منذ ثمانينات القرن العشرين انتشر لفظ الاستدامة وعلى الرغم من أن اللفظ لم يكن جديدا وقتها ولكنه أصبح أوسع انتشارا في ذلك الوقت. يأتي فكر الاستدامة من القلق نحو أجيال المستقبل ومن هنا يرتبط فكر الاستدامة بالشباب في المقام الأول. تعرف الاستدامة على أنها إشباع احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها.
أصبح لدينا العديد من التحديات سواء فيما يخص البيئة وتغيرات المناخ أو التحديات الاجتماعية والاقتصادية الملحة التي تحتاج للعديد من الجهود لمواجهتها لذا؛ أصبح فكر الاستدامة ضرورة ملحة وليست رفاهية أو أختيار.
سطورنا التالية تناقش فكر الاقتصاد المستدام من حيث معناه وارتباطه بالشباب على وجه الأخص ودورهم نحو تحقيق اقتصاد مستدام لدولنا العربية.
الاقتصاد المستدام هو تحقيق نمو اقتصادي مع الحفاظ على الموارد البيئية والطبيعية التي أصبحت في خطر حيث أصبحت الأجيال المستقبلية مهددة بنقص شديد في الموارد. على أن يتم ذلك بطريقة متوازنة اجتماعيا وبيئيا واقتصاديا. بكلمات أبسط أننا نسعى لتحقيق نمو اقتصادي دون استنزاف للموارد أو أضرار بالبيئة.
قراءة مقترحة
- إعادة التدوير: لابد أنك قد رأيت واحد من العديد من المنتجات التي تم تصنيعها من خلال إعادة التدوير وهي العملية التي من خلالها تم تصنيع منتج جديد قابل للأستخدام من منتج مستعمل أو قديم أو حتى من النفايات. يوجد العديد من تلك المنتجات وقد خلقت إعادة التدوير العديد من فرص العمل وساعدت على التقليل من التلوث وتوفير الطاقة والمال. ومن خلاله أيضا ظهر فكر الاقتصادالدائري وهو إقتصاد مبني على الحد من النفايات والمخلفات من خلال عملية إعادة التدوير.
- الطاقة المتجددة: وهو استخدام مصادر طاقة متجددة وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة المعتادة. لابد أنك رأيت لمبات الطاقة الشمسية وغيرها من العديد من المنتجات التي تعمل من خلال توليد الطاقة من الشمس أو الرياح وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة التي لا تنضب.
- الزراعة المستدامة: الزراعة المستدامة هي زراعة تعتمد أساليبها على حماية البيئة وخصوبة التربة وتقلل من استخدام المواد الضارة مثل المبيدات و الأسمدة المصنعة كيميائيا.
- الاقتصاد الأزرق: يرتبط الاقتصاد الأزرق بالبحار والمحيطات مثل توليد الكهرباء من طاقة المياه واستخراج المواد الخام من البحر وغيرها من الأنشطة المتعلقة بمياه البحار والمحيطات.
مقارنة بالعديد من دول العالم فإن أعداد الشباب صغيري السن في الدول العربية تعتبر كبيرة، كما أن الشباب لديهم وعي بيئي أكبر حيث نشأوا في ظل التغيرات المناخية ونقص الموارد عالميا. نشأ الجيل الحالي في ظل زيادة الوعي نحو الاستدامة وبالتالي لديهم فكرة جيدة عن الاستدامة وأهميتها لحماية أجيال المستقبل و اضرار التلوث ونقص الطاقة.
لدي الشباب أهتمام كبير نحو الدفاع عن المجتمع ودعمه من خلال التطوع وتوجيه نظر صناع القرار نحو الفئات الضعيفة والمهمشة من خلال المنظمات الشبابية. لدي شباب اليوم وعي ودافع لتطوير المجتمع وتحقيق فرص عادلة ومتساوية للجميع. كما يسعى شباب اليوم بجهود حثيثة للقضاء على مشاكل الفقر والجوع ونقص الرعاية الصحية وتحقيق مستوى أعلى من الرفاهية. أنهم دعائم الحاضر وأمل لمستقبل أفضل. لكل تلك الأسباب يمكننا التأكد من أن الشباب لديهم دور كبير نحو تحقيق الاستدامة بكل محاورها.
الآن وقد عرفنا مفهوم الاستدامة وبعض أشكالها وعلاقتها بالشباب يأتي السؤال الأهم في سطور هذا المقال وهو كيف يمكن للشباب العربي أن يبني اقتصاد مستدام؟ يمكننا الإجابة عن هذا السؤال ببعض النقاط التي تحقق منها البعض بالفعل علي أرض دولنا العربية وهي:
أصبحت ريادة الأعمال علي يد الشباب أمرا ملحوظا في العديد من الدول العربية ولكن لتحقيق اقتصاد مستدام نحتاج للتركيز على ريادة الأعمال المستدامة علىالأخص من خلال مشاريع صديقة للبيئة وقد ذكرنا بعضها بالفعل في النقاط السابقة مثل إعادة التدوير والزراعة العضوية أو حتى مشاريع النقل المستدام وغيرها من المشروعات المستدامة. نعتمد على الشباب للتوصل لحلول مبتكرة لمشكلات التلوث وضرر البيئة الناتجة عن المشروعات المضرة للبيئة والوصول لتقنيات حديثة في جميع المجالات مثل الزراعة الذكية ومجالات الصحة وغيرها.
إنشاء مجتمعات من الشباب لدعم الاستدامةومشاريعها والحصول على دعم المنصات التي تعمل على فكر التمويل الجماعي مثل منصة ذومال اللبنانية وهي من أولىالمنصات التي عملت على دعم المبدعين والابتكار من خلال التمويل الجماعي.
يمكن تحقيق ذلك من خلال عدة وسائل مثل استخدام المنصات الرقمية للتجارة وتقديم الخدمات. تتميز تلك المنصات بتقليل البصمة الكربونية والوصول للأسواق بسرعة وسهولة. كما يوجد العديد من استخدامات الذكاء الاصطناعي التي تهدف لتحقيق نفس الأهداف.
الاستثمار في التعليم والمهارات الخضراء والرقمية يساعد أيضا على بناء اقتصاد مستدام. نذكر منها تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي وتعلم الاقتصاد المستدام.
يمكن للشباب تحقيق دورا كبيرا في تغيير السياسات من خلال المشاركة في المبادرات سواء الاجتماعية أو البيئية والضغط على أصحاب القرار لتبني سياسات تحث وتدعم الإستدامة واستخدام الطاقة المتجددة ودعم مشروعات الشباب التي تهدف لتحقيق تلك الأهداف.
يلعب الشباب دورا محليا نحو الاقتصاد المستدام من خلال دعم المنتجات المحلية والحرف اليدوية و السياحة المستدامة وغيرها من المشروعات التي تهدف لحماية البيئة.
المشاركة الفعالة في المبادرات الإقليمية والدولية التي تدعم ريادة الأعمال المستدامة والخضراء والاستفادة من صناديق التمويل الأخضر العالمية وهي صناديق تقوم بتمويل المشروعات التي تحقق أهداف التنمية المستدامة مثل مشاريع الطاقة المتجددة وإدارة النفايات.