تقف قلعة حلب شاهداً صامتاً يروي قصة آلاف السنين من الحضارات التي تعاقبت على المدينة، بدءاً من الآراميين وانتهاء بالعثمانيين. تُعد من أقدم وأضخم القلاع في العالم، وشغلت دوراً دفاعياً وإدارياً وسياسياً. رغم الدمار الذي أصابها أثناء الحرب، تبقى رمزاً لصمود حلب وتاريخها الطويل.
بدأت القلعة في الألفية الثالثة قبل الميلاد حين استخدمت تلتها معبداً للإله حدد. تحولت في العهد الأيوبي إلى حصن دفاعي بناه صلاح الدين الأيوبي وابنه الظاهر غازي، وصمدت أمام حصارات كثيرة، أشهرها المغولي والصليبي. في العهد المملوكي، أصبحت مركزاً إدارياً يجمع طرق البناء الدفاعية وزخرفة العمارة الإسلامية. مع قدوم العثمانيين، خفت دورها العسكري وصارت موقعاً رمزياً وإدارياً.
قراءة مقترحة
تبرز القلعة بأبراجها وأسوارها وخنادقها التي شكلت خط الدفاع الأول. تحتوي على قاعة العرش، مسجدين، حمامات، وسوق داخلي، ما يظهر دمج الوظائف المدنية والعسكرية. تصميم بوابتها المتعرجة وجسرها الحجر يعكس فنون الدفاع الإسلامي، ويضعها في مقدمة القلاع الإسلامية من حيث الجمال.
تحيط بالقلعة حكايات شعبية، أشهرها الأنفاق السرية وزيارة الملكة زنوبيا، إضافة إلى روايات عن كنوز مدفونة وأرواح حراس قدامى. تلك القصص تضيف إلى جاذبيتها وتجعل الزيارة مزيجاً من الواقع والخيال والتراث الشفهي.
أثناء الحرب السورية، تضررت أجزاء واسعة من القلعة. بدأت أعمال ترميم بإشراف اليونسكو ومديرية الآثار السورية لإعادة الحياة إلى المعلم عبر تدعيم الجدران وترميم البنية الداخلية مع الحفاظ على طابعها الأثري.
اليوم، عادت الزيارات إلى قلعة حلب، التي صارت من أبرز المعالم السياحية في سوريا. تمنح الزائر إطلالات واسعة على المدينة القديمة، إلى جانب فعاليات ثقافية وموسيقية تنبض بالحياة داخل أسوارها، وتكملها الأسواق والمقاهي المحيطة التي تعكس روح حلب الأصيلة.
