button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

كيف ألهمت أشعار محمود درويش الخالدة الفنانين العرب

ADVERTISEMENT

يصادف 13 مارس / آذار الذكرى الرابعة والثمانين لميلاد أحد أكثر الأصوات الأدبية تأثيرًا في العالم العربي: محمود درويش. ولد في عام 1941 ونشأ في بيت قروي خالٍ من الكتب، وقد ارتقى الأديب الفلسطيني ليصبح شاعر وطنه الوطني.

ناقش شعره العاطفي مواضيع الفقدان والمنفى والحرمان والمقاومة، وهي مواضيع مشحونة استحوذت على قلوب الشعوب العربية ولكنها أدت به إلى السجن، حيث واصل الكتابة.

وطوال مسيرته المهنية الحافلة بالأحداث، ألّف درويش أكثر من 30 ديواناً شعرياً تُرجمت إلى لغات عالمية مختلفة. توفي عام 2008، لكن كتاباته الخالدة لا تزال تؤثر في القراء حتى اليوم.

وقد وصف نفسه ذات مرة بأنه ”نجار الكلمات“، ولا يزال شعر درويش باللغة العربية الفصحى يلامس وترًا حساسًا لدى الناس اليوم، في ظل الظلم المستمر الذي يعاني منه الفلسطينيون والعرب، وهذا بالضبط ما يجعل كتاباته ذات صلة بالموضوع.

أثّر شعر محمود درويش، بموضوعاته العميقة عن المنفى والهوية والمقاومة وحب الوطن، تأثيرًا عميقًا على الفنانين التشكيليين العرب عبر الأجيال. تتجاوز كلماته حدود الأدب، لتصبح مصدر إلهام للرسامين والنحاتين والخطاطين وفناني الوسائط المتعددة الذين يسعون إلى ترجمة عمقه الغنائي إلى شكل بصري. في هذه المقالة نبيّن بعض الطرق التي كان لأعمال درويش صدى في الفن العربي.

ADVERTISEMENT
From wikimedia الشاعر الفلسطيني محمود درويش

1. رمزية المنفى والوطن:

صُوِّرت أفكار درويش المتكررة عن النزوح والحنين إلى فلسطين في استعارات بصرية قوية. يردد فنانون مثل سليمان منصور وناجي العلي صدى مواضيع درويش من خلال صور المفاتيح (التي ترمز إلى حق العودة) وأشجار الزيتون (الصمود) والمناظر الطبيعية المجزأة.

سليمان منصور - ”أنا قادم من هناك“ (1994)

عمل فني: لوحة تصوّر امرأة فلسطينية تحتضن خريطة فلسطين وجسدها يندمج مع أشجار الزيتون والبيوت الحجرية.

العلاقة بدرويش: مستوحاة من قصيدة درويش ”أنا من هناك“، حيث يكتب: ”جئت من هناك ولديّ ذكريات... / تعلمت كل الكلمات وفككتها / لأصنع كلمة واحدة: الوطن...“

يصوّر عمل منصور ثيمات درويش عن الذاكرة، والتجذّر، والهوية المتشظية للمنفى.

ناجي العلي - ”حنظلة ودرويش“ (الثمانينيات، كاريكاتير سياسي)

عمل فني: الفتى اللاجئ الأيقوني حنظلة، وغالباً ما يتم رسمه مع أبيات درويش المكتوبة في الخلفية، والتي ترمز إلى المقاومة الجماعية.

قصيدة مرتبطة: ”أرض تقترفنا“، حيث يكتب درويش: ”إلى أين يجب أن نذهب بعد آخر الحدود؟ / إلى أين يجب أن تحلق الطيور بعد السماء الأخيرة؟

تستخدم كل من رسوم العلي وشعر درويش البساطة سلاحًا للتعبير عن يأس المنفى.

ADVERTISEMENT

2. الفن الخطي وكلمات درويش:

يدمج العديد من الفنانين العرب أبيات درويش مباشرةً في أعمالهم، ويمزجون الشعر بالفن التشكيلي. فقد قام خطاطون مثل حسن مسعودي من العراق بتحويل أبيات درويش إلى لوحات تشكيلية مذهلة، حيث تعكس انحناءات الخط العربي الثقل العاطفي لكلماته. كما قام الفنان الفلسطيني كمال بُلّاطة بتجربة التجريد الهندسي في تجريد هندسي حيث ضمّن شعر درويش في تصاميم حداثية.

From wikimedia الكوفية رمز النضال الفلسطيني – جدارية في سلفيت

حسن مسعودي - خط ”فكّر بالآخرين“ (2010)

عمل فني: قطعة خطية كبيرة الحجم من ”فكّر بغيرك“ لدرويش، حيث تتدفق الحروف العربية كالماء أو السلاسل.

تجسّد ضربات حبر المسعودي الانسيابية إنسانية درويش، حيث تمزج بين الإلحاح والرشاقة.

كمال بُلّاطه - ”اكتب، أنا عربي“ (2000، سلسلة خطية)

عمل فني: تركيبات تجريدية هندسية تجريدية تتضمن قصيدة درويش ”بطاقة هوية“ :

سجل
أنا عربي
ولونُ الشعرِ.. فحميٌّ
ولونُ العينِ.. بنيٌّ
...

أنا من قريةٍ عزلاءَ منسيّهْ
شوارعُها بلا أسماء
وكلُّ رجالها في الحقلِ والمحجرْ،

حيث النص مجزأ ومنعكس كمنشور.

يعكس استخدام بُلّاطه للخط الكوفي والتكرار في النص، تحدّي درويش والهوية الفلسطينية غير القابلة للكسر.

ADVERTISEMENT

3. المقاومة السياسية والذاكرة الجماعية:

ألهمت أبيات درويش المتحدية (”سجّل، أنا عربي“) الفن الاحتجاجي، لا سيما في الجداريات وفن الشارع. وغالبًا ما تدمج حركة الجداريات الفلسطينية، التي نراها في أعمال في جميع أنحاء غزة والضفة الغربية ومخيمات اللاجئين، شعره مع صور الشهداء والخرائط والمقاومة. وتستشهد الفنانة اللبنانية بهية شهاب (التي اشتهرت برسمها لرسومات ”لا“ خلال الربيع العربي) بدرويش كأحد المؤثرين في دمجها للنص والنضال.

بهية شهاب - استنسل ”لا“ (الربيع العربي، 2011)

عمل فني: فن الشارع الذي يدمج كلمات درويش بالشعارات الثورية في القاهرة.

مصدر إلهام: ”لاعب النرد“، حيث يتحدى درويش القدر: ”يحق لي أن أبقى/ آخر من في ساحة المعركة... مهزومًا“.

إن نضال شهاب يستلهم نضال درويش في رفض الاستسلام للسرديات.

4. تكريم الوسائط المتعددة والتجريبية:

أعاد الفنانون المعاصرون تخيل شعر درويش من خلال الوسائط الرقمية والأعمال التركيبية. أشارت إيميلي جاسر، وهي فنانة مفاهيمية فلسطينية، إلى درويش في عملها ”نصب تذكاري لـ 418 قرية فلسطينية“، حيث تتداخل كلماته مع المحو التاريخي. أما فيلم الخيال العلمي ”في المستقبل، أكلوا من أرقى أنواع الخزف“ للمخرجة لاريسا صنصور، فيستمد من موضوعات درويش عن الذاكرة والسرد.

ADVERTISEMENT
From wikimedia أثّر درويش في الكثير من الفنانين

إيميلي جاسر - ”نصب تذكاري لـ 418 قرية فلسطينية“ (2001، عمل تركيبي)

عمل فني: خيمة مطرّزة بأسماء القرى الفلسطينية المدمّرة، مع همس شعر درويش في تسجيلات.

مرجع شعري: "على هذه الأرض ما يستحق الحياة".

عمل جاسر، مثل شعر درويش، يؤرشف الفقدان مع الإصرار على الحضور.

لاريسا صنصور - ”في المستقبل، أكلوا من أرقى أنواع الخزف“ (2015، فيلم)

عمل فني: فيلم خيال علمي قصير حيث يدفن الثوار الفلسطينيون الخزف لتلفيق دليل أثري على وجودهم.

صدى درويش: تعكس فكرة الفيلم فكرة فيلم ”جندي يحلم بالزنابق البيضاء“ لدرويش، حيث تتحول الذاكرة إلى سلاح: ”سأظل أنحت صخرة الغياب/ حتى ينفجر وريد المنفى“.

تتوازى صور صنصور السريالية مع استخدام درويش للأسطورة لمواجهة المحو.

5. البورتريهات وفن التكريم:

أصبح درويش نفسه أيقونة، حيث خُلدت صوره في بورتريهات لفنانين مثل هاني زوروب ومالك سجاد (المعروف بروايته المصورة ”منو“). تجسّد هذه الأعمال نظرته الاستبطانية، وغالباً ما تكون محاطة بشذرات من أشعاره أو رموز فلسطين.

From wikimedia متحف محمود درويش في رام الله

هاني زوروب - سلسلة ”الجدار“ (2010، لوحات)

عمل فني: لوحات مختلطة الوسائط لأجساد ممزقة وأسلاك شائكة، مع تراكب خط يد درويش.

ADVERTISEMENT

قصيدة ”تحت الحصار"، كُتبت خلال حصار رام الله عام 2002: ”هنا على منحدرات التلال، في مواجهة الغسق ومدفع الزمن... / نفعل ما يفعله الأسرى: نزرع الأمل“.

يعكس نسيج زوروب الفوضوي في قصيدة ”زوروب“ صور درويش الفوضوية في ظل الاحتلال.

الخاتمة:

إن شعر درويش لا يُقرأ فقط - بل يُرى ويُحس ويُعاش من خلال الفن. لا تزال كلماته تغذي المقاومة الإبداعية، وتقدم للفنانين العرب لغة الجمال والتحدي. وكما كتب: ”كل قصيدة جميلة هي فعل مقاومة“. وبالمقابل، فإن كل ضربة أو منحوتة أو قطعة رقمية مستوحاة منه تحمل هذه المقاومة إلى الأمام.

المزيد من المقالات