وهران: إيقاع البحر والموسيقى في عاصمة الغرب الجزائري

ADVERTISEMENT

في قلب الغرب الجزائري، تتربع وهران كمدينة تنبض بالحياة، حيث يتعانق البحر المتوسط مع أنغام الموسيقى العريقة. إنها مدينة لا تقتصر على سحر الطبيعة أو فخامة العمارة، بل تتجاوز ذلك إلى روح نابضة تجمع بين الحداثة والتقاليد. وهران، أو "الباهية" كما يحب أن يسميها أهلها، وجهة مثالية لمحبي الرحلات الباحثين عن تجربة ثقافية، تاريخية، وترفيهية فريدة من نوعها.

الصورة بواسطة Faycal.09 على wikimedia commons

مدينة ذات روح متوسطية وهوية مغاربية

تتميز وهران بموقعها الاستراتيجي على الساحل الشمالي الغربي للجزائر، حيث تطل على البحر المتوسط وتتنفس من نسيمه عبق التاريخ والتنوع. منذ تأسيسها في القرن العاشر الميلادي، كانت وهران نقطة التقاء حضارات متعددة، من الأندلسيين إلى العثمانيين والفرنسيين، ما جعلها مرآة ثقافية تعكس ثراء المنطقة المغاربية.

ADVERTISEMENT

الأحياء العتيقة مثل "سيدي الهواري" تروي قصص الماضي العريق، حيث تتعانق الأزقة الضيقة مع المنازل ذات الطابع الأندلسي العثماني. المشي في هذه الأحياء هو بمثابة عبور في الزمن، حيث تكتشف فن العمارة التقليدي والأسواق القديمة وروح المدينة الأصيلة.

البحر... روح وهران النابضة

لا يمكن الحديث عن وهران دون التطرق إلى علاقتها الحميمة بالبحر. من مينائها العريق إلى شواطئها الواسعة، يرافقك البحر أينما ذهبت. الشواطئ مثل "مداغ"، "كوراليس"، و"كريستال بلاج" تقدم خيارات مثالية لعشاق السباحة والاسترخاء. ويمكنك ممارسة الرياضات المائية، أو الاكتفاء بالتنزه على الكورنيش الذي يُعد من أجمل أماكن المدينة، خاصة عند الغروب حين يتلون الأفق بظلال برتقالية ساحرة.

الموسيقى... لغة وهران العالمية

من أبرز ما يميز وهران هو تراثها الموسيقي، وخاصة موسيقى الراي التي انطلقت من أحيائها الشعبية لتغزو المسارح العالمية. أسماء مثل الشاب خالد، الشاب مامي، ورشيد طه جعلوا من وهران منبراً موسيقياً عالمياً. الراي ليس مجرد موسيقى، بل هو أسلوب حياة يعكس نبض الشارع، أفراحه وأحزانه، حريته وتطلعاته.

ADVERTISEMENT

في وهران، يمكنك زيارة أماكن ولادة هذا الفن أو حضور حفلات تقام في المسارح مثل "قصر الثقافة" أو "مسرح عبد القادر علولة"، حيث تختلط الحداثة بالموروث في عروض تمزج بين الموسيقى، الشعر، والرقص.

معالم تاريخية لا تُنسى

رغم الحداثة الظاهرة في شوارع وهران وأسواقها، فإنها مدينة تعرف كيف تصون ذاكرتها. ومن أبرز المعالم التي يجب على الزائر اكتشافها:

  • قلعة سانتا كروز: تقع على قمة جبل المرجاجو، وتُعد من أشهر رموز المدينة. بُنيت خلال الاحتلال الإسباني في القرن السادس عشر، وتوفر إطلالة بانورامية مدهشة على المدينة والبحر.
  • الكاتدرائية الكبرى (تحولت لاحقًا إلى مكتبة): مثال رائع على العمارة القوطية التي تعايشت مع الإسلام في فضاء واحد، وهو ما يرمز إلى التسامح الثقافي والديني.
  • المسجد الباشا: تحفة معمارية عثمانية بُنيت في القرن الثامن عشر، وتُبرز الطراز التقليدي في الزخرفة والنقوش.
ADVERTISEMENT
  • متحف أحمد زبانة: يقدم نظرة شاملة عن تاريخ المنطقة من العصور القديمة إلى فترة الاستعمار والمقاومة الجزائرية.
الصورة بواسطة CherratiAicha على wikimedia commons

النكهات الوهرانية: رحلة في عالم الطبخ

المطبخ الوهراني هو مزيج غني من النكهات المتوسطية، الأندلسية، والمغاربية. لا تفوت فرصة تذوق:

  • البوراك الوهراني: رقائق محشوة باللحم المفروم أو البطاطا، تُقلى وتُقدم ساخنة كمقبلات.
  • الكسكس باللحم أو السمك: طبق يجمع بين التقاليد واللمسة البحرية الخاصة بالمنطقة.
  • الحريرة: حساء غني يُعد من الأطباق التقليدية خاصة في رمضان.
  • الحلويات: مثل "المقروط" و"الغريبة" التي ترافق الشاي الأخضر بالنعناع في المقاهي الشعبية.

التسوق والحرف التقليدية

وهران ليست فقط مدينة سياحية، بل أيضًا مكان مثالي للتسوق. الأسواق الشعبية مثل "سوق المدينة الجديدة" أو "سوق لاباستي" تعج بالحركة والألوان. ستجد هناك:

ADVERTISEMENT
  • الزرابي اليدوية
  • المجوهرات الفضية التقليدية
  • الخزف والفخار المزخرف
  • الأقمشة المطرزة والمنسوجات المحلية

تجربة التسوق في وهران هي فرصة للانغماس في حياة السكان المحليين والتعرف على عاداتهم وتقاليدهم.

الفعاليات والمهرجانات

وهران مدينة تعشق الفنون والاحتفال. خلال العام، تستضيف العديد من الفعاليات الثقافية التي تجذب الزوار من داخل وخارج الجزائر:

مهرجان الراي الدولي: مناسبة تحتفي بالموسيقى الشعبية بمشاركة فنانين من مختلف الدول.

المهرجان الدولي للفيلم العربي: منصة مهمة لعشاق السينما العربية.

الكرنفالات المحلية: عروض فلكلورية تحتفي بالتراث الوهراني بالأزياء والموسيقى والرقص.

الطبيعة والرحلات الخارجية

لمن يرغب في استكشاف المناطق المحيطة، تقدم وهران خيارات متعددة للرحلات القصيرة:

جبال المرجاجو: مثالية للتنزه والمشي لمسافات طويلة.

ADVERTISEMENT

سيدي بلعباس وتلمسان: على بعد ساعتين فقط، وتوفران فرصًا لاستكشاف مدن أخرى ذات تاريخ وثقافة غنية.

شواطئ بطيوة وعين فرانين: جواهر ساحلية أقل ازدحاماً لمحبي الهدوء والطبيعة.

كيف تصل إلى وهران؟

تتوفر رحلات جوية مباشرة إلى مطار وهران الدولي (أحمد بن بلة) من عدة مدن أوروبية وعربية. كما يمكن الوصول إليها بالقطار أو الحافلات من العاصمة الجزائر أو مدن الشمال.

وسائل النقل داخل المدينة تشمل سيارات الأجرة، الحافلات، وخدمة الترامواي الحديثة، ما يجعل التنقل مريحًا وسهلًا.

الصورة بواسطة habib kaki على wikimedia commons

نصائح للمسافرين

  • اللغة: اللهجة المحلية مزيج من العربية والفرنسية، وغالبًا ما يُفهم السياح بسهولة.
  • الأمان: المدينة آمنة نسبيًا للسياح، مع ضرورة اتخاذ الاحتياطات المعتادة.
  • أفضل وقت للزيارة: الربيع والخريف يقدمان طقسًا معتدلاً مثاليًا للاستكشاف.
ADVERTISEMENT
  • اللباس: وهران مدينة منفتحة، لكن من الأفضل احترام العادات المحلية في اللباس خاصة في الأحياء التقليدية.

تجمع وهران بين عبق التاريخ وسحر البحر وروح الموسيقى، ما يجعلها تجربة لا تنسى لمحبي الرحلات والسفر. إنها مدينة تُغني روحك كما تُمتع حواسك، وتدعوك للعودة إليها مرة تلو الأخرى.

سواء كنت من عشاق الثقافة، أو البحر، أو الطهي المغاربي، فإن وهران سترحب بك بأذرع مفتوحة ونغمة راي لا تُنسى.

أكثر المقالات

toTop