ المركز الوطني للحياة البرية لقيادة جهود الحفاظ على التنوع البيولوجي الغني في المملكة العربية السعودية واستعادته. وبصفته جزءًا من وزارة البيئة والمياه والزراعة، فإن المركز الوطني للحياة البرية مكلف بحماية الأنواع المهددة بالانقراض وإعادة تأهيل الموائل وتعزيز الممارسات البيئية المستدامة. تشمل مهامه البحث العلمي والتثقيف العام والدعوة إلى السياسات وبرامج إدارة الأنواع.

يعد برنامج تربية وإعادة توطين الحجل أحد المشاريع الرائدة للمركز. ويدمج بين أحدث تقنيات التربية والرصد البيئي واستعادة الموائل. تم تصميم البرنامج ليس فقط لزيادة أعداد الحجل، ولكن أيضًا لزيادة الوعي العام وتعزيز ثقافة الحفاظ على البيئة.

نجاح التربية والدقة العلمية:

حقق المركز تقدمًا ملحوظًا في المراحل الأولى من برنامج التربية. باستخدام تقنيات متطورة لإدارة الطيور وبروتوكولات التنوع الوراثي، جمع المركز وحضن مئات البيض في ظروف خاضعة لمراقبة دقيقة. ومن أبرز النتائج:

الحجل الشقار: تم جمع 516 بيضة خلال موسم التربية الحالي، ما أدى إلى إنتاج 176 فرخًا سليمًا.

الحجل العربي: تمت حضانة 36 بيضة، وفقس 22 فرخًا بنجاح.

الحجل الفيلبي والحجل الرملي: جهود التربية مستمرة، مع نجاح أولي يشير إلى أساس قوي لنمو أعداد الحجل في المستقبل.

توضع علامات على كل طائر، وتحدّد ملامحه الوراثية، ويراقَب لضمان أن الأفراد التي يتم إطلاقها يمكنها أن تزدهر في البرية. تعزز هذه الدقة العلمية قدرة الطيور على التكيف عند إطلاقها.

الصورة بواسطة Shyamal على wikimedia

توزع الحجل في المنطقة (الحجل العربي بالأصفر)

إعادة الإدخال إلى البرية:

تتضمن مرحلة إعادة الإدخال في البرنامج اختيار مواقع استراتيجية بناءً على الملاءمة البيئية وتوافر مصادر الغذاء والحماية من التدخل البشري. من خلال التعاون مع المجتمعات المحلية ومنظمات الحفاظ على البيئة، يضمن المركز أن الحجل الذي تم إطلاقه لديه أفضل فرصة للبقاء على قيد الحياة. تتم مراقبة عمليات إعادة الإدخال المبكرة عن كثب لتقييم معدلات البقاء على قيد الحياة والتكاثر والتفاعلات مع الحياة البرية الموجودة.

بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم الكاميرات عن بُعد وتتبع GPSوالمسوحات الميدانية لتقييم الأثر البيئي لإعادة الإطلاق. تسمح هذه المقاربة القائمة على البيانات بالتحسين المستمر لاستراتيجيات الإطلاق وممارسات إدارة الموائل.

المشاركة المجتمعية والتعليم:

يعتمد نجاح الحفاظ على البيئة على الدعم العام، وقد جعل المركز الوطني للحياة البرية مشاركة المجتمع جزءًا أساسيًا من استراتيجيته. تم إطلاق حملات تثقيفية وورش عمل وشراكات مع المدارس والجامعات لتعليم الشباب السعودي أهمية الحفاظ على الحياة البرية. تشارك القبائل المحلية وملّاك الأراضي في إدارة الموائل، ويتم تشجيع الصيادين على المشاركة في ممارسات منظمة ومستدامة.

كما يعمل المركز مع وسائل الإعلام والمؤثرين الاجتماعيين لنشر الوعي حول الأنواع المهددة بالانقراض وجهود الحفاظ عليها. تهدف هذه الجهود التوعوية إلى تعزيز أخلاقيات الحفاظ على البيئة التي تتجاوز مشروع الحجل لتشمل جميع جوانب التراث الطبيعي للمملكة العربية السعودية.

الخاتمة:

إن عمل المركز الوطني للحياة البرية لإحياء أعداد الحجل هو أكثر من مجرد مبادرة خاصة بنوع معين؛ إنه بيان جريء عن التزام المملكة العربية السعودية باستعادة التوازن البيئي. من خلال التخطيط الاستراتيجي والدقة العلمية والمشاركة العامة، يضع المركز معيارًا جديدًا للحفاظ على البيئة في المنطقة.

إن عودة الحجل إلى المناظر الطبيعية البرية في المملكة العربية السعودية ليست مجرد انتصار لتكنولوجيا التربية أو السياسة البيئية. إنها عودة لروح المملكة البيئية، صدى للحياة التي تولد من جديد عبر مسارات الجبال والنتوءات الصخرية والسهول الصحراوية. من خلال إعادة تربية هذه الطيور في البرية، تعمل المملكة العربية السعودية أيضًا على رعاية مستقبل يزدهر فيه الإنسان والطبيعة معًا.

أكثر المقالات

toTop