كارثة في السماء: ماذا يحدث عندما تصطدم الطيور بالطائرات؟

يتعرض الإنسان باستمرار لتهديد عدد من المخاطر المحتملة؛ وكلما اخترعنا أكثر، أصبحنا أكثر عرضة لفشل اختراعاتنا. في الوقت الحاضر، عددُ التهديدات التي تهمنا كبير جدًا لدرجة أنه من الحماقة حتى محاولة إعداد قائمة كاملة.

عرض النقاط الرئيسية

  • اصطدام الطيور بالطائرات يُعد تهديدًا مستمرًا وخطيرًا لسلامة الطيران، رغم أن معظم هذه الحوادث تؤدي فقط إلى أضرار طفيفة للطائرات.
  • اصطدام الطيور يحدث عادة أثناء مراحل الطيران المنخفضة، كالإقلاع والهبوط، بسبب تحليق أغلب الطيور على ارتفاعات منخفضة.
  • رغم شيوع الحوادث على الارتفاعات المنخفضة، سُجّلت حالات اصطدام طيور بطائرات على ارتفاعات عالية تصل إلى أكثر من 11 كيلومترًا.
  • تعتمد شدة تأثير ضربة الطير على عوامل عديدة مثل سرعة الطائرة، اتجاه الاصطدام، وزن الطائر، وحجمه.
  • أخطر السيناريوهات تحدث عندما تبتلع المحركات النفاثة الطيور، مما يؤدي إلى فشل جزئي أو كلي في المحرك.
  • حادثة طائرة الخطوط الأمريكية رقم 1549 تشكّل مثالًا بارزًا على مدى خطورة ضربات الطيور، رغم أن الهبوط الناجح في نهر هدسون اعتُبر معجزة.
  • يُعتبر تاريخ أول ضربة طير موثق قديمًا ويعود إلى عام 1905، عندما اصطدم أحد الإخوة رايت بطائر أثناء تجربة طيران.

دعونا نضيّق هذا الأمر قليلاً ونتحدث عن التهديدات الناجمة عن الطيران في الهواء في حاوية عملاقة من المعدن والألياف، أو بعبارة أخرى، في طائرة.

التهديد: ضربات الطيور!

ما هي ضربة الطير؟

الصورة عبر Auckland Photo News على flickr

يُشار إلى حدث اصطدام حيوان محمول جواً (عادةً طائر أو خفاش) بطائرة أثناء الطيران باسم ضربة الطير. وهي معروفة أيضًا ببعض الأسماء الأخرى، مثل إصابة الطيور أو ابتلاع الطيور أو BASH (لـ خطر ضربات الطيور بالطائراتBird Aircraft Strike Hazard). كما تحدث اصطداماتُ الطيور بأشياء أخرى من صنع الإنسان على الأرض، مثل السيارات وخطوط الكهرباء وتوربينات الرياح، والتي عادة ما تؤدي إلى موت الطيور.

تم الإبلاغُ عن أول حالةِ اصطدامِ طائر على الإطلاق بواسطة أورفيل رايت (أحد الإخوة رايت اللذَين يعود لهما الفضل في اختراع وتحليق أول طائرة ناجحة في العالم) في عام 1905 - أي منذ 114 عامًا (من العام الحالي - 2019)! ولكن من المثير للاهتمام أن الضربة لم تكن عرضية تمامًا. كان أورفيل يطير في دوائر بالقرب من حقل ذرة في ولاية أوهايو. ويبدو أنه كان يطارد قطعانَ الطيور قبل أن يصطدم بأحدها. استلقى الطائر الميت على جناح طائرته حتى استدار بشدة ليتخلّص منه.

على الرغم من أن اصطدام الطيور يشكل تهديدًا كبيرًا لسلامة الطيران، إلا أن عدد الحوادث الكبرى الناجمة عن اصطدام الطيور منخفض جدًا. لا تُسبِّب غالبية اصطدامات الطيور سوى أضرار طفيفة للطائرة المتضررة، ولكن هذه الاصطدامات تكون دائمًا قاتلة للطيور المشارِكة في الحادث.

الطورُ من رحلة الطيران الأكثرُ ضعفًا وعرضةً للهجوم

الصورة عبر John McArthur على unsplash

على الرغم من أنه من الصحيح أنه لا توجد طريقة يمكنك من خلالها التأكد تمامًا من تجنّب اصطدام الطيور (إلا إذا كنت تطير في عالَم لا توجد فيه حيوانات جوية، وهو أمر غير معروف حاليًا)، فإن اصطدامات الطيور هذه تحدث عادة عندما تحلّق الطائرة على ارتفاعات منخفضة. لذلك، فإن الظروف الأكثر ملاءمة لضرب الطيور هي أثناء إقلاع الطائرات أو هبوطها (أو المراحل الأخرى ذات الصلة). سببُ هذا واضح؛ تطير معظمُ الطيور على ارتفاعات منخفضة، ممّا يزيد من خطر اصطدامها بآلة محمولة جواً.

ومع ذلك، هذا لا يعني أنه لا توجد طيور تحلق على ارتفاعات أعلى من الارتفاعات “العادية”. في الواقع، تمّ الإبلاغ عن اصطدام الطيور أيضًا على ارتفاعات أعلى تبلغ حوالي 6000 متر (20000 قدم) إلى 9000 متر (30000 قدم). الرقم القياسي العالمي لضرب الطيور على أعلى ارتفاع على الإطلاق هو 11300 متر (أي 11.3 كيلومتر) فوق سطح الأرض!

ماذا يحدث أثناء الاصطدام بالطيور؟

الصورة عبر JayMantri على pixabay

عادة ما تصطدم الطيور بأيّ من الحواف الأمامية للطائرة، والتي تشمل الأجنحة ومخروط الأنف والموقع الأكثر شيوعًا – المحرك النفاث.

كانت هناك حالاتُ اصطدام الطيور بالزجاج الأمامي أو المظلة لطائرات إيرباص والطائرات المقاتلة، ممّا قد يؤدي (في بعض الأحيان) إلى تشقق سطح المظلة أو الزجاج الأمامي. قد تؤدي هذه الشقوقُ أحيانًا إلى تعطيل ضغط الهواء داخل المقصورة وتؤدي إلى فقدان الارتفاع أو مشاكل أخرى متعلقة بالرحلة. تعتمد شدةُ الضرر الناتج عن اصطدام الطائر على عدة عوامل، بما في ذلك اختلاف السرعة واتجاه الصدم ووزن الطائر وحجمه.

لوضع الأمر في نصابه الصحيح، تخيّل أن طائرًا كتلته 5 كجم يصطدم بطائرة بسرعة نسبية تبلغ 275 كم/ساعة. هل يمكنك معرفةُ مقدار التأثير الذي يُترجَم إليه هذا الصدم؟

ويعادل هذا التأثيرُ طاقةَ سقوط كيس وزنه 100 كجم من ارتفاع 15 مترًا! تخيّل كيف سيكون شعورك عندما تصطدم بكيس يزن 100 كجم من هذا الارتفاع. هيا، خذ بضع ثوان وتخيل ذلك بنفسك. ليس الشعورُ لطيفا جدا!

تنشأ أخطر الظروف عندما يصطدم الطائر بالتوربين ويعلق في المحرك؛ يُشار إلى هذا الحدث باسم ابتلاع محرك نفاث (نظرًا لأن المحرك "يبتلع" الطائر).

بعد أن "يعلق" الطائر في المحرك، يمكن أن يتسبّبَ في تعطيل الحركة الدورانية لشفرات المروحة، مما يؤدي إلى فشل جزئي أو كلي لذلك المحرك. الآن، ما الذي يمكن أن يفعله العطل المفاجئ لأحد المحركات بالطائرة؟ دعونا لا نتحدث عن ذلك. تُعتبر قطعانُ الطيور أكثر خطورة، حيث يمكن أن يكون لها تأثير أكثر شرًّا بشكل جماعي.

المعجزة على نهر هدسون

الصورة عبر Pascal Meier على unsplash

كان هناك العديد من حالات اصطدام الطيور، ولكن الحالة التي حظيت بالكثير من الاهتمام كانت حالة رحلة الخطوط الجوية الأمريكية رقم 1549. في 15 يناير (كانون الثاني) 2009، قامت طائرة (إيرباص 320) بهبوطٍ بدون محرك أشبه بمعجزة في نهر هدسون، بعد أن صدمها سربٌ من الطيور بعد وقت قصير من إقلاعها من مطار لاغوارديا في مدينة نيويورك. وبشكل لا يصدق، لم يتمّ الإبلاغ عن وقوع إصابة واحدة. ليس من المستغرب أن يُعرف هذا الحدث باسم "معجزة نهر هدسون".

على الرغم من عدم وقوع خسائر في الأرواح، إلا أن هذا الحدث سلط الضوء على الفشل الكارثي الذي يمكن أن تُسبِّبَه ضرباتُ الطيور في الواقع لآلة محمولة جواً، حتى لو كانت ضخمة مثل طائرة إيرباص!

أكثر المقالات

toTop