button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

هل تعلم أن أول جامعة في العالم أسستها امرأة عربية؟

ازداد الاهتمام العربي بالتعليم والتعلم خلال العصر الذهبي، الممتد من القرن الثامن حتى القرن الرابع عشر الميلادي. لعب الخلفاء والعلماء دورًا هامًا في توفير بيئة مناسبة لتطوير التعليم، والاهتمام بالترجمة والتأليف. ولا يخفى دور النساء في ترك بصمتهن في التطور التعليمي، ومن أبرز الأمثلة على ذلك فاطمة الفهرية، مؤسسة أول صرح علمي في التاريخ.

كيف كانت نشأتها؟

فاطمة الفهرية تنحدر من سلالة عقبة بن نافع القرشي في مدينة القيروان بتونس، التي كانت تُسمى أفريقية آنذاك. انتقلت مع أهلها إلى مدينة فاس بالمغرب. كان والدها، محمد بن عباس، تاجراً ثرياً. تزوجت فاطمة برجل ثري، وتوفي زوجها ووالدها تاركين إرثاً كبيراً لفاطمة وأختها الوحيدة مريم.

اشتهرت فاطمة بسخائها وعطائها، ووزعت من إرثها على المساكين وطلاب العلم حتى لُقِّبت "بأم البنين." ولم يتوقف عطاؤها، فقامت ببناء مسجد سمته جامع القرويين. وكذلك أختها مريم قامت ببناء مسجد في مدينة فاس سمته جامع الأندلس لاحقًا.

جامعة القرويين أول جامعة أكاديمية في التاريخ

لم يكن جامع القرويين مجرد مكان للعبادة، بل أصبح ملتقىً لطلاب العلم والعلماء. كانت تُقدَّم الحلقات العلمية في ساحته، ثم تحوَّل إلى منارةٍ تدلّ الباحثين عن المعرفة، حتى وإن كانوا من خارج حدود الدولة الإدريسية آنذاك أو المغرب حاليًا. وهكذا، أصبحت فاس، كقرطبة وبغداد، إحدى مراكز العلم التي يلجأ إليها طلاب المعرفة.

ذكر المؤرخ أحمد بن خالد الناصري في كتابه (الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى) أن جامع الفهرية بُني بطول 150 شبرًا من الشرق إلى الغرب، وشيدت له صومعة تشبه القبة. وبعد زوال دولة الأدارسة وحكم دولة زناتة، تغير شكل الجامع وزيدت مساحته، ونُقلت إليه الخطب والدروس من مختلف أنحاء البلاد. وتضم الجامعة مكتبة تعد من أقدم المكتبات، وتحوي عددًا ضخمًا من الكتب والمخطوطات النادرة التي تعود للعصور الوسطى، يصل عددها إلى 20 ألف مخطوطة أصلية مكتوبة بخط اليد. وقد توسعت المكتبة في عهد الأسرة المرينية، وأصبحت اليوم من أهم المكتبات في العالم العربي.

تذكر كتب التاريخ أن جامع القرويين تحول إلى جامعة قبل وفاة فاطمة الفهرية سنة 877م. يرجح المؤرخون وفاتها بين عامي 878 و 880، عن عمر يناهز الثمانين عامًا. وتصنف موسوعة جينيس جامعة القرويين كأقدم جامعة في العالم، إذ قدمت العلوم الأدبية والعلمية وظلت مركزًا علميًا قويًا لما يقارب الألف سنة.

الفهرية تترك بصمتها ويخلدها التاريخ.

قد تختلف الروايات والقصص التاريخية قليلًا حول حقيقة الفهرية وما فعلته في رحلة حياتها، ولكن مما لا شك فيه أنها تركت بصمتها الواضحة. فها هي، بعد ألف ومئة وخمسين عامًا، تصبح مصدر إلهام للنساء في العالم، وتشجعهن على أخذ أدوار فعالة في مجتمعاتهن. وهكذا، أُطلق اسمها على جائزة خاصة بالنساء المنتميات لدول البحر المتوسط، ممن حققن إنجازات في مجالات التعليم والبحث العلمي، والفن والثقافة والسياسة والهندسة والآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية.

وقد خصص لها متحف الأردن تمثالاً تخيلياً يجسدها وهي تحمل في يدها لفافة من الورق، ربما تعبيراً عن إشرافها على تصميم الجامع الذي لا يزال منارة في الشرق.

تركت فاطمة بنت الفهري إرثًا لا يُقدَّر بثمن، وخلَّدت اسمها في التاريخ حتى اليوم بصفتها أول من أسس أقدم جامعة أكاديمية في العالم. تميزت الجامعة بتخصصاتها المتنوعة، وكانت لها الريادة قبل بناء الأزهر في مصر بنحو قرن، كما أنها أقدم من جامعة أكسفورد في بريطانيا. قد توجد آثار لجامعات أقدم من جامعة القرويين، مثل جامعة تاكسيلا الهندية، إلا أن ما يميز القرويين هو أنها بدأت واستمرت حتى الآن في نشر العلم دون انقطاع.

المزيد من المقالات