ما هي ثاني أكبر مدن تونس؟ ولماذا من المهم زيارة صفاقس؟

ADVERTISEMENT

غالبًا ما تُغفل صفاقس لصالح مدن أخرى أكثر بريقًا مثل تونس وسوسة والحمامات، وهي ثاني أكبر مدينة في تونس وأكثرها اجتهادًا. تقع صفاقس على الساحل الجنوبي الشرقي للبلاد، وتلعب دورًا حيويًا في الهوية الوطنية التونسية - ليس فقط كمركز سكاني، بل كمحرك ثقافي واقتصادي. تأسست صفاقس في القرن التاسع على أنقاض مدينة تبرورة الرومانية، وازدهرت كمدينة ساحلية ذات روابط قوية بالتجارة والصناعة. يبلغ عدد سكانها قرابة مليون نسمة، مما يجعلها منطقة حضرية رئيسية، ومع ذلك، لا يزال طابعها متأصلًا في التراث أكثر من السياحة. على عكس المراكز السياحية الأخرى، فإن صفاقس ليست مجرد عرض مسرحي للزوار - إنها تونس، عفوية ونابضة بالحياة. لا تكمن أهميتها في حجمها أو موقعها فحسب، بل في نفوذها أيضًا. غالبًا ما تُعرف صفاقس باسم "العاصمة الاقتصادية" لتونس، بفضل صناعتها في صيد الأسماك، وإنتاج زيت الزيتون، ومينائها التجاري الذي يُدير جزءًا كبيرًا من صادرات البلاد. هذا النفوذ الاقتصادي يجعلها نظيرًا حيويًا للعاصمة السياسية، تونس.

ADVERTISEMENT
صورة بواسطة El Golli Mohamed على wikipedia

متحف حي: التاريخ والتراث

من أكثر جوانب صفاقس جاذبية مدينتها العتيقة، التي تختلف عن غيرها في شمال إفريقيا. فبدلًا من أن تُحفظ للسياح فقط، لا تزال مدينة صفاقس العتيقة جزءًا حيويًا من الحياة اليومية. محاطة بأسوار وأبراج دفاعية سميكة تعود إلى القرن التاسع، ينبض هذا المركز العريق للمدينة بإيقاع التجارة اليومية والمجتمع والحرف اليدوية. يكشف التجول في أزقتها الضيقة والمتعرجة عن أجواء عريقة. في قلب المدينة العتيقة يقع الجامع الأعظم في صفاقس، الذي شُيّد عام 849 ميلاديًا. بمئذنتها المهيبة وتصميمها البسيط والأنيق، تُعدّ صفاقس شاهدًا على قرون من التدين والبراعة المعمارية. كما تضمّ المدينة العديد من المتاحف التي تُتيح لكَ نافذةً على الماضي. يُعدّ متحف دار الجلولي أحد أبرز هذه المتاحف، ويقع في قصرٍ جميلٍ يعود تاريخه إلى القرن السابع عشر، وقد تمّ ترميمه بشكلٍ رائع. يعرض المتحف الفنون والحرف والملابس والحياة المنزلية التونسية التقليدية، مُتيحًا للزوار فرصةً للاطلاع على الجذور الثقافية العريقة للمدينة. خارج حدود المدينة مباشرةً، تقع آثار طينة الرومانية، وهي موقعٌ أثريٌّ يضمّ بقايا حماماتٍ وشوارع وفسيفساء. إنها وجهةٌ مثاليةٌ لعشاق التاريخ الذين يتطلعون إلى استكشاف التاريخ التونسيّ المتنوع، والذي يمتدّ من قبائل البربر والقرطاجيين إلى الخلافة الإسلامية والعصر الاستعماري الفرنسي. ما يُضفي سحرًا إضافيًا على صفاقس هو اندماج هذا التراث العريق في الحياة اليومية، حيث يستمر السكان في استخدام ورش المدينة العتيقة لصناعة الأحذية اليدوية والحلي النحاسية، كما تُستخدم الساحات الصغيرة لإحياء حفلات موسيقية شعبية ومهرجانات رمضانية. هذا التداخل بين الماضي والحاضر يُحوّل المدينة إلى متحف حي نابض بالحياة، لا يقتصر على عرض التحف، بل يعرض الناس أنفسهم كجزء من سردٍ ثقافي مستمر.

ADVERTISEMENT
صورة بواسطة Moumou82 على wikipedia

لماذا تزور صفاقس؟ مزيجٌ من الثقافة والتجارة والهدوء

إذن، لماذا ينبغي على المسافرين الحرص على زيارة صفاقس؟ الإجابة البسيطة هي *الأصالة*. إذا سئمت من التجارب السياحية المُبالغ في تنظيمها وتتوق إلى مدينة تُشعِرك بالأصالة، فإن صفاقس هي الحل. سحرها يكمن في الحياة اليومية. يُقدم التجول في أسواق صفاقس نوعًا مختلفًا من الإثارة - ليس المساومة السياحية على الهدايا التذكارية، بل الجمال النابض بالحياة والفوضوي للسوق. يشتري السكان المحليون التوابل والأقمشة والمنتجات الطازجة كما اعتادوا على مر الأجيال. تعج المقاهي التقليدية بالأحاديث، وتُقدم المخابز العائلية صواني "البقلاوة" و"المكرود" بمهارة الحرفيين. تشتهر صفاقس أيضًا بمطبخها المميز، وخاصة أطباق المأكولات البحرية التي تعكس جغرافيتها الساحلية. "الكسكس الصفاقسي"، المصنوع عادةً من السمك، غني بالتوابل وله طابع خاص. ومن الأطباق المميزة الأخرى "الشرمولة"، وهو طبق حلو ومالح مصنوع من الزبيب والبصل والتوابل، ويُؤكل عادةً في احتفالات عيد الأضحى. سيجد عشاق الطعام ما يرضيهم، بأسعار معقولة جدًا مقارنةً بالمدن السياحية. كما تجد الطبيعة مكانها هنا. على بُعد رحلة قصيرة بالعبّارة من صفاقس، تقع *جزر قرقنة*، وهي أرخبيل هادئ لم يُكتشف بعد. بشواطئها البكر، وقرى الصيد التقليدية، وأشجار النخيل المتمايلة، تُوفر الجزر ملاذًا مثاليًا لقضاء يوم أو عطلة نهاية أسبوع. كما تشتهر بمشاهدة الدلافين والآثار الرومانية القديمة.

ADVERTISEMENT
صورة بواسطة daly3d abd على wikipedia

الوصول إلى هناك والاستمتاع بزيارتك على أكمل وجه

السفر إلى صفاقس وما حولها سهلٌ للغاية. يخدم مطار صفاقس-طينة الدولي رحلات داخلية ودولية محدودة، مع رحلات منتظمة إلى تونس العاصمة والعديد من المدن الأوروبية. كما يُمكن الوصول إلى المدينة عبر شبكة السكك الحديدية الوطنية التونسية وشبكة الطرق السريعة الحديثة، مما يجعلها محطة مثالية في رحلة عبر البلاد. تُلبي خيارات الإقامة في صفاقس جميع الأذواق والميزانيات. من فنادق الأعمال الأنيقة ذات المرافق الحديثة إلى بيوت الضيافة التقليدية ذات الطابع المحلي، ستجد ما يناسب جميع أنواع المسافرين. ينصح العديد من الزوار بالبقاء على مسافة قريبة سيرًا على الأقدام من المدينة القديمة للانغماس التام في إيقاعها. أفضل مواسم الزيارة هي *الربيع (مارس إلى مايو)* و*الخريف (سبتمبر إلى نوفمبر)*. الطقس لطيف. مدينة دافئة ومثالية لاستكشاف المواقع التاريخية، والاستمتاع بشاطئ البحر، أو حضور المهرجانات الثقافية. تستضيف صفاقس فعاليات مثل *مهرجان صفاقس الدولي، وهو احتفال بالموسيقى والمسرح والفنون، يُضفي حيوية على المدينة من خلال العروض وورش العمل. كما يُقام **مهرجان الموسيقى التقليدية*، الذي يُسلط الضوء على التراث الشعبي للمنطقة. صفاقس ليست مدينةً تجذب الانتباه، بل هي مدينة تجذبك بهدوء وتترك انطباعًا لا يُنسى. للمسافرين الذين يبحثون عن العمق بدلًا من الإبهار، والمعنى بدلًا من الخيال، تُقدم صفاقس تجربةً مُلهمة لا تُنسى. إلى جانب ذلك، يمكن للزائرين استكشاف المناطق الريفية المحيطة بسهولة عبر الرحلات اليومية إلى قرى الصيد والمزارع التقليدية، مما يمنحهم لمحة أعمق عن أسلوب الحياة التونسي الأصيل. تُقدَّم الجولات بصحبة مرشدين محليين، مما يُثري التجربة بالتفاعل الثقافي والمعرفة التاريخية، ويُضفي طابعًا شخصيًا على كل لحظة في صفاقس.

أكثر المقالات

toTop