button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

هل يمكن استرجاع الذكريات من دماغ إنسان ميت؟ العلماء يبحثون في هذا الاحتمال المذهل

ADVERTISEMENT

الدماغ البشري عضو معقد قادر على تخزين كم هائل من المعلومات على مدار الحياة. ولكن ماذا يحدث لهذه الذكريات بعد الموت؟ هل يمكن للعلم يوماً ما استخلاص أفكار وتجارب شخص متوفى؟ قد يبدو الأمر ضرباً من الخيال العلمي، إلا أن باحثين من تخصصات متعددة، بما في ذلك علم الأعصاب والذكاء الاصطناعي وعلم الأحياء بالتبريد، يبحثون في هذا الاحتمال. يستكشف هذا المقال آليات تخزين الذكريات، وتحديات استرجاعها بعد الوفاة، والجهود العلمية السابقة والحالية، والآثار المستقبلية لاستخلاص الذكريات من الموتى. يثير احتمال استرجاع الذكريات بعد الوفاة أسئلة فلسفية وأخلاقية وتكنولوجية عميقة تدفع حدود فهم الحياة والوعي.

from www.nih.gov تسجيل نشاط أدمغة المشاركين أثناء مشاهدتهم لمقاطع الفيديو، وملاحظة مجموعتين متميزتين من الخلايا التي استجابت لأنواع مختلفة من الحدود من خلال زيادة النشاط
from static.toiimg.com الدماغ والذاكرة
from cdn.mos.cms.futurecdn.net تفكيك شيفرة الدماغ واسترجاع ذكريات؟
from images.jpost.com تسجيل عمليات الدماغ

1. آليات وظيفة الدماغ البشري وتكوين الذاكرة.

يُشفّر الدماغ الذكريات ويخزنها ويستعيدها من خلال شبكة من الخلايا العصبية والمشابك العصبية والناقلات العصبية. يشمل تكوين الذاكرة مناطق دماغية متعددة، بما في ذلك الحصين، واللوزة الدماغية، والقشرة المخية الحديثة. تشير الدراسات العصبية الحيوية إلى أن الذكريات تُشفَّر عبر اللدونة المشبكية، حيث تُسهِّل التغيرات في قوة المشبك التخزين طويل الأمد. وتدعم هذه العملية النشاط الكهربائي والتغيرات الكيميائية الحيوية التي تُقوِّي المسارات العصبية.

ADVERTISEMENT

تُصنَّف الذكريات إلى أنواع مختلفة:

الذاكرة قصيرة المدى: تحتفظ بكميات صغيرة من المعلومات لفترات وجيزة.

الذاكرة طويلة المدى: تخزن المعلومات لفترات طويلة، وتنقسم إلى ذاكرة تقريرية (صريحة) وذاكرة إجرائية (ضمنية).

الذاكرة العرضية: تخزن التجارب والأحداث الشخصية.

الذاكرة الدلالية: تحتوي على معارف وحقائق عامة.

الذاكرة الإجرائية: تُنظِّم المهارات والعادات، مثل ركوب الدراجة.

إحصائيات رئيسية:

• يحتوي دماغ الإنسان على ما يقرب من 86 مليار خلية عصبية، تُشكِّل كل منها آلاف الوصلات المشبكية.

• تُقدّر الدراسات أن سعة الذاكرة البشرية قد تصل إلى 2,5 بيتابايت، أي ما يعادل ثلاثة ملايين ساعة من التسجيلات التلفزيونية .

2. الطبيعة الديناميكية أم الساكنة للذكريات البشرية.

يُطرح سؤالٌ حاسمٌ في استرجاع الذاكرة، وهو: هل تبقى الذكريات ثابتة (ساكنة) بعد الموت أم تتدهور بمرور الوقت (ديناميكية). في حين تُشير بعض النظريات إلى أن الذكريات تبقى في الهياكل العصبية بعد الوفاة، فإن التحلُّل وفقدان سلامة التشابكات العصبية يُشكّلان تحدياً للاستقرار طويل الأمد. يحاول الحفظ بالتبريد مُواجهة هذا التدهور عن طريق تجميد أنسجة المخ، إلا أن نجاح هذه الطريقة لا يزال قيد التكهنات.

ADVERTISEMENT

يُجادل بعض العلماء بأن الذكريات تُشفّر في التغيرات الهيكلية في الدوائر العصبية والتعديلات الكيميائية الحيوية في التشابكات العصبية. إذا بقيت هذه الهياكل سليمة لفترة كافية، فقد تُتاح فرصةٌ لاستخراج المعلومات قبل بدء التحلُّل. من ناحيةٍ أخرى، يُجادل المُتشككون بأنه بدون نشاط كهروكيميائي مُستمر، لا يُمكن استرجاع الذكريات بأي طريقةٍ ذات معنى.

السياق التاريخي:

تعود جهود فهم ثبات الذاكرة إلى القرن التاسع عشر، مع رواد مثل هيرمان إبينغهاوس (Hermann Ebbinghaus)، الذي درس الاحتفاظ بالذاكرة والنسيان. وفي الآونة الأخيرة، أعادت التطورات في علم التوصيلات العصبية - وهو مجال يرسم خرائط للوصلات العصبية - إحياء الاهتمام بحفظ الذاكرة.

3. التخصصات العلمية المتعلقة باسترجاع الذاكرة.

تتطلب استعادة الذكريات من الموتى تعاوناً بين مجالات علمية متعددة:

• علم الأعصاب (يدرس وظائف الدماغ وترميز الذاكرة)،

• المعلوماتية العصبية (تُحلِّل بيانات الدماغ باستخدام الذكاء الاصطناعي والحوسبة)،

• علم الأحياء بالتبريد (يدرس تقنيات حفظ الأنسجة)،

• علم الأحياء الكمومي (يبحث في التأثيرات الكمومية المحتملة في العمليات العصبية)،

• التحليل الكيميائي الحيوي (يستكشف البنى الجزيئية المشاركة في تخزين الذاكرة)،

ADVERTISEMENT

• واجهات الدماغ والحاسوب (تدرس إشارات الدماغ لاستخراج الذاكرة الرقمية المحتملة).

تهدف هذه الجهود متعددة التخصصات إلى رسم خرائط الذكريات وحفظها وفك تشفيرها بدقة أكبر من أي وقت مضى.

4, أدوات استرجاع الذاكرة وطرائقها.

يتطلب استرجاع الذاكرة بعد الوفاة تقنيات متقدمة، تشمل:

• التصوير الوظيفي للدماغ (التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني) لتحليل البنى العصبية قبل الوفاة وبعدها.

• رسم خرائط التوصيلات العصبية من خلال المجهر الإلكتروني وخوارزميات الذكاء الاصطناعي.

• نماذج محاكاة الدماغ التي تحاول إعادة بناء المسارات العصبية للأفراد المتوفين.

• التحليل الجزيئي لتحديد العلامات البيوكيميائية المستقرة للذاكرة.

• الحفظ بالتبريد والتثبيت الكيميائي للحفاظ على البنى العصبية لفترات طويلة.

• خوارزميات الذكاء الاصطناعي والتعلُّم الآلي لمحاكاة أنماط نشاط الدماغ وتفسيرها.

• يستكشف العلماء أيضاً إمكانات الأجهزة العصبية الاصطناعية المتقدمة القادرة على مسح خرائط السلامة الهيكلية للأدمغة المحفوظة ورسمها.

5. محاولات في استرجاع الذاكرة وتحدياته.

تجارب أولية:

• منحت مؤسسة الحفاظ على الدماغ جوائز للنجاح في حفظ هياكل الدماغ، مما يشير إلى إمكانية الاحتفاظ بالذاكرة.

ADVERTISEMENT

• نقلت التجارب التي أُجريت على الديدان الخيطية (الديدان الصغيرة) السلوكيات المكتسبة من خلال حقن الحمض النووي الريبي (RNA)، مما يُشير إلى أن آليات تشفير الذاكرة تتجاوز مجرد الشبكات العصبية.

• أشارت الدراسات التي أُجريت على نشاط الدماغ بعد الوفاة لدى بعض الحيوانات إلى حدوث اندفاعات قصيرة في الوظيفة العصبية، على الرغم من عدم تحقيق أي استخلاص للذاكرة حتى الآن.

التحديات:

التحلُّل: يَحدُّ التحلُّل السريع للأنسجة العصبية من إمكانية الاسترجاع.

التعقيد المشبكي: على عكس البيانات المخزنة رقمياً، تتشابك الذاكرة البشرية مع العواطف والسياق، مما يجعل استخلاصها البسيط أمراً صعباً.

مخاوف أخلاقية: يثير احتمال استخراج الذكريات بعد الوفاة قضايا تتعلق بالخصوصية والموافقة.

نقص النشاط الكهربائي: يُعقّد غياب الإشارات العصبية بعد الوفاة إمكانية استرجاع الذكريات.

6. الآثار المتوقعة لاسترجاع الذكريات.

إذا أصبح استخراج الذكريات قابلاً للتطبيق، فقد يُحدث ثورة في العديد من المجالات:

التطبيقات القانونية: حل الجرائم باستخدام ذكريات الضحايا.

التوثيق التاريخي: حفظ التجارب المعاشة لشخصيات بارزة.

دراسات الذكاء الاصطناعي والوعي: تعزيز الذكاء الاصطناعي بذكريات بشرية حقيقية.

ADVERTISEMENT

اقتصاديات استرجاع الذكريات: قد تبلغ قيمة قطاع استرجاع الذكريات الناشئ مليارات الدولارات، وهو ما يُضاهي قطاع واجهة الدماغ والحاسوب، والذي من المتوقع أن يتجاوز 3 مليارات دولار بحلول عام 2027 .

الاعتبارات الفلسفية والدينية: إثارة تساؤلات عميقة حول الهوية، والحياة الآخرة، والوعي البشري.

7. التقدم والصعوبات ومستقبل استرجاع الذاكرة.

التقدم الأخير:

• بدأت عمليات محاكاة الدماغ المدعومة بالذكاء الاصطناعي بإعادة بناء أنماط التفكير.

• يجري استكشاف تقنية الغبار العصبي لمراقبة نشاط الدماغ على المدى الطويل.

• أطالت التطورات في مجال التبريد العميق مدة حفظ الجثث بعد الوفاة.

• أظهرت أبحاث تجميد الأعضاء إمكانية حفظ أنسجة الدماغ بالكامل.

القيود:

• يتجاوز الحجم الهائل للبيانات المخزنة في الدماغ القدرات الحسابية الحالية.

• لا تزال الجوانب العاطفية والحسية للذكريات غامضة.

• المخاوف الفلسفية المتعلقة بالهوية والأصالة.

• القيود القانونية والأخلاقية على التجارب البشرية.

الآفاق المستقبلية:

• قد يحمل المستقبل إنجازات في الحوسبة الكمومية والبيولوجيا التركيبية، مما قد يتغلب على العقبات الحالية. ستكون الأطر الأخلاقية حاسمة في إدارة كيفية استرجاع الذكريات وتوقيتها واستخدامها. إذا تطورت التكنولوجيا بما يسمح باستخراج ذكريات ما بعد الوفاة بشكل هادف، فقد يُعيد ذلك تعريف الهوية الشخصية وفهم الوعي نفسه.

ADVERTISEMENT
from library.oapen.org كتاب التذكُّر والنسيان عند الموتى

الخلاصة.

في حين أن استخراج الذكريات من المتوفى لا يزال قيد التخمين، يواصل البحث العلمي توسيع آفاق الإمكانيات. سواءً من خلال تقنيات الحفظ المُحسّنة، أو إعادة البناء بمساعدة الذكاء الاصطناعي، أو فك التشفير الكهربائي الحيوي، فإن استرجاع الذاكرة قد يُعيد تعريف فهم الحياة والموت والوعي. ومع ذلك، فإن التحديات الأخلاقية والتقنية والفلسفية تضمن بقاء هذا المجال أحد أكثر المجالات العلمية تعقيداً في القرن الحادي والعشرين.

المزيد من المقالات