هل صحيح أن الهواتف المحمولة للأطفال تسبب الكثير من المشاكل؟

أي معلم أو والد يعرف أن الحديث حول الهواتف الذكية في أيدي الأطفال لم يكن أكثر أهمية من أي وقت مضى. كمعلمين وأولياء أمور ومراقبين واعيين للمشهد التعليمي، ندرك بشكل متزايد أن الهواتف تؤذي الأطفال. وعلى الرغم من أن الراحة والوصول الفوري إلى المعلومات التي توفرها الهواتف الذكية يمكن أن يكونا مفيدين، إلّا أنّ من الضروري فحص الوجه الآخر لهذه العملة. لا يقتصر النقاش على إبقاء الطلاب مركزين في الفصل الدراسي فحسب، بل يمتد إلى التأثيرات الأعمق التي تخلفها الهواتف الذكية على النمو الشامل لأطفالنا.

عرض النقاط الرئيسية

  • استخدام الهواتف الذكية بشكل مفرط يقلل من التفاعل الاجتماعي الحقيقي للأطفال ويؤثر سلبًا على مهاراتهم في التواصل والتعاطف.
  • تؤدي الهواتف إلى اضطرابات في النوم لدى الأطفال، كما تعزز نمط الحياة الخامل وتزيد من احتمالية الإصابة بمشاكل صحية مثل السمنة.
  • تعرّض الأطفال لمحتوى ضار وغير مناسب على الإنترنت من خلال هواتفهم يمكن أن يفاقم مشاكل الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب.
  • أظهرت دراسات وجود تأخّر في مهارات اللغة وحل المشكلات لدى الأطفال الصغار الذين يمضون وقتًا طويلًا أمام الشاشات في عمر مبكر.
  • بيّنت دراسة شاملة شملت ملايين الطلبة أن الاستخدام المفرط للأجهزة الرقمية في المدارس يرتبط بانخفاض كبير في درجات الرياضيات.
  • تعاني نسبة كبيرة من الطلاب من توتر وقلق عند الابتعاد عن أجهزتهم، مما يؤدي لانخفاض رضاهم عن الحياة وتراجع تحصيلهم الدراسي.
  • استجابةً لهذه التحديات، بدأت بعض المدارس بتقييد استخدام الهواتف أثناء الدوام، في حين يُقترح إدخال تشريعات ومناهج لتعزيز سلامة الأطفال الرقمية ومحو الأمية الإعلامية.

تبيّن هذه المقالة بعض الآثار السلبية للهواتف المحمولة والسبيل إلى تقليصها.

الآثار السلبية:

صورة من pixabay

1- تقلّل الهواتف من التفاعلات والعلاقات في العالم الحقيقي: الهواتف والتطبيقات الذكية تشابه الحلوى الرقمية لأدمغة الأطفال، لأنهم يتعلّقون بها. وغالبًا ما يتفوق هذا الإدمان على الأشياء "الحقيقية"، مثل الدردشة مع العائلة، أو اللعب في الخارج، أو الاتصال البشري الفعلي. لا يتعلق الأمر فقط بتفويت عشاء عائلي، بل يتعلق بفقدان الاتصال بكيفية التفاعل والتعاطف وأن تكون شخصًا في العالم خارج تلك الشاشات.

2- تعطّل الهواتف النوم وتساهم في نمط حياة خامل: يرتبط الوقت الزائد أمام الشاشة بسهولة بنمط الحياة الخامل لأطفالنا. نتحدّث عن حركة أقل، ومزيد من المشكلات الصحية، مثل الاضطرابات المرتبطة بالطعام، وصورة الجسد غير الواقعيّ، والبدانة. وعندما يحين وقت النوم، فإن تلك الهواتف الذكية لا تقدم أي خدمة أيضًا. يؤدي الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات إلى إفساد دورات نوم الأطفال، ما يؤدي إلى نوم سيئ.

3- تعرض الهواتف الأطفال إلى محتوى ضار ومخاطر على الصحة العقلية: إن الأشياء التي يراها الأطفال على هواتفهم الذكية، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي، هي عبارة عن أفعوانية عاطفية حقيقية. إنهم يصطدمون ببعض المحتوى الثقيل جدًا - رسائل مخيفة من الغرباء، ومنشورات حول الانتحار أو اضطرابات الأكل. هذا التعرض أكثر من مجرد مقلق. يمكن أن يزيد من قلقهم، ويفسد مزاجهم، بل ويؤدي إلى مشاكل طويلة الأمد تتعلق بالصحة العقلية. ودعونا لا نتغاضى عن الكم الهائل من المحتوى الجنسي وغير المناسب الذي لا يبعد سوى بضع نقرات. وقد تبيّن فعلًا أنّ الأطفال الذين يستعملون الهواتف الذكية لديهم معدلات من القلق والاكتئاب وإيذاء النفس والاضطرابات الأخرى ذات الصلة، أعلى من أيّة مجموعة أخرى، وتعتبر اليوم مشكلة خطيرة بما يكفي لتكون إدمانًا محتملاً.

4- لا يزال هناك سبب آخر للحد من وصول الأطفال إلى وسائل التواصل الاجتماعي. وجدت إحدى الدراسات أن هناك تأخرًا في نطق اللغة، بالإضافة إلى عجز في مهارات حل المشكلات بين سن 2 و4 سنوات لدى الأطفال الذين تعرضوا لوقت طويل أمام الشاشات.

دراسة جديدة:

صورة من pexels

كشفت دراسة تعليمية دقيقة شارك فيها أكثر من مليوني طالب، عن وجود علاقة مثيرة للقلق: مع توسع تغطية الجيل الثالث، انخفض أداء الطلاب في التقييمات الدولية. وهي ظاهرة عالمية لا تقتصر على بلد معيّن. وفيما يلي أهمّ التفاصيل:

1- الوقت الذي يقضيه الطلاب على الأجهزة: تفوق الطلاب الذين يقضون أقل من ساعة يوميًا على الأجهزة الرقمية في المدرسة، على أقرانهم الذين يبقون أمام الشاشات لأكثر من خمس ساعات يوميًا، وسجلوا ما يقرب من 50 نقطة أعلى في الرياضيات. وظلت هذه الفجوة كبيرة حتى بعد تعديل العوامل الاجتماعية والاقتصادية.

2- الإلهاء في المدرسة: تعد الشاشات مصدرًا دائمًا لإلهاء الأطفال، ما يؤثر حتى على الطلاب الذين لا يستخدمون هواتفهم بشكل دائم. أولئك الذين أبلغوا عن الإلهاء بسبب هواتف أقرانهم سجلوا درجات أقل في الرياضيات.

3- قلق الأجهزة: من المثير للقلق أن ما يقرب من نصف الطلاب يعانون من القلق عند الانفصال عن أجهزتهم الرقمية، ما يرتبط بانخفاض الرضا عن الحياة وانخفاض درجات الرياضيات.

ما هو التالي بالنسبة للمدارس؟

صورة من unsplash

باختصار، يميل الطلاب المنشغلون بهواتفهم إلى أن يكون أداؤهم ضعيفًا ويشعرون بمستويات أقل من الرضا عن الحياة حيث تصبح الهواتف مصدرًا لإلهائهم. إن نتائج الدراسة السابقة وغيرها مقنعة بما يكفي للمطالبة باتخاذ إجراءات فورية. واستجابة لذلك، تتخذ بعض المدارس خطوات استباقية، وتنفذ سياسات تقيد استخدام الأجهزة المحمولة أثناء ساعات الدراسة وتمنع الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي على شبكاتها. ومن المثير للدهشة أن هذه المبادرات لا تواجه مقاومة تذكر من أولياء الأمور والطلاب، الأمر الذي يعزز الإجماع المتزايد على أن الهواتف المحمولة ليس لها مكان في الفصول الدراسية.

ما البديل؟

صورة من unsplash

مع تزايد المخاوف بشأن كيفية تأثير استخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعي على صحتهم العقلية، يقترح المشرعون في بعض البلدان وضع قواعد تنظيميّة للحفاظ على سلامة الأطفال أثناء استخدامهم للإنترنت وتطبيقات الدردشة عبر الإنترنت مثل وسائل التواصل الاجتماعي. وبعض الأفكار المطروحة تضم مشاريع قوانين وقرارات تنص على ما يلي:

تشكيل فرق دراسة في المدارس.

جعل الأشخاص يثبتون أنهم كبار بما يكفي أو يحصلون على إذن من أحد الوالدين لفتح حساب على وسائل التواصل الاجتماعي.

إضافة دروس حول محو الأمية الرقمية والوسائط للأطفال في الصفوف من الروضة إلى الصف الثاني عشر

صورة من unsplash

كمعلمين وأولياء أمور وأصحاب مصلحة في مستقبل أطفالنا، فقد حان الوقت لإعطاء الأولوية لتعليمهم ورفاهيتهم على الاتصال المستمر. ومن خلال اتخاذ موقف ضد الاستخدام غير المنظم للهواتف الذكية في المدارس، يمكننا أن نبدأ في التخفيف من تأثيرها السلبي وتعزيز بيئة أكثر ملاءمة للتعلم والتنمية الصحية. نحن جميعا نريد الأفضل لأطفالنا. وقد حان الوقت للتوقف عن التظاهر بأن الهواتف لا تضرهم.

أكثر المقالات

toTop